مقال

الدكروري يكتب عن الإمام الزركشي

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام الزركشي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

كان فقيها من فقهاء الإسلام، أصوليا أديبا تقيا ورعا، اشتغل بالفقه وبأصول الدين وبعلوم الحديث والقرآن الكريم، وقام بالتأليف في هذه العلوم أكثر من ثلاثين مؤلفا، قبل أن توافيه المنية في مصر، فهو بدر الدين الزركشي أبو عبد الله، بدر الدين، محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي المصري، فقيه شافعي، أصولي ومحدث، له مؤلفات في علوم كثيرة، وهو الإمام العلامة بدر الدين أبو عبدالله محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي الفقيه الأصولي، المحدث المفسر، المصنف المحرر المنهاجي الشافعي المذهب، التركي الأصل المصري المولد والوفاة، وكانت ولادتة في القاهرة سنة سبعمائة وخمس وأربعون من الهجرة، ورحل إلى حلب وأخذ عن الشيخ شهاب الدين الاذرعي وأخذ عن علماء حلب وسافر إلى دمشق وسمع الحديث من شيوخها، وكان من أبرز شيوخ الإمام الزركشي هو سراج الدين البلقيني وجمال الدين الإسنوي وشهاب الدين الأذرعي.

 

وقد اتفقت المصادر التي ترجمت للإمام البدر الزركشي على أن مولده كان في مصر سنة سبعمائة وخمس وأربعين من الهجرة، الموافق لسنة ألف وثلاثمائة وأربع وأربعين ميلادي، دون ذكر لليوم والتاريخ تحديدا، وقد قال الحافظ بن حجر العسقلاني في إنباء الغمر، ولد الإمام الزركشي بعد الأربعين ثم رأيت بخطه سنة خمس وأربعين وسبعمائة للهجرة، وولد الإمام الزركشي ونشأ في ظل أسرته، وهي أسرة لم تكن ذات شهرة في الأوساط الاجتماعية، وقد ترعرع بين كنف عائلتة البسيطة، و ذكر أن والده كان مملوكا لأحد الأعيان، ولقد كان لهذه الحياة الاجتماعية فيما يظهر دورا بارزا في نبوغ هذا الفتی، وهذا بعد توفيق الله وتسديده، ولقد عرف والده باشتغاله بصناعة الزركش وهو التطريز بالذهب، وهذه الصنعة التي التحق بها الابن وزاولها حتى يخفف شيئا من أعباء الحياة عن والده وأسرته، إذ أن أسرته كانت إلى العوز أقرب.

 

ولكن شاء الله تعالى أن يتوجه الإمام الزركشي إلى معاقل العلم في مصر آنذاك تاركا وراءه صنعة أبيه، فبدأ اشتغاله بطلب العلم وتفرغ له حتى أصبح من أعلام عصره، وأفراد دهره، وتتلمذ الإمام الزركشي عليه الكثير، وعلى رأسهم شمس الدين البرمادي المتوفى سنة ثماني مائة وثلاثين من الهجرة، ونجم الدين بن حجي الدمشقي المتوفى سنة ثماني مائة وواحد وثلاثين من الهجرة، وكانت حياة الإمام الزركشي كانت حافلة بالعلم والمعرفة، وكانت مليئة بالسفر والترحال في سبيل تحصيل العلم وأخذه من خيرة أهله، حيث لم يبقي الإمام أبو عبد الله بدر الدين الزركشي في مصر حيث ولد، بل خرج أولا إلى حلب وفيها أخذ عن الشيخ شهاب الدين الأذرعي كما أخذ عن أشهر علماء حلب أيضا، وسافر الإمام الزركشي إلى دمشق أيضا وفي دمشق سمع وأخذ عن خيرة شيوخها وأبرز علمائها، وقد اهتم الزركشي بالتصنيف اهتماما كبيرا.

 

فكتب بخط يده مؤلفات كثيرة طيلة حياته، كما أن هذه المؤلفات تنوعت واختلفت بين علوم الشريعة الإسلامية، فألف في علم الحديث وفي أصول الفقه الإسلامي وفي السيرة النبوية وألف في علوم القرآن والتفسير أيضا، فكانت حياته من أولها لآخرها موغلة في العلم وقائمة على التصنيف والتأليف، قبل أن توافيه المنية في الثالث من شهر رجب من عام سبعمائة واربع وتسعين للهجرة، وعلى الرغم من أن الإمام الزركشي لم يبلغ الخمسين عاما في حياته إلا أنه ترك مجموعة من المؤلفات القيمة التي زادت عن ستين مؤلفا، تناول فيها مختلف علوم الإسلام وعلوم اللغة العربية أيضا، فكتب في النحو والسيرة والأدب والتاريخ والمنطق والتفسير والحديث والفقه والتوحيد وغيرها، ولعل أهم كتبه كتاب البرهان في علوم القرآن والذي يُعد أشهر مؤلفات الإمام الزركشي على الإطلاق، وفي التفسير وعلوم القرآن الكريم.

 

ألف كتاب البرهان في علوم القرآن، وكتاب تفسير القرآن الكريم، وصل فيه إلى سورة مريم، رسالة بعنوان كشف المعاني في الكلام على قوله تعالى ” ولما بلغ أشده” وكتاب النكت على البخاري، وكتاب الذهب الإبريز في تخريج أحاديث الرافعي المسمى فتح العزيز، وكتاب المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر، وكتاب اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة أو التذكرة في الأحاديث المشتهرة، وكتاب شرح الجامع الصحيح، وهو الشرح الكبير المسمى الفصيح في شرح صحيح البخاري، وكتاب التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح، وكتاب شرح الأربعين النووية، وكتاب شرح عمدة الأحكام لعبد الغني المقدسي ويسمى النكت على العمدة في الأحكام، وكتاب النكت على مقدمة ابن الصلاح، وكتاب المختصر في الحديث أو الضوابط السنية في الروابط السنية وهو كتاب الإجابة لإيراد ما استدركته السيدة عائشة على الصحابة.

 

وكتاب نثر الدرر في أحاديث خير البشر، وكتاب خادم الرافعي والروضة في الفروع، وكتاب بداية المحتاج شرح المنهاج، وكتاب تكملة شرح المنهاج، وكتاب الدرر على المنهاج، وكتاب مختصر شرح المنهاج كتاب الديباج شرح المنهاج، وهو شرح على منهاج الطالبين للإمام النووي، وكتاب شرح التنبيه للشيرازي في فروع المذهب الشافعي، وكتاب المنثور في القواعد، وكتاب إعلام الساجد بأحكام المساجد، وكتاب سلاسل الذهب في الأصول، وكتاب البحر المحيط في أصول الفقه، وكتاب التذكرة النحوية، وكتاب لقطة العجلان وبلة الظمآن، وكما ألف في الأدب أيضا كتاب تجلي الأفراح في شرح تلخيص المفتاح، وكتاب ربيع الغزلان، وكتاب خلاصة الفنون الأربعة كتاب عمل من طب لمن حب.

 

وبعد سنوات قضاها في طلب العلم وفي التصنيف والتأليف، توفي هذا الإمام العلم محمد بن عبدالله بن بهادر الزركشي في يوم الأحد الثالث من شهر رجب سنة سبعمائة وأربع وتسعين من الهجرة، في القاهرة ودفن بالقرافة الصغرى، بالقرب من تربة الأمير بكتمر الساقي وذلك عن عُمر بلغ تسع وأربعين سنة، ورغم هذا العمر الصغير إلا أنه قد خلف تراثا علميا كبيرا، أفاد منه علماء عصره ومن جاء بعده على حد سواء ولم يزل يتدارسه أهل العلم وينهلون مما جاء فيه من علوم ومعارف، فرحمه الله رحمة واسعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى