مقال

الدكروري يكتب عن صور ومخاطر الفساد “جزء 1”

جربدة الاضواء

الدكروري يكتب عن صور ومخاطر الفساد “جزء 1”

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

إن واقعنا المعاصر الذي نعيش فيه الآن ينذر بكارثة كبري في كل طبقات المجتمع وذلك في غياب الوازع الديني وإنهيار القيم الأخلاقية من المجتمع إلا ما رحم الله من عبادة، وكل ذلك بعد ظهور العولمة التي جعلت العالم عبارة عن قرية صغيرة منفتحة علي بعضها البعض، وإن الإسلام دين الصلاح والإصلاح، يدعو إلى الخير وينهى عن الشر والإفساد، وإن الإفساد في الأرض هو شيمة المجرمين، وطبيعة المخربين، وعمل المفسدين، ففيه ضياع للأملاك، وضيق في الأرزاق، وسقوط للأخلاق، إنه إخفاق فوق إخفاق، يحول المجتمع إلى غابة يأكل القوي فيه الضعيف، وينقض الكبير على الصغير، وينتَقم الغني من الفقير، فيزداد الغني غنى، ويزداد الفقير فقرا، ويقوى القوى على قوته، ويضعف الضعيف على ضعفه.

 

والفساد داء ممتد لا تحده حدود، ولا تمنعه فواصل، يطال المجتمعات كلها متقدمها ومتخلفها بدرجات متفاوتة، وإن شرائع السماء كلها نهت عن الفساد في الأرض ودعت الناس إلى عدم الانقياد لهم أو معاونتهم فإن من أعان المفسدين أو رضي بأفعالهم أو تستر عليهم فهو شريك لهم في الإثم، وقد نهى الله تعالى عن ذلك فقال ” ولا تعاونوا على الأثم والعدوان” وقال الله تعالى ” ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون فى الأرض ولا يصلحون” و قال الله تعالى ” ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها” وهذه الآيات العظيمة، وغيرها مما يقارب خمسين آية في كتاب الله تعالى كلها تحذر من الفساد بجميع صوره وأشكاله وأنواعه والتحذير من الفساد جاء عاما، للتحذير من كل صور الفساد، ولم يخصص نوعا من أنواع الفساد.

 

حتى يبتعد المسلمون عن جميع الصور، فسبحان الله العظيم، من للعباد غيره يدبر الأمر ومن يعدل المائل من يشفى المريض ومن يرعى الجنين فى بطون الحوامل من يحمى العباد وهم نيام وهل لحمايته بدائل من يرزق العباد ولولا حلمه لأكلوا من المزابل من ينصر المظلوم ولولا عدله لسووا بين القتيل والقاتل ومن يظهر الحق ولولا لطفه لحكم القضاة للباطل من يجيب المضطر اذا دعاه وغيره استعصت على قدرته المسائل من يكشف الكرب والغم ومن يفصل بين المشغول والشاغل من يشرح الصدور ولولا هداه لنعدم الكوامل من كسانا، من أطعمنا وسقانا، من كفانا وهدانا من خلق لنا الأبناء والحلائل من سخر لنا جوارحنا ومن طوع لنا الأعضاء والمفاصل من لنا إذا انقضى الشباب وتقطعت بنا الأسباب والوسائل هو الله.

 

هو الله، هو الله الإله الحق وكل ما خلا الله باطل، والإفساد في الأرض أمر يجب التحذير منه والتنبه له، لأنه أمر مخالف لدعوة الأنبياء والرسل عليهم السلام الذين جاءوا بالإصلاح في الأرض، وإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله عز وجل، وتتابعت رسُل الله وأنبياؤه ينهون عن الفساد في الأرض، وإن للإفساد في الأرض صور وأشكال وألوان مختلفة ومتعددة، فمن الواضح الذي لا يختلف فيه اثنان، أن الفساد عم وطم في أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي، فأصبحنا نشاهد الفساد الاقتصادي والفساد الإداري والفساد السياسي والفساد الاجتماعي والفساد الأخلاقي والفساد الديني والفساد العلمي بجميع الصور، نسأل الله ألا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، وعند تدبر كتاب الله والتأمل فيه نرى في كتاب الله تحذيرا من أنواع الفساد.

 

ليكون المسلم على حذر منها، وإذاتأملت الآيات التي ذكر الله عز وجل فيها الإفساد فرأيت أن الله تبارك وتعالى إذا ذكر الإفساد بهذا اللفظ نفى الإصلاح، أو ذكره معه لتعلم أن المفسدين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، فإن الفساد فى الأرض أصبح ظاهرة خطيرة تصيب جميع مجتمعات العالم، النامية والمتطورة والمتقدمة منها على حد سواء، وإن كان بدرجات متفاوتة، ومن المؤسف أن معدلات الفساد آخذة في الازدياد، فضلا عن تنوع المجالات التي يلحقها، وإن الفساد معناه كما ذكر أهل اللغة هو مصدر فسد يُفسد فسادا، وهو ضد الإصلاح، فقال الليث أن الفساد نقيض الإصلاح، وقال الراغب، أن الفساد خروج الشيء عن الاعتدال سواء أكان الخروج عليه قليلا أم كثيرا، وكل اعتداء على الدين، أو العقل، أو المال، أو العرض، أو النفس فهو إفساد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى