مقال

الدكروري يكتب عن شهر رمضان والإعجاز القرآني ” جزء 7″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن شهر رمضان والإعجاز القرآني ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكــروري

 

ونكمل الجزء السابع مع شهر رمضان والإعجاز القرآني، فإنه القرآن يورث القلب خشوعا ويورث النفس صفاء ويخرج الناس من الظلمات إلى النور ويشرح القلوب وينور الصدور ويبعد الشيطان عن الإنسان، ويرفعه إلى أعلى درجات الإحسان فيقول النبي صلى الله عليه وسلم” اقرءوا القرآن فإنه يأتى يوم القيامة شفيعا لأصحابه” ويقول عليه الصلاة والسلام “إن الله تعالى يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين” فإنه القرآن حبل الله المتين من اهتدى بهديه فاز فوزا عظيما في الدارين ومن طلب الهدى في غيره خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين، فإنه المعجزة الباقية والعصمة الواقية والحجة البالغة والدلالة الدامغة هو شفاء لما في الصدور وحكم عدل عند اشتباه الأمور كلام جزل فصلٌ ليس بالهزل نور لا يخبوا ضياؤه ولا يُخمد نوره وسناؤه وبحر لا يدرك غوره كل كلمة منه لها عجب.

 

ولها في ذاتها طرب، عجيب في إشاراته بديع في انتقالاته فيه قصص باهرة وحكم زاهرة ومواعظ زاجرة وأدلة ظاهرة، إذا دعا جذب وإذا زجر أرعب وإذا رغب شوق وإذا وعظ أقلق وإذا أخبر صدق، إذا وعد أبهج وإن كان وعيدا أزعج فسبحان من سلكه ينابيع فى القلوب وأنزله بأبدع معنى وأعذب أسلوب، فقال تعالى كما جاء فى سورة المائدة ” يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم” إنه القرآن علاج لنا نحن الذين ظلمنا أنفسنا وغفلنا عن لقاء ربنا وغلبت علينا شقوتنا فلنسأل أنفسنا ما هو نصيبنا من القرآن وهل خصصنا من أوقاتنا شيئا لقراءة القرآن؟ وهل تذوقنا حلاوته في صلاتنا وعند قرائتنا أم أننا للقرآن هاجرون ولحلاوته فاقدون نسمع ولا نعتبر ونقرأ ولا ندكر، فقال تعالى كما جاء فى سورة القمر ” ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر”

 

ويجب علينا إذا خرجنا من رمضان لا بد أن نجدد العهد مع الله بتلاوة القرآن وأن تسرى فى نفوسنا عظمة القرآن حتى لا نقع في شكوى النبي صلى الله عليه وسلم من هجر أمته وقومه للقرآن كما قال الله تعالى فى سورة الفرقان ” وقال الرسول يا رب إن قومى اتخذوا القرآن مهجورا” فإنه القرآن أبهر الناس بإعجازه وفصاحته وبراعة إيجازه فدانت له القلوب وتأثرت به النفوس وخضعت له المشاعر وانقادت لسماعه الأسماع، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه كان فى الجاهلية خصما عنيدا وعدوا لدودا للإسلام وللنبي صلى الله عليه وسلم فما لذي غيره؟ ومن الذي حوله؟ إنه القرآن عند ما قرأ ” طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى، الرحمن على العرش استوى له ما فى السماوات وما فى الأرض وما بينهما وما تحت الثرى.

 

وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى” فتأثر عمر ورق قلبه ولان صدره حتى عرف الصحابة تأثير القرآن فى وجهه فطمعوا في إسلامه فاسلم متأثرا بالقرآن وببركة دعاء النبى صلى الله عليه وسلم له، وهذا هو النجاشى ملك الحبشة وكان رجل أعجمى ليس بعربى وقد سمع جعفر الطيار يقرأ عليه من سورة مريم ” كهيعص، ذكر رحمت ربك عبده زكريا، إذ نادى ربه نداء خفيا، قال رب إنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا، وإنى خفت الموالى من ورائى وكانت امرأتى عاقر فهب لى من لدنك وليا، يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا” فلما سمع النجاشى هذه الآيات العظيمات بكى حتى أخضلت لحيته بدموعه ثم قال إن هذا أى القرآن والذى أنزل على عيسى ويقصد الإنجيل يخرج من مشكاة واحدة، وإن تعجب فأعجب من أبى جهل وأبي سفيان.

 

وغيرهم من صناديد قريش كانوا يتسللون في ظلمة الليل إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم ليسمعوه وهو يرتل القرآن ترتيلا ولهذا فإنهم عند ما تأكدوا أن لسماع القرآن تأثيرا كبيرا على النفوس قالوا للناس، كما جاء فى سورة فصلت ” وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن وألغوا فيه لعلكم تغلبون” فمن أراد أن يزيد من إيمانه ويقوى يقينه ويشد أزره ويرسي قدمه فعليه أن يتجه بكل مشاعره وأحاسيسه إلى كتاب ربه وأن يقبل بقلبه وقالبه على تلاوته وتدبره ليرتوى من معينه المعين، فإنه كتاب مبارك مبين، ومن أراد أن يثبت في هذا الزمن الأسود على دينه من أراد أن يجد للعبادة حلاوتها وللطاعة لذتها فعليه بالقرآن فإن فيه صلاح القلوب وراحة النفوس ولذة العبادة وحلاوة الطاعة، فالقرآن هو كلام الله ووحيه فهو أفضل كتاب أنزل على خير رسول أرسل صلى الله عليه وسلم لم ينزل لنقرأه باللسان دون فهم وبيان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى