ثقافة

الدكروري يكتب عن الإمام إبن القيم الجوزية ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن القيم الجوزية ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ونكمل الجزء الثاني مع الإمام إبن القيم الجوزية، وكذلك الحال بالنسبة لمحمد رشيد رضا، وفي شبه القارة الهندية برز أثر كتبهما أيضا في عديد من طلبة العلم ونشرت كتبهما على أيدي العلماء هناك، ويذكر المترجمون لابن القيم إمامته بالمدرسة الجوزية، فيقول ابن كثير عنه هو إمام الجوزية وابن قيمها، ويفيد ابن كثير أيضا في سرده لوقائع سنة سبعمائة وست وثلاثون من الهجرة، خطابةَ ابن القيم في أحد جوامع دمشق فيقول وفي سلخ رجب أقيمت الجمعة بالجامع الذي أنشأه نجم الدين ابن خليخان تجاه باب كيسان من القبلة وخطب فيه الشيخ الإمام العلامة شمس الدين ابن قيم الجوزية، ويذكر ابن بدران أن ابن القيم أول من خطب به، وقد تم سجن ابن القيم مع ابن تيمية في شهر شعبان سنة سبعمائة وست وعشرين من الهجرة، وذلك بسبب إنكاره لشد الرحال لزيارة القبور.

وأوذي بسبب هذا، فقد ضُرب بالدرة وشُهر به على حمار، ويذكر بعض المؤرخين أن هذه السجنة هي نفسها التي سُجن فيها مع شيخه ابن تيمية، فقد اعتقل ابن تيمية في يوم السادس عشر من شهر شعبان سنة سبعمائة وست وعشرين من الهجرة، وذلك بسبب ما أفتى به من المنع من شد الرحل إلى قبور الأنبياء، ويذكر ابن كثير الأحداث التالية لحبس ابن تيمية، أنه في منتصف شهر شعبان أمر قاضي القضاة الشافعي بحبس جماعة من أصحابه في سجن الحكم، وعزر جماعة منهم على دواب ونودي عليهم، ثم أطلقوا، سوى ابن القيم فإنه حبس في القلعة وسكتت القضية، فكان سبب سجن ابن القيم هو نفس السبب الذي سجن من أجله ابن تيمية، فسُجن بجانبه في القلعة، ولكنه كان منفردًا عنه، ويذكر تقي الدين المقريزي ملابسات هذه الواقعة بتوسع وأن ابن القيم ضُرب قبل أن يحبس فيقول.

وفي يوم الاثنين سادس شعبان حبس تقي الدين أحمد بن تيمية، ومعه أخوه زين الدين عبد الرحمن بقلعة دمشق، وضُرب شمس الدين محمد بن أبي بكر بن قيِّم الجوزية، وشُهر به على حمار بدمشق، وسبب ذلك أن ابن قيم الجوزية تكلم بالقدس في مسألة الشفاعة والتوسل بالأنبياء، وأنكر مجرد القصد للقبر الشريف دون قصد المسجد النبوي، فأنكر المقادسة عليه مسألة الزيارة، وكتبوا فيه إلى قاضي القضاة جلال الدين القزويني وغيره من قضاة دمشق، وكان قد وقع من ابن تيمية كلام في مسألة الطلاق بالثلاث أنه لا يقع بلفظ واحد، فقام عليه فقهاء دمشق، فلما وصلت كتب المقادسة في ابن القيِّم، كتبوا في ابن تيمية وصاحبه ابن القيم إلى السلطان، فعرف شمس الدين الحريري قاضي القضاة الحنفية بديار مصر بذلك، فشنع على ابن تيمية تشنيعا فاحشا، حتى كتب بحبسه، وضُرب ابن القيم.

وقد ظل ابن القيم محبوسا، ولم يفرج عنه إلا بعد وفاة ابن تيمية، وذلك أن ابن تيمية توفي في محبسه بالقلعة في اليوم العشرين من شهر ذو القعدة سنة سبعمائة وثماني وعشرين من الهجرة، وأفرج عن ابن القيم في يوم الثلاثاء العشرين من شهر ذو الحجة، ويذكر المؤرخون أنه قد جرت له مشاكل مع القضاة منها في شهر ربيع الأول سنة سبعمائة وست وأربعين من الهجرة، بسبب فتواه بجواز إجراء السباق بين الخيل بغير مُحلل، وكذلك حصلت له مشاكل مع القضاة بسبب فتواه بمسألة أن الطلاق الثلاث بكلمة واحدة يقع طلقة واحدة، وأما عن مسألة المسابقة بغير محلل، فقد رأى ابن القيم جواز إجراء السباق بين الخيل بغير مُحلل، وصنف في ذلك مصنفا اسمه بيان الاستدلال على بطلان اشتراط محلل السباق والنضال، وأفاض فيها في كتابه الفروسية، ونصر فيها رأي شيخه ابن تيمية.

وخالف قول الأئمة الأربعة حيث اشترطوا المحلل في السباق، فأنكر عليه السبكي ذلك، ويذكر ابن حجر العسقلاني أنه جرى له بسبب بهذه الفتوى أمور مع السبكي وغيره وأنه قد رجع عن هذه الفتوى، فقال وجرت له محن مع القضاة، منها في ربيع الأول يعني سنة سبعمائة وست وأربعين من الهجرة، وطلبه السبكي بسبب فتواه بجواز المسابقة بغير محلل، فأنكر عليه وآل الأمر إلى أنه رجع عما كان يُفتي به من ذلك، وحكى ابن كثير هذه الحادثة، وذكر ما يفيد أن ابن القيم كان يفتي في ذلك برأي شيخه ابن تيمية، وأنه صنف مصنفا لنصرة رأي ابن تيمية، ثم صار يفتي به دون نسبته إلى ابن تيمية فاعتقدوا أنه قوله، فيقول ابن كثير في حوادث سنة عام سبعمائة وست وأربعين من الهجرة، ووقع كلام في اشتراط المحلل في المسابقة، وكان سببه أن الشيخ شمس الدين بن قيم الجوزية صنف فيه مصنفا من قبل ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى