مقال

الدكروري يكتب عن دور العلم والجهل في بناء وهدم الشعوب “جزء 2”

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن دور العلم والجهل في بناء وهدم الشعوب “جزء 2”

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

 

ولأهمية العلم نجد أنه صلى الله عليه وسلم جعل فداء كل أسير من أسرى بدر ممن يحسنون فن القراءة والكتابة، أن يعلم عشرة من أبناء الصحابة, ولم يقتصر اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالحث على تعليم العربية فحسب بل أمر بتعلم اللغات الأخرى، وكما قيل “من تعلم لغة قوم أمن مكرهم” لقد دعانا الإسلام العظيم إلي إعمال العقل والتفكر فيمن حولنا ليزيد الإيمان في القلب ويقويه ويرسخ اليقين، ويجلب الخشية لله تعالى وتعظيمه، وكلما كان الإنسان أكثر تفكرا وتأملا في خلق الله وأكثر علما بالله تعالى وعظمته كان أعظم خشية لله تعالى كما قال سبحانه “إنما يخشى الله من عباده العلماء” ولهذا كان السلف الصالح على جانب عظيم من هذا الأمر فكانوا يتفكرون في خلق الله ويتدبرون آياته ويحثون على ذلك، ويقول قائل ما طالت فكرة امرئ قط إلا فهم، ولا فهم إلا علم، ولا علم إلا عمل، ويقول الآخر لو تفكر الناس في عظمة الله.

 

لما عصوه، وقال أبو سليمان الداراني إني لأخرج من منزلي فما يقع بصري على شئ، إلا رأيت لله فيه نعمة ولى فيه عبرة، وقد كثر الحديث في كتاب الله تعالى على الاعتبار والتدبر والنظر والتفكر، فإن التفكر في ملكوت السموات والأرض من شانه أن يهدى الحيارى، ففي كل شئ له آية تدل على أنه الواحد، وتأمل عجيب قدرة الله تعالى في خلقه، وكيف يسير الكون بنظام دقيق ربما يكون سببا في زيادة إيماننا، وإن الإنسان إذا نظر فى نطفته الأصلية، فى هذا الماء المهين، أو الماء الدافق، الذى يخرج من بين الصلب والترائب، وجد فى هذه القطرات التى تنزل من الرجل ملايين، أو مئات الملايين من الحيوانات المنوية، التى يصلح كل منها ليُخلق منه إنسان كامل، فانظر فى هذه الوفرة الهائلة التى وفرها الله لكل إنسان، وهو يحتاج إلى واحد منها، ومن آياته خلق السموات والأرض، فمن نظر إلى السماء في حسنها.

 

وكمالها وارتفاعها وعظمتها، عرف بذلك تمام قدرته سبحانه، فقال تعالى ” أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها” وقال تعالى أيضا “والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون” وقال تعالى أيضا “أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لهم من فروج” وعن العباس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “هل تدرون كم بين السماء والأرض؟ قلنا الله ورسوله أعلم، قال بينهما خمسمائة سنة ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة، وكثف أي سمك كل سماء مسيرة خمسمائة سنة وبين السماء السابعة والعرش بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض، والله تعالى فوق ذلك وليس يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم، والأرض وما جعل الله تعالى فيها من الرواسي والأقوات والخلق الذي لا يحصيه إلا الله تبارك وتعالى، فانظر كيف مهدها الله وسلك لنا فيها سبلا.

 

وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها ويسرها لعباده فجعلها لهم ذلولا يمشون في مناكبها ويأكلون من رزقه، وانظر كيف جعلها الله تعالى قرارا للخلق لا تضطرب ولا تزلزل بهم إلا بإذن الله تعالى، فقال تعالى “وفي الأرض آيات للموقنين ” وقد قال ابن كثير رحمه الله أنه سُئل أحد الأعراب فقيل له ما الدليل على وجود الرب تعالى، فقال يا سبحان الله إن البعرة ليدل على البعير، وإن أثر الأقدام ليدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير؟ ومن آياته سبحانه وتعالى هو ما بث في السماوات والأرض من دابة، ففي السماء ملائكة لا يحصيهم إلا الله تعالى، فعن أبي ذر الغفارى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله تعالى” رواه الترمذى.

 

وأن النبي صلي الله عليه وسلم قال “إن البيت المعمور الذي فوق السماء السابعة يطوف به كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى يوم القيامة” وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن رسول الله صلي الله عليه قال “أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة” وفي الأرض من أجناس الدواب وأنواعها ما لا يحصى أجناسه فضلا عن أنواعه وأفراده فانظروا أولا كم على هذه الأرض من البشر من بني آدم، ليسوا بالآلاف ولا حتى بالملايين، بل بالمليارات آلاف الملايين، ومع ذلك فألسنتهم وألوانهم مختلفة فلا تجد شخصين متشابهين من جميع الوجوه كما قال تعالى فى سورة الروم “ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى