مقال

الدكروري يكتب عن الصدق مع الله عز وجل ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الصدق مع الله عز وجل ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثالث مع الصدق مع الله عز وجل، والصدق مع الله هو الذي حدا بأبي طلحة أن يستبسل في الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمشركون محيطون به وأبو طلحة يقول “يانبي الله، بأبي أنت لا تشرف إلى القوم ألا يصيبك منهم سهم، نحري دون نحرك” أي جعل الله نحري دون نحرك، وهذا الشأن هو الذي دفع بنسيبةَ بنت كعب رضي الله عنها في أحد أن تذبّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف وترمى بالقوس وتصاب بجراح كثيرة، وهذا الأمر أي الصدق مع الله هو الذي جعل أبا دجانة يترس بنفسه دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقع النبل في ظهره وهو منحنى على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كثر فيه النبل، فما بال بعض المسلمين اليوم حينما تعرض عليه مصالح آنية، أو منافع ذاتية تجده يسير وراءها لاهثا، ويندفع نحوها مسرعا.

 

ولو كان ذلك على حساب دينه ومخالفة أمره؟ فبئس القوم فبئس القوم، آثروا دنياهم على آخرتهم، واستبدلوا الفاني بالباقي، وإن الصدق الشامل مع الله تعالى معناه هو أنك إذا قلت إني أحبك يا رب، وأخافك وأرجوك، فإنك تمتحن بالتكاليف الشرعية، وتمتحن بالأوامر الإلهية وبالنواهي، فإن كنت صادقا في قولك آمنت، فإنك لا ترضى لنفسك أبدأ أن تقع في حرام، أو أن تترك واجبا من الواجبات، فإذا قيل لك إن شرب الخمر حرام، إن شرب الدخان حرام، إن ظلم العامل حرام، إن الغيبة والنميمة حرام، إن إيذاء المسلم فسوق وإجرام، فإنك تعمل كل جهدك لكي لا تقع في ما حرم الله عليك، هذا إذا كنت صادقا، لهذا يقول سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة الزمر ” والذى جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون ” والذي جاء بالصدق، هو النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

 

والذي صدق به هم المؤمنون الذين اتبعوا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وصدقوا في ذلك، ولقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادقين عند الله، فيقول “من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وجبت له الجنة” وإن الرضا بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبالإسلام دينا المقصود منه، أن ترضى وأنت صادق مع الله، وهذا الرضى مع الصدق، هو الذي يجعلك تتحمل جميع المشاق في سبيل أن تصدق مع الله، وأن ترضيه، وهذا هو الذي فعله سلفنا الصالح، الذين صدقوا مع الله، واخلصوا له، فإن خبيب بن عدي أخذه كفار مكة، وصلبوه على الخشبة، وأرادوا قتله، وقال له أبو سفيان وكان كافرا حينئذ، قال له يا خبيب أترضى أن يكون محمد مكانك، وتنجو أنت؟ فانظر إلى الرد وتعلم الصدق، فإذا به يقول والله ما أرضى أن يشاك رسول الله صلى الله عليه وسلم بشوكة وأنا حي،

 

فكيف أرضى بأن يكون مكاني؟ يعني أنا فداء لشوكة تصيبه لا أرضى بها، وننظر إلى المرأة المسلمة في غزوة أحد تأتى من بعيد بعد أن سمعت بهزيمة المسلمين، فيقال لها قتل زوجك، فتقول وأين رسول الله؟ فيقال لها وقتل أبوك، فيقول وأين رسول الله؟ فيقال لها وقتل ابنك، وقتل أخوك، فتقول وأين رسول الله؟ حتى إذا رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أقبلت عليه، وأمسكت بثوبه، وقالت كل مصيبة بعدك جلل، أي كل مصيبة بعدك هينة، وإن قتل الزوج والابن والأب، فما دمت أنت حيا، فكأن أحدا لم يقتل، فهل هناك أعظم من هذا الصدق؟ فما أعظم الصدق مع الله، وما أعظم الإيمان به، فإننا دخلنا في الإيمان ونحن أسعد الناس بهذا الإيمان، ولو لم يكن لنا في الحياة، لو لم يكن لنا مال ولا بنون ولا زوجات، ولا أولاد، ولا أي شيء نتمتع به إلا أن نشعر بأن قلوبنا مليئة بحب الله، والخوف منه، وأن ألسنتنا مرطبة بذكره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى