مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن القيم الجوزية ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن القيم الجوزية ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثالث مع الإمام إبن القيم الجوزية، ونصر فيه ما ذهب إليه الشيخ تقي الدين بن تيمية في ذلك، ثم صار يفتي فيه جماعة من الترك ولا يعزوه إلى الشيخ تقي الدين بن تيمية، فاعتقد من اعتقد أنه قوله، وهو مخالف للأئمة الأربعة، فحصل عليه إنكار في ذلك، وطلبه القاضي الشافعي، ويحصل كلام في ذلك، وانفصل الحال على أن أظهر الشيخ شمس الدين ابن قيم الجوزية الموافقة للجمهور، وقد شكك بكر بن عبد الله أبو زيد في رجوعه عن فتواه، قائلا وقضية الرجوع محل نظر، فلا بد من تثبيت ذلك، وأرجو من الله تعالى أن يمن عليَّ بما يدل على ذلك، نفيا أو إثباتا، ويذكر بعض المؤرخين الآخرين في الزمن الحاضر ذلك أيضا، بدليل أنه ذكر المسألة في كتابه إعلام الموقعين عن رب العالمين، ولم يذكر أنه رجع عن رأيه، وأما عن مسألة الطلاق الثلاث بلفظ واحد.

 

فإنه أفتى ابن القيم بأن الطلاق الثلاث بكلمة واحدة يقع طلقة واحدة، وهذا هو اختيار شيخه ابن تيمية، فحصل له بسبب ذلك مشاكل مع القضاة، فيقول ابن كثير وقد كان متصديا للإفتاء بمسألة الطلاق التي اختارها الشيخ تقي الدين بن تيمية، وجرت بسببها فصول يطول بسطها مع قاضي القضاة تقي الدين السبكي وغيره، ولم يبين ابن كثير ما وقع له بسبب ذلك، ومما يؤكد أن فتواه في مسألة الطلاق قد سببت له مشاكل مع القضاة ما حكاه ابن كثير من الصلح الذي تم بين السبكي وابن القيم في السادس عشر من شهر جمادى الآخرة من عام سبعمائة وخمسون من الهجرة، قبل موت ابن القيم بعام واحد، فيقول ابن كثير حصل الصلح بين قاضي القضاة تقي الدين السبكي، وبين الشيخ شمس الدين بن قَيِّم الجوزية، على يدي الأمير سيف الدين بن فضل ملك العرب، في بستان قاضي القضاة.

 

وكان قد نقم عليه إكثاره من الفتيا بمسألة الطلاق، وسمع من الشهاب العابر أحمد بن عبد الرحمن النابلسي، في سن جدّ مبكرة، في السادسة أو السابعة من عمره، وعن ابن الشيرازي الذي لم يذكر المترجمون نسبه، فيذكر بعضهم أن المقصود هو المسند زيد الدين إبراهيم بن عبد الرحمن ابن الشيرازي، ويذكر آخرون أن المقصود هو كمال الدين أحمد بن محمد بن الشيرازي، وسمع من المجد الحراني وأخذ عنه الفقه وقرأ عليه مختصر أبي القاسم الخرقي، وكتاب المقنع لابن قدامة وأخذ عنه الأصول وقرأ عليه أكثر الروضة لابن قدامة، وسمع من إسماعيل أبي الفداء بن يوسف بن مكتوم القيسي، وأيوب زين الدين بن نعمة الكحال، والبهاء بن عساكر، والحاكم سليمان تقي الدين بن حمزة بن قدامة المقدسي، وأخذ الفقه عن شرف الدين بن تيمية، وعلاء الدين الكندي الوداع.

 

وسمع من عيسى شرف الدين بن عبد الرحمن المطعم، وفاطمة أم محمد بنت الشيخ إبراهيم بن محمود بن جوهر البطائحي، وقرأ العربية على مجد الدين التونسي، وبدر الدين بن جماعة، وأخذ العربية والفقه عن محمد شمس الدين بن أبي الفتح البعلبكي، فقرأ عليه الملخص لأبي البقاء والجرجانية وألفية ابن مالك وأكثر الكافية الشافية وبعض التسهيل، ومحمد بن شهوان، وشمس الدين الذهبي، وصفي الدين الهندي فأخذ عنه الأصلين وهما أصول الفقه والتوحيد، وقرأ عليه في أكثر الأربعين والمحصل، وأبي المعالي محمد بن علي الزملكاني، وابن مفلح وكان ابن القيم يراجعه في كثير من مسائله واختياراته، وجمال الدين المزي وكان ابن القيم يعتمده وينقل عنه في كثير من كتبه خاصة في الحديث ورجاله معبرا عنه بلفظ شيخنا، وسمع من محمد بن عثمان الخليلي.

 

ومن عز الدين عبد العزيز ابن جماعة، وكان لابن تيمية تأثير كبير على ابن القيم، وله أثر واضح في ثقافته وتكوين مذهبه، واعتنى المؤرّخون بالوقت الذي التقيا به، فحددوه في سنة سبعمائة واثني عشر من الهجرة، وهي السنة التي رجع فيها ابن تيمية من مصر إلى دمشق، فلازم ابن القيم مجلسه من ذاك العام حتى وفاته في سنة سبعمائة وثماني وعشرين من الهجرة، فأخذ عنه علما كثيرا واتسع مذهبه ونصره، وهذب كتبه، وقد كانت مدة ملازمته له سبعة عشر عاما تقريبا، يقول ابن حجر العسقلاني في ذلك وهو الذي هذب كتبه أي كتب ابن تيمية ونشر علمه، وكان ينتصر له في أغلب أقواله، ويقول ابن كثير في حديثه عن ابن القيم ولد في سنة إحدى وتسعين وستمائة وسمع الحديث واشتغل بالعلم، وبرع في علوم متعددة، لا سيما علم التفسير والحديث والأصلين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى