مقال

الدكروري يكتب عن الإمام الكوثري ” جزء 2″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام الكوثري ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

والعالم والمتعلم، ورسالة أبي حنيفة إلى عثمان البتي، والفقه الأبسط للإمام أبي حنيفة، واللمعة في الوجود والقدر وأفعال العباد لإبراهيم بن مصطفى الحلبي المذاري، وكشف أسرار الباطنية لمحمد بن مالك الحمادي، والروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر للبدر العيني، وشروط الأئمة الستة لمحمد بن طاهر المقدسي وشروط الخمسة للحازمي، والتعليقات عليها مسماة بالتعليقات المهمة على شروط الأئمة، وكشف المغطى من فضل الموطا لابن عساكر، والعقل وفضله لابن أبي الدنيا، والحدائق في الفلسفة العالية للبطليوسي، وحقيقة الإنسان والروح للجلال الدواني، ومنية الألمعي فيما فات الزيلعي للعلامة قاسم بن قطلوبغا، والانتقاء في تاريخ الأئمة الفقهاء، مالك والشافعي وأبي حنيفة لابن عبد البر، وخصائص مسند أحمد لأبي موسى المديني، وشرح الحكيم محمد بن أبي بكر التبريزي على المقدمات الخمس والعشرين.

 

ومن دلالة الحائرين لموسى بن ميمون، ويعد محمد زاهد بن حسن الحلمي الكوثري أبرز علماء الأحناف في العصر الحديث، وتلقى علوم العربية والشريعة في وطنه تركيا فبعد التتلمذ لوالده انتقل إلى دُوزجه متعلما ثم الآستانة، كما استفاد من علماء زمانه في مختلف فنون المعرفة، وظل مواظبا على التحصيل رغم الرتب العلمية التي نالها فأخذ كما هي عادة علماء عصره الإجازات عن كثير من أعلام زمانه وبعد أن ضاق المكان عن الاحتمال انتقل مستصحبا الرغبة في التحصيل والإصلاح في رحلات متتالية إلى الإسكندرية ثم القاهرة ومنها إلى الشام، ومنها إلى بيروت ثم دمشق، ثم استقر به المقام بمصر التي وصلها عبر فلسطين، وقد لاقى في تلك الرحلة كثيرا من العناء، وظهرت عليه علامات النبوغ منذ المراحل الأولى للتحصيل فقد اشتغل بعد نيل الإجازة العلمية العالمية.

 

وذلك سنة ألف وتسعمائة وسبعة ميلادي بالتدريس في جامع الفاتح وعمره أقلّ من الثلاثين عاما، واستمر على هذا العمل مدرسا في مدرسة المتخصصين بدار الخلافة ثم بجامعة إسطنبول، وجمع إليها التدريس في المعاهد والمدارس المسائية وأخذ عنه كثير من فضلاء زمانه، من أمثال أحمد خيري وحسام القدسي وعبد الفتاح أبو غدة العالم الزاهد وغيرهم كثير، وكان للإمام الكوثري آثار محمودة في شتى أنواع العلوم بعضها ما زال مخطوطا، وبعضها ضاع، وما طبع منها جاوز العشرين مؤلفا، كما علق على كثير من المؤلفات النافعة، وكان إضافة إلى ذلك يكتب المقالات التي عرفت بمقالات الكوثري، ضمّنها الحديث عن كثير من ميادين الإصلاح كالعلوم والتعليم والاجتماع والتربية والعمران، ووضع المرأة وحذر من أمراض أصابت الأمة من نحو التحلل والتفسّخ وهيمنة التشرذم وعادات الجاهلية.

 

والرضا بالذل على كل الأصعدة، واللامبالاة بما حل بالأمة من تخاذل ينذر بالسقوط، والتي سمّاها الكوثري بعلة أنا مالي، فهي على وجازتها علة العلل في الخلل الذي طرأ على شؤون الأمة في كل زمن، ويفرض وضع هذا شأنه برأي الكوثري العمل على إصلاح الأفراد بالتربية الدينية الراشدة، لأن الفرد هو النواة الأولى للأسرة، ولأن الأسرة هي الخلية الأولى لإصلاح المجتمع، ويفرض كذلك إنجاز دراسات جادة شاملة عن أمراض المجتمع بغرض تشكيل جماعات متصاعدة تقوم بواجب إرشاد الأسر والمجتمعات والبلدان والدول، ويقتضي نجاح هذا العمل جهودا جماعية في إطار مؤتمرات تعقد لهذه الغاية، مع السعي المستمر نحو تعارف الشعوب الإسلامية لتتمكن الجامعة من تقويم العود أو رد التعدي على الأمة بالتشاور والتآزر، وإصلاح ما يحتاج إلى الإصلاح منها بعناية فائقة.

 

تركز على التضامن الاجتماعي الذي يرمي إليه وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الشرع الإسلامي، ثم العمل على إصلاح عالم الأفكار ببعث الأبعاد الاجتماعية والسياسية والفكرية للعقيدة الإسلامية، ورأس الإصلاح في عالم الأفكار بعد التوحيد، إبطال فلسفة أنا مالي التي تعبّر عن اللامبالاة وتعطيل وظائف التوحيد، فيعتقد المسلم حين يرفض التسليم بهذه الفكرة أنه من الواجب عليه أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” وقد عُرف إضافة إلى ما سلف بصفات أخلاقية قلّ نظيرها، فقد عرف بالزهد والتعفف والصبر وحسن المعاملة وعدم قبول أجر العلم، وحليت تلك الصفات الأخلاقية بصفات علمية سهلت له مأمورية التعليم والتربية فقد كان محيطا بعلوم الشريعة ووسائلها، متمكنا من علوم الآلة وخاصة اللغات العربية والفارسية والتركية والجركسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى