مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن القيم الجوزية ” جزء 10″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن القيم الجوزية ” جزء 10″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء العاشر مع الإمام إبن القيم الجوزية، وكان تصنيفه في أنواع مختلفة من العلوم الإسلامية، حيث يقول ابن رجب الحنبلي وصنف تصانيف كثيرة جدا في أنواع العلم، وقد عدها بكر بن عبد الله أبو زيد ثماني وتسعين مؤلفا، وكان ابن القيم يهتم بذكر مصادره التي يستقي منها، وقد تنوعت مصادره في مؤلفاته، كان أكثرها من كتب الحديث من الصحاح والسنن والمسانيد والمعاجم، كما أكثر من النقل عن ابن أبي الدنيا وابن عبد البر وابن قدامة وآل تيمية، وعادة ما يذكر اسم المؤلف بدون ذكر اسم الكتاب الذي ينقل عنه كما جرت عادة العلماء المتقدمين، وكان يدقق ما ينقله حتى يراجع النسخ المختلفة من الكتاب الواحد عندما يقتضي الأمر ذلك، وقال مرة في حديث وهذا في جميع نسخ كتاب النسائي هكذا.

 

ويقول في حديث آخر هذا الذي في رواية اللؤلؤي عن أبي داود، وفي رواية ابن داسة عنه، وكما كان ينقل عن شيوخه خاصة ابن تيمية وجمال الدين المزي، ولم يكتف ابن القيم في نقل مادته العلمية بالمصادر المكتوبة فقط، بل ربما دون بعض المعلومات بطريق المشافهة والسماع، فيقول مرة سألت شيخنا عن سماع يزيد بن عبد الله عن أبي هريرة؟ ويقول مرة أخرى قرئ على شيخنا أبي الحجاج الحافظ في التهذيب وأنا أسمع، كما كان يقوم بعض مصادره، ويبدي رأيه فيها، إما بمدحها والثناء عليها تارة، وتارة أخرى ببيان عيوبها وبعض المآخذ عليها، وتارة ثالثة بالتعريف بها أو ذكر بعض المعلومات التوضيحية عنها، أو الفوائد المتعلقة بها، ومن أمثلة ذلك ما قاله عن أقسام اللذات للرازي وهو كتاب مفيد.

 

وقال عن كتاب حقائق التفسير للسلمي التفاسير المستنكرة المستكرهة، التي قصد بها الإغراب والإتيان بخلاف ما يتعارفه الناس كحقائق السلمي وغيره، مما لو تتبع وبين بطلانه، لجاء عدة أسفار كبار، وأما عن أسلوبه الأدبي والشعري، فإنه يظهر من تصنيفات ابن القيم سعة حفظه للشعر والأمثال، حيث أكثر من الاقتباس من الشعر في كتبه، كما كان شاعرا ينشد الشعر ولكنه كان شاعرا علميا لا أدبيا، فمن قصائده القصيدة الميمية من مائة واثني عشر بيتا، والتي تحدث فيها عن مشهد الحجيج وانتفاضة البعث، وسبيل النجاة، وذكر الجنة ونعيمها، وأشهر قصائده القصيدة النونية المُسماة الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية والتي بلغت أبياتها نحو ستة آلاف بيت، والتي يرد فيها على المشبهة والمعطلة، كما كان يبدي نقده الشعري.

 

فانتقد بيتا لأبي نواس يكرر فيه نفس الكلمة عدة مرات، ويرى أن كذلك قدحا في بلاغة الأبيات، كما يرى أن تضمين القصيدة آيات من القرآن معيب، فيقول وهو مما ينبغي أن تعاف النفوس سماعه، وهو متدرج في التحريم لما فيه عدم الإجلال لكلام الله، وكان ابن القيم يستخدم السجع في كلامه، ويستخدم الأمثال والتصوير، وبعد حياة طويلة من الجد والإجتهاد توفي الإمام إبن القيم الجوزية في في ليلة الخميس في وقت أذان العشاء، الثالث عشر من شهر رجب عام سبعمائة وواحد وخمسين من الهجرة، الموافق ألف وثلاثمائة وتسع وأربعين ميلادي، وعمره ستون سنة، وصلي عليه بالجامع الأموي عقيب الظهر، ودفن بمقبرة الباب الصغير بدمشق، وازدحم الناس على تشييع جنازته، فيقول ابن كثير

 

وقد كانت جنازته حافلة رحمه الله تعالى شهدها القضاة والأعيان والصالحون من الخاصة والعامة، وتزاحم الناس على حمل نعشه، وكمل من العمر ستون سنة رحمه الله، ودفن بدمشق بمقبرة الباب الصغير عند والدته، وحُكى عنه قبل موته بمدة أنه رأى شيخه ابن تيمية في المنام وأنه سأله عن منزلته أي منزلة ابن تيمية، فقال إنه أنزل فوق فلان وذكر اسم أحد العلماء، وقال له وأنت كدت تلحق به ولكن أنت في طبقة ابن خزيمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى