مقال

الدكروري يكتب عن الإمام بدر الدين الشوكاني ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام بدر الدين الشوكاني ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام الشوكاني هو محمد بن علي بن محمد الشوكاني، الملقب ببدر الدين الشوكاني، وهو أحد أبرز علماء أهل السنة والجماعة وفقهائها، ومن كبار علماء اليمن، هو إمام الأئمة، ومفتي الأئمة، بحر العلوم، وشمس الفهوم، سند المجتهدين الحفاظ، فارس المعاني والألفاظ، فريد العصر، نادرة الدهر، شيخ الإسلام، علامة الزمان، ترجمان الحديث والقرآن، علم الزهاد، أوحد العباد، قامع المبتدعين، رأس الموحدين، تاج المتبعين، صاحب التصانيف التي لم يسبق إلى مثلها، قاضي قضاة أهل السنة والجماعة، شيخ الرواية والسماع، علي الإسناد، السابق في ميدان الاجتهاد، على الأكابر الأمجاد، المطلع على حقائق الشريعة ومواردها، العارف بغوامضها ومقاصدها، الإمام محمد بن علي الشوكاني رحمه الله تعالى، وولد الإمام الشوكاني في وسط نهار يوم الاثنين الثامن والعشرين من شهر ذي القعدة، في هجرة شوكان في اليمن.

 

عام ألف ومائة وثلاث وسبعين من الهجرة، ونشأ بصنعاء، وتلقى العلم على شيوخها، اشتغل بالقضاء والإفتاء، وتولي قضائها سنة ألف ومائتان وتسع وعشرين من الهجرة، ومات حاكما بها في سنة ألف ومائتان وخمسين من الهجرة، والإمام العلامة المجتهد القاضي محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني ثم الصنعاني، والشوكاني نسبة إلى عدني شوكان، أو إلى هجرة شوكان وهي قرية صغيرة جنوب شوكان، تبعد عن صنعاء شرقا نحو عشرين كيلو متر تقريبا، وهي إحدى قرى السحامية من بلاد خولان العالية الطيال باليمن، وهجرة وشوكان اسمان لقرية واحدة، بينها وبين صنعاء دون مسافة يوم، وهي نسبة والده، والصنعاني نسبة إلى صنعاء وكان والده قاضي صنعاء، ومن العلماء البارزين فيها، فيه طيبة وصلاح تجعل من يعرفه حق المعرفة يتيقن أنه من أولياء الله، ولعل هذا كان له أثره في حياة ابنه بعد ذلك.

 

وقد كرس حياته في سبيل الدفاع عن هذا الدين، وإزالة ما علق به من شوائب التقليد، والتعصب، والجمود وغيرها وتصدر الشوكاني للتدريس في جامع صنعاء، وأقبل عليه طلبة العلم من كل مكان ينهلون من معارفه الواسعة، وفيهم من كان من شيوخه، وكما تولى رحمه الله تعالى القضاء الأكبر للإمام المنصور في شهر رجب سنة ألف ومائتان وتسع من الهجرة، خلفا للقاضي يحيى بن صالح السحولي على غير رغبة منه، ثم تولى لابنه المتوكل أحمد، فابنه المهدي عبد الله، ويقول الشوكاني عن نفسه وابتلى بالقضاء في مدينة صنعاء بعد موت من كان متوليا للقضاء، وكان دخوله في القضاء وهو ما بين الثلاثين والأربعين، وكان جريئا في قول الحق، آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، لا يخشى في الله لومة لائم، أنكر على الهادوية اعتمادهم أقوال أئمتهم وجمودهم على التقليد، فكتب كتابه القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد.

 

وقام الشوكاني بالدعوة إلى الإصلاح وجوانب ذلك دعوته إلى الاجتهاد ونبذ التقليد، ودعوته إلى العقيدة السلفية، وتطهير العقيدة وتنقيتها من مظاهر الشرك، وقد نشأ الإمام الشوكاني بصنعاء اليمن، وتربى في بيت العلم والفضل فنشأ نشأة دينية طاهرة، حيث تلقى فيها معارفه الأولى على والده وأهل العلم والفضل في بلدته، فحفظ القرآن الكريم وجوّده، ثم حفظ كتاب عيون الأزهار، للإمام المهدي في فقه الزيدية ومختصر الفرائض للعُصيفيري وملحة الأعراب في صناعة الإعراب للحريري، والكافية والشافية لابن الحاجب، وغير ذلك من المتون التي اعتاد حفظها طلاب العلم في القرون المتأخرة، وكان الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى كثير الاشتغال بمطالعة كتب التاريخ، والأدب، وهو لايزال مشتغلا بحفظ القرآن الكريم، ومما ساعد الإمام الشوكاني على طلب العلم والنبوغ المبكر، هو وجوده وتربيته في بيت العلم والفضل.

 

فإن والده رحمه الله تعالى كان من العلماء المبرزين في ذلك العصر، كما أن أكثر أهل هذه القرية كانوا كذلك من أهل العلم والفضل حيث قال الشيخ الشوكاني عن والده وأهل قريته “وهذه الهجرة معمورة بأهل الفضل والصلاح والدين من قديم الزمان، لايخلو وجود عالم منهم في كل زمن، ولكنه يكون تارة في بعض البطون، وتارة في بطن أخرى، ولهم عند سلف الأئمة جلالة عظيمة، وفيهم رؤساء كبار، ناصروا الأئمة، وخصوصا في حروب الأتراك، فإن لهم في ذلك اليد البيضاء، وكان فيهم إذ ذاك علماء وفضلاء، يعرفون في سائر البلاد الخولانية بالقضاة” واستطاع الإمام الشوكاني أن يستفيد من علماء عصره، وما أكثرهم، فأخذ يطلب العلم بجميع فنونه، فقرأ شرح الأزهار، على والده، وشرح الناظري على مختصر العصيفيري، كما قرأ كتاب التهذيب، للعلامة التفتازاني، وتلخيص المفتاح، في علوم البلاغة للقزويني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى