مقال

الدكروري يكتب عن الوفاء بالعهد والميثاق ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الوفاء بالعهد والميثاق ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الخامس مع الوفاء بالعهد والميثاق، فأتى بالألف دينار، فقال والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك، فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه، قال هل كنت بعثت إلي بشيء؟ قال أخبرك أني لم أجد مركبا قبل الذي جئت فيه، قال فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة، فانصرف بالألف الدينار راشدا” رواه البخاري، وأما عن نقض العهد، فإن معنى نقض العهد، هو عدم الوفاء بما أعلن الإنسان الالتزام به، أو قطعه على نفسه، من عهد أو ميثاق، سواء فيما بينه وبين الله تعالى، أو فيما بينه وبين الناس، وإن نقض العهد من الكبائر، وقد قال الله تعالى عن الفاسقين فى سورة البقرة ” الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون فى الأرض أولئك هم الخاسرون” وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال

 

“أربع من كن فيه، كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة أى صفة منهن، كانت فيه خصلة مِن النفاق حتى يدعها يتركها، إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر أى ترك الوفاء بالعهد، وإذا خاصم فجر” رواه البخاري ومسلم، وعن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة، فيقال هذه غدرة فلان بن فلان” رواه البخاري، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” قال الله ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطِ أجره” رواه البخاري، وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال ما خطبنا نبي الله صلى الله عليه وسلم إلا قال “لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له” وعن بُريدة رضي الله عنه، قال.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما نقض قوم العهد قط، إلا كان القتل بينهم، ولا ظهرت الفاحشة في قوم قط، إلا سلط الله عليهم الموت، ولا منع قوم الزكاة، إلا حبس الله عنهم القَطر” عن بريدة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش، أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرا، ثم قال “اغزوا باسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا أي ولا تنقضوا العهد، ولا تمثلوا أي لا تشوهوا القتلى، ولا تقتلوا وليدا أي صبيا، وإذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصال، فأيتهن ما أجابوك، فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام” رواه مسلم، وعن رفاعة بن شداد، قال كنت أقوم على رأس المختار، فلما عرفت كذبه، هممت أن أسل سيفي فأضرب عنقه، فذكرت حديثا حدثناه عمرو بن الحمق.

 

قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “مَن أمّن رجلا على نفسه، فقتله، أعطي لواء الغدر يوم القيامة” رواه أحمد، وإن الله سبحانه وتعالى تحدث عن خُلق الوفاء في قرآنه المجيد، فقال تبارك وتعالى في سورة المعارج في صفات أهل الجنة المكرمون ” والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون” وقال تعالى في سورة المؤمنون في صفات المؤمنين الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون “والذين هم لأماناتهم وعهدم راعون” وقال تعالى في علامات الصادقين المتقين في سورة البقرة ” والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين فى البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون” والوفاء بالعهد من صفات الأنبياء والمرسلين، والوفاء بالعهد من علامات الصادقين المتقين، ومن صفات الأنبياء الكرام وهو خُلق ملازم لأهل الجنة في حياتهم الدنيا.

 

إذ كيف يطمع في الجنة وصحبة الأنبياء والصادقين والمتقين من لم يتخلق بهذا الخُلق؟ فكم من المسلمين في دنيا اليوم من يحدث وهو كاذب وكم من المسلمين من يَعد وهو خائن، وكم أعطى من الوعود والعهود وبعدها غدر بأصحابها، فأين الوفاء بالعهد؟ ولكنى أقول لقد ضاع هذا الخُلق بين المسلمين إلا مَن رحم الله عز وجل، ولنأخذ موقفا واحدا من المواقف العظيمة التي جسّد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم خُلق الوفاء بالعهد، فقبل غزوة بدر يخبره حذيفة بن اليمان، والحديث في صحيح مسلم، أن كفار قريش قد أخذوه قبل أن يدخل المدينة هو وأبا حُسيل، فقالوا إنكم تريدون محمدا، قلنا ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معك يا رسول الله، فماذا قال لهما صاحب الوفاء يا ترى؟ ماذا قال لهما مَن بعثه الله ليتمم به مكارم الأخلاق؟

 

ومع أنه كان في أشد الحاجة إلى الرجال ليقاتلوا معه ضد المشركين، المشركين الذين أخرجوه من مكة، الذين سفكوا دماء المسلمين واستحلوا أموالهم، وعذبوهم أشد العذاب، وبالرغم من كل هذا، قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم “انصرفا نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم” فإن كان هذا هو وفاء المسلمين للمشركين، بل للمشركين المحاربين وفي الحرب نفسها، فكيف يكون وفاء المسلمين للمسلمين؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى