مقال

الدكروري يكتب عن الإمام طاوس بن كيسان ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام طاوس بن كيسان ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

 

الإمام طاوس بن كيسان، هو الإمام الفقيه أبو عبدالرحمن طاوس بن كيسان اليماني، وهو أحد أئمة الإسلام المشهورين، وكان والد طاوس من أهل فارس، ومن الملامح الشخصية للإمام طاوس بن كيسان، أنه كان من عباد أهل اليمن ومن فقهائهم ومن سادات التابعين، وعن عبد المنعم بن إدريس عن أبيه قال صلى وهب بن منبه وطاوس اليماني الغداة بوضوء العتمة أربعين سنة، وكان طاوس يصلي في غداة باردة مغيمة فمر به محمد بن يوسف أخو الحجاج بن يوسف وأيوب وهو ساجد في موكبه فأمر بساج وطيلسان مرتفع فطرح عليه، فلم يرفع رأسه حتى فرغ من حاجته، فلما سلم نظر فإذا الساج عليه فانتفض ولم ينظر إليه ومضى إلى منزله، ولم يترك صلاته وعبادته حتى في مرض موته، ويروي عبد الواحد بن زياد عن ليث قال رأيت طاوسا في مرضه الذي مات فيه يصلي على فراشه قائما ويسجد عليه.

 

وكان طاوس فقيها جليل القدر نبيه الذكر، وأصبح سيدا لأهل اليمن بعلمه فعن الزهري قال قدمت على عبد الملك بن مروان فقال من أين قدمت يا زهري؟ قال قلت من مكة قال ومن خلفت يسودها وأهلها؟ قلت عطاء بن أبي رباح قال فمن العرب أم من الموالي؟ قلت من الموالي قال فبم سادهم؟ قلت بالديانة والرواية قال إن الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا، قال فمن يسود أهل اليمن؟ قلت طاوس بن كيسان قال فمن العرب أم من الموالي؟ قال قلت من الموالى قال فبم سادهم؟ قلت بما ساد به عطاء، ولقد زهد طاوس فيما عند الناس فأقبل الناس على علمه، وهكذا العالم أما إذا أقبل على أموالهم هان عليهم وزهدوا في علمه، وكان طاوس من الزاهدين ولم يهن نفسه يوما بقبول مالا من أحد حتى من الأمير، وقال عنه ابن عباس رضي الله عنهما إني لأظن طاوسا من أهل الجنة، وقال ابن حبان كان طاوس من عبّاد أهل اليمن.

 

ومن سادات التابعين، مستجاب الدعوة، حج أربعين حجة، وكما قال عبدالرحمن بن أبي بكر المليكي رأيت طاوسا بين عينيه أثر السجود، وكما روى أبو نعيم عن ابن أبي رواد، قال”رأيت طاوسا وأصحابا له إذا صلوا العصر لم يكلموا أحدا، وابتهلوا في الدعاء” وكان طاوس لا يدع جارية له سوداء ولا غيرها إلا أمرهن فخضبن أيديهن وأرجلهن يوم الفطر ويوم الأضحى، ويقول إنه يوم عيد، وقال حنظلة بن أبي سفيان ما رأيت عالما قط يقول لا أدري، أكثر من طاوس، وكما قال حبيب بن أبي ثابت اجتمع عندي خمسة لا يجتمع مثلهم عند أحد، عطاء، وطاوس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، كما قال عمرو بن دينار ما رأيت قط مثل طاوس، كما قال ابن معين وأبو زرعة أن طاوس ثقة، وقال طاوس حدثني ابن عباس أن آخر آية نزلت من كتاب الله وهي في سورة البقرة ” واتقوا يوما ترجعون فيه إلي الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون”

 

كما روى البيهقي عن داود بن إبراهيم أن الأسد حبس الناس ليلة في طريق الحج، فرق الناس بعضهم بعضا، فلما كان في السحر ذهب عنهم، فنزل الناس يمينا وشمالا وألقوا أنفسهم فناموا، وقام طاوس يصلي، فقال رجل لطاوس ألا تنام فإنك نصبت الليلة؟ قال طاوس “وهل ينام السّحر” وقال إسحاق الصنعاني دخل طاوس ووهب بن منبه على محمد بن يوسف أخي الحجاج، وكان عاملا علينا، في غداة باردة، قال فقعد طاوس على الكرسي، فقال محمد يا غلام، هلمّ ذاك الطيلسان فألقه على أبي عبدالرحمن، فألقوه عليه، فلم يزل يحرك كتفيه حتى ألقى عنه الطيلسان، وغضب محمد بن يوسف، فقال له وهب والله إن كنت لغنيا أن تغضبه علينا لو أخذت الطيلسان فبعته وأعطيت ثمنه المساكين، فقال نعم، لولا أن يقال من بعدي أخذه طاوس، فلا يصنع فيه ما أصنع، إذن لفعلت، كما قال سلمة بن وهرام مروا على طاوس بسارق.

 

فافتداه بدينار وأرسله، وقيل أنه لما تولي الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز الخلافة، كتب إليه طاوس إن أردت أن يكون عملك خيرا كله، فاستعمل أهل الخير، فقال عمر كفى بها موعظة، وقال سفيان بن عيينة قال عمر بن عبدالعزيز لطاوس ارفع حاجتك إلى أمير المؤمنين، يعني سليمان بن عبدالملك، فقال طاوس ما لي إليه من حاجة، قال فكأنه قد عجب من ذلك، وكما قال سفيان الثوري جاء ابن لسليمان بن عبدالملك فجلس إلى جنب طاوس، فلم يلتفت طاوس إليه، فقيل له جلس إليك ابن أمير المؤمنين فلم تلتفت إليه، قال “أردت أن يعلم أن لله عبادا يزهدون فيما في يديه، وكما روى أبو نعيم عن عبدالرزاق بن همام، عن أبيه، قال “كان طاوس يصلي في غداة باردة مغيمة، فمر به محمد بن يوسف أخو الحجاج بن يوسف وأيوب وهو ساجد في موكبه، فأمر بساج وطيلسان مرتفع فطرح عليه، فلم يرفع حتى فرغ من حاجته، فلما سلم نظر فإذا الساج عليه، فانتفض ولم ينظر إليه ومضى إلى منزله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى