ثقافة

الدكروري يكتب عن التنافس المشروع والغير مشروع ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن التنافس المشروع والغير مشروع ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

نعيش في أيام وليالي شهر رمضان المبارك ولقد وصلنا اليوم وفي هذا الزمان إلي التنافس في أعمال الشر وبعدنا عن التنافس في أعمال الخير إلا ما رحم الله عز وجل من عباده، وإن التنافس في أعمال الإثم سمة أساسية من سمات اليهود، كما قال تعالى عن اليهود كما جاء فى سورة المائدة ” وترى كثير منهم يسارعون فى الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون” وكذلك التنافس في تضليل المؤمنين والإفساد بينهم، وهذا التنافس ذميم وتسابق أثيم على قتل العفه فى بلاد المسلمين، ونشر الرذيلة فى أوساط المؤمنين، وتطبيع السفور والانحلال، وفرض اختلاط النساء بالرجال، في ميادين العمل والتعليم، فنجد كثير من الشباب يتنافس في نشر المخدرات والأفلام الإباحية وسط أقرانه، والبعض يتنافس في إظهار أحدث أنواع الموضة العالمية ويتفاخر بذلك.

وفي طريقك إلى الله تعالى لن تجد لوحات تطالبك بتهدئة السرعة، وتحدد لك السرعة القصوى وتحذرك بمراقبة الرادار، بل ستجد مجموعة من اللوحات فى الطريق، مكتوبا على إحداها سابقوا، وعلى الأخرى وسارعوا، وعلى الثالثة فاستبقوا، ولذلك إن استطعت أن تسارع وتسابق وتبادر وتغتنم حياتك قبل موتك فافعل، واعلم بأنك ستجد أول الطريق مزدحما، وأما في آخره فلن تجد إلا قلة مختارة مصطفاة، فاحرص على أن تكون منهم ومن هنا يقول الحق تبارك وتعالى ” وفى ذلك فليتنافس المتنافسون” وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” من استطاع منكم أن يقى وجهه حر النار ولو بشق تمره فليفعل”وإن السبيل الأوحد إلي المنافسة هو تعظيم أمر النية، وتعظيم أمر الآخرة وتلك سمة الأنبياء، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة ص ” إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار”

وثمرة ذلك انشغالك بربك وما يرضيه، فيقول أحد السلف “من كان اليوم مشغولا بنفسه فهو غدا مشغول بنفسه، ومن كان اليوم مشغولا بربه فهو غدا مشغول بربه” فبادروا في اغتنام حياتكم قبل فنائها، وأعماركم قبل انقضائها بفعل الخيرات والاكثار من الطاعات، فإن الفرص لا تدوم، والعوارض التي تحول بين الانسان وبين العمل كثيرة وغير مأمونة، ولا قيمة للحياة بدون فعل الخير، ولا نجاة للعبد في الآخرة بلا فعل الخير، ولا راحة نفسية ولا سعادة قلبية للعبد دون فعله الخير، ولا دخول للجنة دون فعل الخير، ولا فوز برضوان الله دون فعل الخير، ولا نور في القلب ولا في القبر ولا على الصراط دون فعل الخير، وكل ما أمرنا الله أن نفعله هو خير، وكل ما سن لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فعله فهو خير، فإن بعضنا، فعل الخير في حياته كالنهر الجاري، يتدفق بقوة وغزارة.

ومن كل حدب وصوب، فمن هنا العبادات والأذكار والقرآن والنوافل والقربات، ومن هناك حسن الأخلاق وصلة الأرحام ومدّ يد العون للمحتاج، وعن يمينه الصدقات، وعن شماله أداء الأمانات، فحيثما ولى بوجهه ينال الخير، ويفعل الطيب، وبعضنا، فعل الخير في حياته كالخيط الرفيع لا يكاد يرى ولا يقوى، ولا يكاد يسمن ولا يضحى، فهو ضعيف شحيح قليل، فلا يمكن أن تربط به ما يثبت، ولا أن تجرّ به ما يثقل، فإن هذه حال بعضنا، فلو نظر نظرة العاقل في سيرته اليومية لوجدها حزينة قاتمة، بالكاد يسطر له ملائكة اليمين باليوم القليل من فعل الخيرات، في حين يسطر له ملائكة الشمال في اليوم الكثير والكثير من فعل السيئات، وإن بعضنا كأهل الأعراف، لا يفعل الخيرات ولا يفعل السيئات، فخيراته قليلة، وأوقاته الضائعة في المباحات كثيرة، ولكنه خسر وفاتته حسنات ورحمات عديدة.

وكذلك فإن فعل الخيرات هو مطلب رباني، وهو دعوة إلهية، هو نصيحة نبوية، فاقبلوها، وخذوا بها وعظموها، واعملوا بها، وفعل الخيرات به تكون أيها الإنسان من المفلحين، وبغيره تكون من الخائبين، ومن منا لا يحب أن يكون من المفلحين والفائزين والرابحين والرافعين رؤوسهم والناجين؟ فإذا أردت ذلك فربك سبحانه يدلك على الطريق، إنها طريق فعل الخيرات والإكثار منها، فإن فعل الخيرات يعلمه الله، فقال تعالى فى سورة البقرة ” وما تقعلوا من خير يعلمه الله” وفعل الخيرات، مقبول مبارك فيه، مضاعف، مأجور عليه قلّ أم كثر، صغر الخير أم عظم، فافعل الخير ولو كان حرفا تقوله، أو درهما تتصدق به، أو يد عون تمدها، أو بسمة تظهرها، أو خطوة تخطوها، أو أصغر من ذلك أو أكبر، كله ستجده في الكتاب مسطورا، وعند ربك مأجورا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى