مقال

الدكروري يكتب عن الرسول الكريم في بدر ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الرسول الكريم في بدر ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثالث مع الرسول الكريم في بدر، فعلم بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث ضمضم بن عمرو الغفارى ينذر قريشا، ويستحثها الخروج لاستخلاص أموالها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفعه، ثم اتخذ أبو سفيان طريقا آخر على ساحل البحر حتى نجا بالمال، فأما قريش فحين سمعت صراح ضمضم بن عمرو، خرجت مسرعة وأوعبت في الخروج، فلم يتخلف من أشرافهم سوى أبى لهب استأجر رجلا بدين كان عليه، وحشدوا من حولهم من القبائل، وخرجوا كما قال الله تعالى ” بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله” وأقبلوا بحدهم وحديدهم يحادون الله ورسوله، وجاؤوا على حرد قارين، وعلى حمية وغضب وحنق على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين كانوا بالأمس يذيقونهم ألوان العذاب والفتنة فى ضعف منهم وقلة، ثم بلغ بهم اليوم أن تجرؤوا على قريش.

 

ومالها يهضمون عزتها، ويرغمون أنفها، ويحقرون شأنها عند العرب، وهى التي تشمخ بأنفها فى السماء، وقد نفخ الشيطان في خياشيمها وألهب قلوبها بسياط الحنق والغيظ والاستصغار لشأن أولئك الذين أخرجوا من ديارهم مشردين مطرودين، يفر زعيمهم وسيدهم تحت جنح الكلام وهل تصبر قريش على ذلك؟ وهل يكون لها وجود تحت الشمس إذا هى سكتت على أولئك المشردين يتخطفون أموالها ويعبثون بعزتها وشرفها، ويجعلونها مضغة فى أفواه العرب، وهي سيدة العرب؟ لن يكون هذا، ولنضربن محمدا وأولئك الشذاذ من حوله ضربة تقصم ظهورهم، وتأتى على جميعهم، ولنجعلنهم نكالا لكل من تحدثه نفسه أن ينال من عزة قريش وسيادتها للعرب، ولتتحدثن العرب أنا فعلنا وفعلنا، وكان جميعهم ما بين التسعمائة إلى الألف في أتم عدة وأحد سلاح، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

فإنه لما بلغه فوت العير مع أبي سفيان وخروج قريش فى تلك العدة والحدة، استشار أصحابه، فتكلم المهاجرون فأحسنوا، ثم استشارهم، فتكلموا أيضا فأحسنوا، ثم استشارهم الثالثة، ففهمت الأنصار أنه يعنيهم، فبادر سعد بن معاذ سيد الأوس فقال “يا رسول الله، كأنك تعرض بنا وكان إنما يعنيهم لأنهم إنما بايعوه ليلة العقبة أن يمنعوه في ديارهم لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقا عليها ألا تنصرك إلا فى ديارهم، وإنى أقول عن الأنصار وأجيب عنهم فاظعن حيث شئت، وصل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت وأعطنا ما شئت، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت، وما أمرت فيه من أمر، فأمرنا تبع لأمرك، فوالله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك، ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر خضناه معك” وقال له المقداد بن الأسود.

 

“لا نقول كما قال قوم موسى لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك، ومن بين يديك ومن خلفك” فأشرق وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسر بما سمع من أصحابه، وقال “سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، وإنى قد أريت مصارع القوم” فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ بدرا وهي بئر حفرها بدر بن الحارث، فأما قريش فقد كتب إليهم أبو سفيان أن ارجعوا فقد نجت عيركم وسلم مالكم الذين خرجتهم لمنعه، فأتاهم الخبر وهم بالجحفة بجوار رابغ، فقال أبو جهل والله لا نرجع حتى نقدم بدرا، فنقيم بها ونطعم من حضرنا من العرب، وتخافنا العرب بعد ذلك، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عشاء ليلة الجمعة السابع عشر من رمضان، وسبق قريشا إلى أغزرها وأعذبها ماء، فنزل عليها وغور باقيها، وبات الفريقان فى مكانهما من بدر.

 

وباتت قريش على غير ماء، وأنزل الله تلك الليلة وابلا شديدا منع المشركين من التقدم، وكان على المسلمين طلا طهرهم الله وأذهب عنهم رجز الشيطان، ووطأ الأرض وصلب به الرمل، وثبت به الأقدام، ومهد به المنزل، وربط به على قلوبهم، وبنى لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريش على تلك مرتفع يشرف منه على المعركة، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى فى مكان المعركة، وأخذ يشير بيده ويقول “هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان إن شاء الله” فما تعدى أحد منهم موضع إشارته، فلما تراءى الجمعان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اللهم هذه قريش جاءت بخيلها وفخرها، جاءت تحاربك وتكذب رسولك” ثم رفع يديه إلى السماء يسأل ربه النصر ويقول “اللهم أنجز لي ما وعدتى، اللهم إنى أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تهلك هذه العصابة، فلن تعبد في الأرض بعد”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى