مقال

الدكروري يكتب عن الإمام ابن خلدون ” جزء 8″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام ابن خلدون ” جزء 8″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثامن مع الإمام ابن خلدون، أما الفريق الثاني فيمثله طه حسين ومحمد عبدالله عنان، حيث يريان ومن معهما أن أصل ابن خلدون أمازيغي، إلا أن ما لا شك فيه عراقة نسبه، وعلو شأن قومه وارتفاع منزلتهم، لا سيما بعد أن استقروا في مدينة الأندلس، حيث تسلموا مناصب مرموقة في البلاد، وحافظوا على مكانتهم فتنقلوا ما بين رئاسة علمية وأخرى سلطانية، فخرج منهم العالم، والأديب، والمؤرخ، والاجتماعي، والحكيم، وكان لابن خلدون نصيب من الرئاستين معا، فهو الذي كان واليا لقضاء المالكية في مصر، حيث عرف عنه الزهد والانقطاع عن السياسة في آخر أيام حياته، ومجالسة أصحاب العلم، ووُلد ابن خلدون في تونس في شهر رمضان من عام سبعمائة واثنين وثلاثين من الهجرة، وامتازت الفترة التي نشأ فيها ابن خلدون بانتشار العلم، ووفرة الأدب.

 

لا سيّما أنه تلقى فن الأدب عن والده، كما أنه التحق بمجالس العلم التي كانت تضم عدة علماء كبار كان منهم قاضي القضاة محمد بن عبدالسلام، والرئيس أبي محمد الحضرمي، والعلامة الآبلي، فما بلغ ابن خلدون سن العشرين حتى تميّز بعلمه وأدبه، وعُرف بعبقريته، فاستدعاه أبو محمد بن تافراكين إلى البلاط الملكي لكتابة العلامة عن السلطان أبي اسحاق، وهي الحمد لله والشكر لله التي تكتب بالقلم الغليظ ما بين البسلمة وما بعدها، سوآء كانت مخاطبة أم مرسوم، ومنذ ذلك بدأت حياة ابن خلدون السياسية، وبعد أن تولى ابن تافراكين ابن خلدون أولى مهامه المتمثلة بكتابة العلامة في المراسيم، ومخاطبة السلاطين، خرج مع السلطان أبي اسحاق لملاقاة صاحب قسنطية الأمير أبي زيد، فالتقى الجيشان وكانت النتيجة هزيمة جيش السلطان، مما دفع ابن خلدون للسفر إلى المغرب، وطلب المساعدة من السلطان أبي عنان.

 

صاحب تلمسان الذي رحّب به و أكرمه وقّدم له الحماية، ودعاه إلى مجالس العلم، كما ألزمه بشهود الصلوات معه، وكما شغل ابن خلدون في المغرب أكثر من منصب، والتي يذكر منها كتابة العلامة عن السلطان أبي عنان سنة سبعمائة وخمس وسبعين من الهجرة، حيث اعتبرت المهمة الثانية من نوعها التي وُكل بها ابن خلدون، وهي الكتابة للسلطان أبي عنان حيث وكّله بها لِما عرفه عنه من مجالسته لأهل العلم في المجالس التي كان يحضرها، إلا أنه لم يستمر في هذا المنصب لوقت طويل حيث عُوقب بالسجن سنة سبعمائة وست وخمسين من الهجرة وذلك لاتهامه بأنه ساعد الأمير محمد لاسترجاع ملكه، فمكث في السجن قرابة العامين، إلى أن كتب قصيدة استعطف بها السلطان لإطلاق سراحه فكان لها أثر في نفس أبي عنان، فوعده أن يفك أسره، لكنه توفي قبل أن يفي بوعده.

 

وكما شغل بالكتابة عن السلطان أبي سالم في السر والإنشاء سنة سبعمائة وستين من الهجرة، وطلب السلطان أبو سالم ابن خلدون بعدما ساعده في استرداد ملكه للكتابة له، وذلك لسعة علمه وبلاغته، ومهاراته في كتابه رسائل السلاطين، والقدرة على نظم الشعر، وإتقانه لفن الخطابة، وغيرهما من فنون، وكما اشتغل ابن خلدون بخطة المظالم وهي المهمة الثانية التي وُكل بها ابن خلدون من قبل السلطان أبي سالم في أواخر عهده في المغرب، حيث تقوم على القضاء بين الناس، وإقامة العدل، وإعطاء كل ذي حق حقه، وأشار ابن خلدون إلى أنه أعطى هذه المهمة حقها طيلة تسلمه إياها، وكذلك اشتغل بالحجابة لدى صاحب بجاية، حيث عمل ابن خلدون حاجبا لدى السلطان بجاية بن أبي عبد الله، ويعتبر منصبه هذا الأول له في الأندلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى