مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن عبد البر ” جزء 4″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن عبد البر ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الرابع مع الإمام إبن عبد البر، علم أن الله عز وجل لم يعرفه واحد منهم إلا بتصديق النبيين بأعلام النبوة ودلائل الرسالة لا من قبل حركة ولا من باب الكل والبعض، ولا من باب كان ويكون، ولو كان النظر في الحركة والسكون عليهم واجبا، وفي الجسم ونفيه والتشبيه ونفيه لازما ما أضاعوه، ولو أضاعوا الواجب ما نطق القرآن بتزكيتهم وتقديمهم، ولا أطنب في مدحهم وتعظيمهم، ولو كان ذلك من عملهم مشهورا أو من أخلاقهم معروفا لاستفاض عنهم ولشهروا به كما شهروا بالقرآن والروايات، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ينزل ربنا تبارك وتعالي كل ليلة إلي السماء الدنيا” متفق عليه، عندهم مثل قول الله عز وجل في سورة الأعراف” فلما تجلي ربه للجبل” ومثل قوله تعالي في سورة الفجر ” وجاء ربك والملك صفا صفا” كلهم يقول ينزل ويتجلى ويجيء بلا كيف.

 

لا يقولون كيف يجيء وكيف يتجلى وكيف ينزل ولا من أين جاء ولا من أين تجلى ولا من أين ينزل لأنه ليس كشيء من خلقه، وتعالى عن الأشياء، ولا شريك له” ويرد مرة أخرى على من يتهمون متبعي هذا المنهج بأنهم مُشبهة فيقول “ومحال أن يكون من قال عن الله ما هو في كتابه منصوصا مشبها إذا لم يكيف شيئا وأقر أنه ليس كمثله شيء” ويقول أيضا “الله عز وجل في السماء على العرش فوق سبع سموات كما قالت الجماعة خلافا للمعتزلة والجهمية في قولهم إن الله عز وجل في كل مكان، وليس على العرش، وأما ادعاؤهم المجاز في الاستواء، وقولهم في تأويل استوى استولى فلا معنى له لأنه غير ظاهر في اللغة، ومعنى الاستيلاء في اللغة المغالبة، والله لا يغالبه ولا يعلوه أحد، وهو الواحد الصمد، ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته حتى تتفق الأمة أنه أريد به المجاز.

 

إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك، وإنما يوجه كلام الله عز وجل إلى الأشهر والأظهر من وجوهه ما لم يمنع من ذلك ما يجب له التسليم، ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبارات، وجل الله عز وجل عن أن يخاطب إلا بما تفهمه العرب في معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين، والاستواء معلوم في اللغة ومفهوم، وهو العلو والارتفاع على الشيء والاستقرار والتمكن فيه” وقال أيضا “الله عز وجل في السماء على العرش من فوق سبع سماوات، وعلمه في كل مكان كما قالت الجماعة أهل السنة أهل الفقه والأثر” وقال “وأما قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث” ينزل ربنا تبارك وتعالي كل ليلة إلي السماء الدنيا” فقد أكثر الناس التنازع فيه والذي عليه جمهور أئمة أهل السنة أنهم يقولون ينزل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

ويصدقون بهذا الحديث ولا يكيفون، والقول في كيفية النزول كالقول في كيفية الاستواء والمجيء، والحجة في ذلك واحدة” وقال إبن عبد البر مقررا أن القرآن كلام الله “والذي عليه جماعة أهل السنة أنه لم يزل بصفاته وأسمائه، ليس لأوليته ابتداء ولا لآخريته انقضاء، وهو على العرش استوى، والشهادة بأن محمدا عبده ورسوله وخاتم أنبيائه حق، وأن البعث بعد الموت للمجازاة بالأعمال والخلود في الآخرة لأهل السعادة بالإيمان والطاعة في الجنة ولأهل الشقاوة بالكفر والجحود في السعير حق، وأن القرآن كلام الله، وما فيه حق من عند الله يجب الإيمان بجميعه واستعمال محكمه” وقال الإمام ابن عبد البر تعليقا على حديث “أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق” وهو في الاستعاذة بكلمات الله أبين دليل على أن كلام الله منه تبارك اسمه وصفة من صفاته، ليس بمخلوق لأنه محال أن يُستعاذ بمخلوق.

 

وعلى هذا جماعة أهل السنة والحمد لله” وقال “وفي هذا الحديث دليل على أن كلام الله عز وجل غير مخلوق لأنه لا يستعاذ بمخلوق” وقال”وفيه دليل على أن كلمات الله غير مخلوقة لأنه لا يستعاذ بمخلوق، والقرآن كلامه جل جلاله” وكما يقول ابن عبد البر بالعمل بخبر الواحد في الأصول والفروع وقبوله متى صحّ، وانتصر لهذا القول وكتب فيه كثيرا وله فيه كتاب مستقل، اسمه “الشواهد في إثبات خبر الواحد” كما ذكر الذهبي في ترجمته، ونقل الإجماع على ذلك، وقال ابن عبد البر “وأجمع أهل العلم من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل وإيجاب العمل به إذا ثبت ولم ينسخه غيره من أثر أو أجماع، على هذا جميع الفقهاء في كل عصر من لدن الصحابة إلى يومنا هذا، إلا الخوارج وطوائف من أهل البدع، شرذمة لا تعد خلافا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى