مقال

الدكرورى يكتب عن شهر العزة والنصر والتمكين” جزء 7″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن شهر العزة والنصر والتمكين” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع مع شهر العزة والنصر والتمكين، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يدعوا ربه حتى سقط ردائه فقال له أبوبكر حسبك يا رسول الله فقد ألححت على ربك فجاءه نصر الله وحدثت له المعجزات العظيمة والنصر المبين حيث ألقى الله على عدوهم النعاس والنوم والخذلان، وقذف في قلوبهم الرعب وأخذ حفنة من الحصباء فاستقبل بها قريشا فرماهم بها في وجوههم وقال شاهت الوجوه فما من أحد من المشركين إلا أصابته تلك الحصباء فقال تعالى كما جاء فى سورة الأنفال ” وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ” وأنزل الله مع المسلمين ملائكته يقاتلون معهم ويربطون على قلوبهم ويثبتون أقدامهم حتى نصرهم الله على عدوهم وقتل في هذه الغزوة معظم رؤوس الشرك وأغلب قادة الكفر، فيقول تعالى كما جاء فى سورة الأنفال ” إذ يوحى ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقى فى قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان”

 

وولى شياطين والجن فى ذلك اليوم هاربين مذعورين خائفين لا يألون على شيء وانسحبوا مذعورين مهزومين صاغرين فركب المسلمون ظهورهم يقتلون فيهم ويأسرون منهم وانتهت المعركة بنصر عظيم مبين للمسلمين وهزيمة ساحقة للمشركين والكافرين، فيقول تعالى كما جاء فى سورة الأنفال ” وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إنى بريء منكم إنى أرى ما لا ترون إنى أخاف الله والله شديد العقاب” وهكذا فإن التفسير الإسلامى للتاريخ منبثق من تصور الإسلام للكون، والحياة، والإنسان، فهو يقوم على الإيمان بالله تعالى وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، من الله تعالى فهو لا يخرج عن دائرة المعتقدات الإسلامية، كما أنه مبنى على دوافع السلوك في المجتمع الإسلامي الأول.

 

مما يجعل حركةَ التاريخ الإسلامي ذات طابع متميز عن حركة التاريخ الإسلامي العالمى لأثر الوحى الإلهى فيه، وتمر الأيام ويأتى رمضان جديد على المسلمين سنة ثلاثة وخمسين من الهجرة، وتفتح فيه جزيرة رودس فى البحر الأبيض المتوسط، فقد أرسل إليها أمير المؤمنين الصحابى الجليل معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنه أحد التابعين الأبرار لفتحها، وهو جنادة بن أبى أمية الأزدى من قبيلة الأزد اليمنية، ولم يؤخر المسلمون القتال إلى ما بعد رمضان، مع الصعوبة الشديدة لقتال البحر، وفي الحديث عن أبى الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله قال ” غزوة فى البحر خير من عشر غزوات فى البر ومن أجاز البحر فكأنما أجاز الأودية كلها” فلم يُؤخروا الجهاد لأن الجهاد لا يُؤخر، والمسلمون في جهاد دائم لذلك لم ينتظروا انتهاء رمضان.

 

بل منَّ الله عليهم بفتح الجزيرة في رمضان سنة ثلاثة وخمسين من الهجرة، ويتسلسل بنا التاريخ لنصل إلى رمضان سنة واحد وتسعين من الهجرة ليفتح المسلمون أولى صفحاتهم فى سفر الأندلس الضخم، فى رمضان حيث تنزل الفرقة الاستكشافية المسلمة التي أرسلها موسى بن نصير رحمه الله بقيادة طريف بن مالك لاستكشاف الأندلس، وفي رمضان سنة اثنين وتسعين من الهجرة يلتقي المسلمون وهم إثنتى عشر ألف رجل بقيادة طارق بن زياد بمائة ألف إسبانى صليبى بقيادة رودريك أو في الروايات العربية يسمونه لوذريق، وكانت معركة هائلة داخل أرض الإسبان وفي عقر دارهم، والفارق هائل فى العدد، ومع ذلك انتصر المسلمون فيها، وقد استمرت ثمانية أيام متصلة ليبدأ المسلمون قصة طويلة في الأندلس استمرت أكثر من ثمانى مائة سنة، وهذا الانتصار الباهر كان فى رمضان سنة اثنين وتسعين من الهجرة.

 

وذلك فى فتح الأندلس أو موقعة وادى برباط، فهى معجزة عسكرية بكل المقاييس، تغير على إثرها كل تاريخ المنطقة في شمال إفريقيا وفى غرب أوربا، بل تاريخ أوربا كله، ولقد كان من أهم الغزوات التي سجلها التاريخ الإسلامى خلال شهر رمضان المبارك، هى غزوة بدر الكبرى فى السنة الثانية من الهجرة فى اليوم السابع عشر من شهر رمضان المبارك، وفى السنة الثانية من الهجرة النبوية الشريفة، دارت رحى معركة فاصلة بين الإسلام والكفر، بين الإيمان والطغيان، بين حزب الله وحزب الشيطان، تلكم هي غزوة بدر الكبرى، إنها موقعة فاصلة فى تاريخ الإسلام والمسلمين، بل فى تاريخ البشرية كلها إلى يوم الدين، إنها معركة الفرقان، فيقول تعالى فى سورة الأنفال ” إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شئ قدير”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى