مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن عبد البر ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن عبد البر ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثاني مع الإمام إبن عبد البر، ومن أشهر أصحابه الإمام علي بن حزم الأندلسي، الذي يعرف بكونه إماما متقنا ومتبحرا، وهكذا تولى ابن عبد البر قضاء أشبونة وشنترين في فترة حكم المظفر بن الأفطس في بطليوس، ثم انتقل إلى شرق الأندلس، وأقام في بلنسية ودانية، لطلب العلم، فأدرك الكبار، وعلا سنده، وجمّع، ووثق، وصنف، وسمع لعلمه الكثير من العلماء، وفاته السماع من أبيه محمد، الذي عرف بكونه فقيها متهجدا وعابدا، كما أنه توفي في عام ثلاثمائة وثمانين من الهجرة عن عمر يناهز خمسين عاما، وبرع ابن عبد البر في في علوم الحديث والرجال والقراءات والخلاف في الفقه وكان ابن عبد البر في بدايته ظاهريا، ثم تحول إلى المالكية مع ميل إلى فقه الشافعي في مسائل، وألف الكثير من التصانيف والكتب في مختلف العلوم ومنها التمهيد لما في الموطأ من المعاني.

 

 

والأسانيد الذي قال عنه ابن حزم وهو كتاب لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله، فكيف أحسن منه؟ والاستيعاب في معرفة الأصحاب الذي قال عنه الضبي في كتابه بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس، وهو كتاب في أسماء المذكورين في الروايات والسير والمصنفات من الصحابة رضي الله عنهم والتعريف بهم وتلخيص أحوالهم ومنازلهم وعيون أخبارهم على حروف المعجم في أربعة أسفار، وهو كتاب حسن كثير الفائدة، وقيل أن أهل المشرق يستحسنونه جدا ويقدّمونه على ما ألف في بابه وجامع بيان العلم وفضله ومما ينبغي في روايته وحمله والدرر في اختصار المغازي والسير والشواهد في إثبات خبر الواحد والتقصي لما في الموطأ من حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأخبار أئمة الأمصار والبيان في تلاوة القرآن والتجويد والمدخل إلى علم القرآن بالتجويد.

 

والاكتفاء في قراءة نافع وأبي عمرو بن العلا بتوجيه ما اختلفا فيه والكافي في الفقه على مذهب أهل المدينة واختلاف أصحاب مالك بن أنس واختلاف رواياتهم عنه والعقل والعقلاء وما جاء في أوصافهم عن الحكماء والعلماء وبهجة المجالس وأنس المجالس بما يجري في المذكرات من غرر الأبيات ونوادر الحكايات الذي اختصره ابن ليون التجيبي وسماه بغية المؤانس من بهجة المجالس والاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار والقصد والأمم في التعريف بأصول أنساب العرب والعجم والإنباه على قبائل الرواة والانتقاء لمذاهب الثلاثة العلماء مالك وأبي حنيفة والشافعي والأجوبة الموعبة في الأسئلة المستغربة والكنى والإنصاف فيما في بسم الله من الخلاف والفرائض وشرح زهديات أبي العتاهية وتجريد التمهيد في الموطأ من المعاني والأسانيد.

 

والانصاف فيما بين العلماء من الاختلاف ونزهة المستمتعين وروضة الخائفين وذكر التعريف بجماعة من الفقهاء أصحاب مالك، وكاتب ابن عبد البر علماء من أهل المشرق، فأجاز له أبو القاسم السقطي المكي وعبد الغني بن سعيد الحافظ وأبو ذر الهروي وأبو محمد بن النحاس المصري وأبو الفتح بن سيبخت وأحمد بن نصر الداودي، وقد حدّث عن ابن عبد البر الكثيرون منهم أبو الحسن طاهر بن مفوز المعافري وأبو بحر سفيان بن العاصي وابن أبي تليد وأبو علي الغساني وأبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت وأبو داود سليمان بن نجاح وأبو محمد بن حزم وأبو العباس بن دلهاث الدلائي وأبو محمد بن أبي قحافة والحافظ أبو عبد الله الحميدي، وآخر من روى عنه بالإجازة علي بن عبد الله بن موهب الجذامي، وقد علا قدر ابن عبد البر عند علماء الحديث، فعدّه الذهبي حافظ المغرب.

 

وقال عنه أبو علي الغساني لم يكن أحد ببلدنا في الحديث مثل قاسم بن محمد وأحمد بن خالد الجباب ولم يكن ابن عبد البر بدونهما، ولا متخلفا عنهما، وقال عنه أبو الوليد الباجي لم يكن بالأندلس مثل أبو عمر بن عبد البر في الحديث وقال أيضا أبو عمر أحفظ أهل المغرب، وقال أبو عبد الله بن أبي الفتح كان أبو عمر أعلم من بالأندلس في السنن والآثار واختلاف علماء الأمصار، وقال عنه الذهبي وكان في أصول الديانة على مذهب السلف، لم يدخل في علم الكلام، بل قفا آثار مشايخه رحمهم الله، وهناك بعض المسائل التي تعرض لها الإمام ابن عبد البر، وقوله فيها، والذي يدل على شدة تمسكه بالكتاب والسنة، واتباع السلف الصالح رضوان الله عليهم، وهو مصدر تلقي الأمور العقدية عند الإمام ابن عبد البر، حيث يقرر الإمام ابن عبد البر إن مصدر تلقي الأمور العقدية هو الوحي بقسميه القرآن والسنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى