مقال

الدكرورى يكتب عن شهر العزة والنصر والتمكين” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن شهر العزة والنصر والتمكين” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع شهر العزة والنصر والتمكين، وإننا نلاحظ شيئا عجيبا جدا بعد هذه الرحلة التاريخية في رمضان، فقد انتصر المسلمون تقريبا على كل الفرق المعادية للإسلام فى شهر رمضان، فقد انتصرنا على المشركين فى بدر وفتح مكة، وانتصرنا على الفرس عُبَّاد النار في البويب، وانتصرنا على الصليبيين في وادى برباط فى الأندلس، وأيام صلاح الدين في فتح صفد، وانتصرنا على التتار في عين جالوت، وكذلك حرب التحرير العظيمة التي حدثت في العاشر من رمضان التي اشتهرت بحرب السادس من أكتوبر سنة ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعون فتحررت سيناء، وهو انتصار مجيد، فالحواجز التى عبرها الجيش المصرى تدخل فى عداد المعجزات العسكرية، والروح الإيمانية كانت مرتفعة جدا عند الجيش وعند الشعب، فكانت النزعة والتربية الإسلامية فى الجيش ملموسة وواضحة.

 

ونداء الله أكبر كان يخرج من قلب كل مسلم، والوحدة الإسلامية كانت فى أبهى صورها، كل هذا دفع إلى النصر، وللأسف عندما بدأ الشعب يتغير وبدأت كلمة أنا، تعلو بديلا عن كلمة الله عز وجل، وبدأت مقولة أنا فعلت، بدلا من الله فعل، ولما حدث هذا حدثت الثغرة، وبدأ التأزم فى الموقف، لكن على كل حال كان نصر رمضان نصرا باهرا، وكان دفعة قوية ليس لمصر وسوريا فقط، بل لشعوب مسلمة كثيرة على وجه الأرض، إذن لا يوجد عدو من أعداء الإسلام إلا وحاربناه وانتصرنا عليه في رمضان سواء كانوا مشركين أو صليبيين أو تتارا أو فرسا أو يهودا، ولا يأتى رمضان إلا ونتذكر هذه الانتصارات، وهذه نعمة عظيمة مَنَّ الله عز وجل بها علينا لنظل نتذكر الجهاد والانتصار إلى يوم القيامة، أما فى السنة الثامنه من الهجرة فكان الموعد مع حدث من أهم أحداث التاريخ.

 

إنه فتح مكة، وهو اللقاء الأخير والفيصل مع مشركى قريش فقد خرج الرسول صلى الله عليه وسلم وجيش المؤمنين من المدينة المنورة قاصدا مكة فى العاشر من رمضان فى السنة الثامنه من الهجرة وفتحها فى اليوم الواحد والعشرين من رمضان، وإن الموقف فى فتح مكة مختلف عن بدر، ففى غزوة بدر كان الخروج فى رمضان على غير اختيار المؤمنين لأن القافلة المشركة بقيادة أبى سفيان جاءت فى ذلك التوقيت فخرجوا لها، لكن الخروج فى فتح مكة كان بتخطيط وتدبير من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن المؤمنين، فكان من الممكن أن يؤخروا الخروج ثلاثة أسابيع فقط ليخرجوا فى شوال بعد انتهاء رمضان، وكان من الممكن أن يقول بعضهم نستفيد بالصيام والقيام وقراءة القرآن، ونؤخر الجهاد ثلاثة أسابيع فقط، لكن كل هذا لم يحدث، وحتى تكون أشهر رمضان المقبلة .

 

كتلك الماضية بسجلاتها الذهبية لا بد لنا من الاعتصام بحبل الله لأن قوتنا في اعتصامنا بحبل الله المتين، فيقول تعالى كما جاء فى سورة آل عمران ” إن ينصركم الله فلا غالب لكم، وإن يخذلكم فمن ذا الذى ينصركم من بعده، وعلى الله فليتوكل المؤمنون” فكان يوم الجمعة يوم السابع عشر من رمضان هو يوم الفرقان، هذا اليوم التقى الجمعان ووقعت أول معركة فى الإسلام وحدثت أول غزوة بين المسلمين وبين الكفار، وفى هذا اليوم وقعت المعركة الكبرى والغزوة العظمى بين الحق والباطل بين الشرك والتوحيد بين الإسلام والجاهلية، وكان سبب الغزوة هو قافلة لقريش، قريش التى طردت المسلمين من مكة واضطرتهم إلى الهجرة إلى المدينة، قريش التى استحوذت على أموال المسلمين المهاجرين من مكة إلى المدينة، قريش التي استضعفت المسلمين وحاصرتهم تحركت قافلتها.

 

التي تضم ألف بعير محملة بالبضائع من الشام إلى مكة، وإنها فرصة المسلمين لقهر قريش وإذلالها وتمريغ أنفها في التراب وفرصة لهم لاسترجاع جزءا من أموالهم التي استولت عليها قريش واستحوذت عليها في مكة، ولكن العجيب في الأمر والسؤال الذي يطرح نفسه كيف عرف المسلمون تحركات القافلة؟ وما يدريهم بتفاصيلها؟ فإن هذا يدلنا على أن القائد الأعلى للمسلمين صلى الله عليه وسلم كان يقظا متابعا عارفا بتحركات المشركين راصدا لأخبارهم لديه استطلاعات قوية واستخبارات عسكرية وسرايا استكشافية توصل له الأخبار وترصد له تحركات العدو فصلى الله عليك يا رسول الله، كنت المثل الأعلى في العبادة والقائد الأعلى في الحرب والرجل الأسمى في تسيير شئون الدولة الإسلامية من كل نواحيها، فيقول الله عز وجل كما جاء فى سورة الفتح ” محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى