مقال

الدكرورى يكتب عن شهر العزة والنصر والتمكين” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن شهر العزة والنصر والتمكين” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع شهر العزة والنصر والتمكين، فإن رمضان شهر الانتصارات والتمكين للدين ففى السنة الثالثة عشر من الهجرة حدث فى منتهى الأهمية، إذ استطاع المسلمون في موقعة البويب بقيادة البطل الإسلامي الفذ المثنى بن الحارثة، وكان عدد المسلمين في هذه الموقعة ثمانية آلاف فقط، والفرس مائة ألف بقيادة مهران وهو من أعظم قوَّاد الفرس، وتم اللقاء في الأسبوع الأخير من شهر رمضان فى السنة الثالثة عشر من الهجرة ودارت موقعة من أشد مواقع المسلمين، أمر فيها المثنى جنوده أن يُفطروا ليتقووا على قتال عدوهم، اقتدى بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم فى فتح مكة، وثبت المسلمون ثباتا عجيبا، وأبلى المثنى وبقية الجيش بلاء حسنا، وتنزلت رحمات الله وبركاته على الجيش الصابر، فانتصر المسلمون انتصارا رمضانيا هائلا، وترى كم من الفرس قتل في هذه الموقعة؟

 

فلقد فنى الجيش الفارسى بكامله فى هذه الموقعة، فتجاوز القتلى تسعين ألف فارس من أصل مائة ألف، فكانت هزيمة مروعة للجيش الفارسي بعد شهر واحد من هزيمة المسلمين في موقعة الجسر، ولنفكر ونتدبر كيف لثمانية آلاف أن يهزموا أكثر من تسعين ألف، وفي عدة أضعف من عدتهم، وفى عقر دارهم، فكيف يحدث هذا؟ لن تعرف تفسيرها أبدا إلا أن تقول كما قال الله تعالى فى سورة الأنفال ” فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم”هذا هو التفسير الوحيد لهذه الموقعة، التي لا تنسى فى التاريخ الإسلامى، وفي العاشر رمضان السادس من أكتوبر لعام ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعون عبر الجيش المصرى قناة السويس وحطم خط بارليف وألحق الهزيمة بالقوات الصهيونية، فى يوم من أيام العرب الخالدة التى سطرها التاريخ فى أنصع صفحاته بأحرف من نور.

 

ففي هذا اليوم وقف التاريخ يسجل مواقف أبطال حرب أكتوبر الذين تدفقوا كالسيل العرم يستردون أرضهم، ويستعيدون كرامتهم ومجدهم فهم الذين دافعوا عن أرضهم وكافحوا في سبيل تطهيرها وإعزازها، فضربوا بدمائهم وحفظوا لأنفسهم ذكرا حسنا لا ينقطع، وأثرا مجيدا لا يمحى، هؤلاء الأبطال الذين خشعت لذكرهم الأصوات، وأجمعت على فضلهم القلوب، لأنهم قضوا نحبهم لحفظ مجد مغتصب، ولطلب حق مسلوب، ذلك اليوم المجيد من أيام التجلى الأعظم، وقف الله فيه مع جنوده المخلصين يشد أزرهم، ويقوى عزائمهم، ويثبت أقدامهم، ويرد كيد عدوهم، ويقذف فيه بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، فبعد أن احتل اليهود سيناء الحبيبة والجولان والضفة والقدس وغزة في الخامس من يونيو عام ألف وتسعمائة وسبعة وستين أخذوا يتغنون بأسطورة جيشهم الذى لا يقهر.

 

لكن مصر نجحت في إعادة بناء جيشها وجهزته بالعتاد وخيرة جنود الأرض، وبالتخطيط الجيد مع أشقائها العرب وبإرادة صلبة قوية وإيمان قوى عظيم وبخطة دقيقة محكمة فاجأت إسرائيل والعالم كله الساعة الثانية بعد الظهر، وانطلقت أكثر من مائتان وعشرون طائرة تدك خط بارليف الحصين ومطارات العدو ومراكز سيطرته، وفى نفس الوقت سقطت أكثر من عشرة آلاف وخمسمائة دانة مدفعية وتعالت صيحات الله أكبر، وتم عبور القناة واقتحام حصون العدو وتحطيمها واندحر العدو وهزم شر هزيمة، ورجعت أرض سيناء كاملة بعد ذلك نتيجة لهذه الحرب المجيدة، فى هذا الشهر العظيم، شهر عزة المسلمين والذلة لأعداء الحق أعداء الدين، أما عن جهاد صلاح الدين الأيوبى فإنه ما كان يفرق بين رمضان وبين أى شهر من شهور السنة، فكل الشهور عنده جهاد، وليست هناك راحة.

 

فما أن انتهى من حطين وفتح بيت المقدس اتجه مباشرة إلى حصار صور فى التاسع من رمضان سنة خمسمائة وثلاثة وثمانون من الهجرة، فكانت معارك متصلة فى كل شهر إلى أن حرَّر صفد في رمضان سنة خمسمائة وأربعه وثمانون من الهجرة، بعد سنة من حطين وعندما كان بعض الوزراء يعرضون عليه تأجيل القتال بعد شهر الصوم، كان يرفض ويصر على الجهاد، وفى الخامس والعشرين من رمضان سنة ستمائة وخمسه وثمانون من الهجرة، حدثت الموقعة التي هزَّت الأرض بكاملها موقعة عين جالوت، وفيها كان الانتصار الإسلامى الباهر بقيادة سيف الدين قطز على جحافل التتار، وكانت جيوش التتار تنتصر على جيوش المسلمين انتصارات متتالية بلا هزائم ولسنوات عديدة، مذابح من أبشع مذابح التاريخ، إبادة لكل ما هو حضارى، تدمير لكل شيء في البلاد الإسلامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى