مقال

الدكروري يكتب عن دور العلم والجهل في بناء وهدم الشعوب “جزء 7”

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن دور العلم والجهل في بناء وهدم الشعوب “جزء 7”

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

 

وإن الغش له أثره السيئ على المجتمع فهو سبب لتأخر الأمة، وعدم تقدمها ورقيها، وذلك لأن الأمم لا تتقدم إلا بالعلم وبالشباب المتعلم، فإذا كان شبابها لا يحصل على الشهادات العلمية إلا بالغش، فقل لي بريك ماذا سوف ينتج لنا هؤلاء الطلبة الغشاشون ؟ ما هو الهم الذي يحمله الواحد منهم ؟ ما هو الدور الذي سيقوم به في بناء الأمة ؟ لا شيء ، بل غاية همه وظيفة بتلك الشهادة المزورة، لا هم له في تقديم شيء ينفع الأمة، أو حتى يفكر في ذلك وهكذا تبقى الأمة لا تتقدم بسبب أولئك الغششة بينها ونظرة تأمل للواقع نرى ذلك واضحا جليّا، فعدد الطلاب المتخرجين في كل عام بالآلاف ولكن قل بربك من منهم يخترع لنا؟ أو يكتشف؟ أو يقدم مشروعا نافعا للأمة؟ قلة قليلة لا تكاد تذكر، فإن هذا الغاش غدا سيتولى منصبا، أو يكون معلما وبالتالي سوف يمارس غشه للأمة.

 

بل ربما علم طلابه الغش بل إن الوظيفة التي يحصل عليها بهذه الشهادة المزورة، أو التي حصل عليها بالغش، سوف يكون راتبها حراما لأنه بني على حرام، وأيما جسد نبت من حرام فالنار أولى به، فإن الذي يغش قد ارتكب عدة مخالفات إضافة إلى جريمة الغش، منها السرقة، والخداع ، والكذب، وأعظمها الاستهانة بالله عز وجل، وترك الإخلاص، وترك التوكل على الله سبحانه وتعالى، فعلينا جميعا أن تعاون في مقاومة هذه الظاهرة، كل بحسب استطاعته وجهده، فالأب في بيته ينصح أبنائه ويرشدهم ويحذرهم بين الحين والآخر، والمعلم والمرشد في المدرسة والجامعة كل يقوم بالوعظ والإرشاد، وكذلك الداعية في خطبه ودروسه، والإعلام بوسائله المختلفة، وهكذا كان العلم سبيلا وطريقا لتقدم الأمم ورقيها وازدهارها في كل زمان ومكان، ولقد رفع الله تعالى شأن العلم وأهله، وبيّن مكانتهم، ورفع منزلتهم، ولم يأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستزادة من شيء إلا من العلم.

 

فقال له سبحانه وتعالى فى سورة طه ” وقل رب زدنى علما” وما ذاك إلا لما للعلم من أثر في حياة البشر، فأهل العلم هم الأحياء، وسائر الناس أموات، ولقد منع الله سبحانه المساواة بين العالم والجاهل لما يختص به العالم من فضيلة العلم ونور المعرفة، فالعلم شرف لا قدر له، ولا يجهل قدر العلم وفضله إلا الجاهلون، فقال عبد الملك بن مروان لبنيه”يا بني, تعلموا العلم فإن كنتم سادة فقتم، وإن كنتم وسطا سدتم، وإن كنتم سوقة عشتم” وإن طلب العلم خير ما ضُيعت فيه الأعمار، وأنفقت فيه الساعات، فالناس إما عالم أو متعلم، أو همج رعاع، ولقد جاءت نصوص الكتاب والسنة منوهة بفضل العلم وأهله، والحث على تعلمه وكسبه، فقد شرف الله تعالى هذه الأمة حيث جعلها أمة العلم والعمل معا، تمييزا لها عن أمم الظلم والجهل، وجاءت الصيحة الأولى المدوية التي أطلقها الإسلام في أنحاء المعمورة.

 

لتنوه بقيمة العلم والعلماء، وتسمو بقدره، وتجعل أول لبنة في بناء الأفراد والشعوب، وكيان الأمم والمجتمعات القراءة والكتابة، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر” رواه احمد وأبو داود، والترمذي، وبالعلم تبنى الأمجاد، وتشيد الحضارات، وتسود الشعوب، وتبنى الممالك، بل لا يستطيع المسلم أن يحقق العبودية الخالصة لله تعالى على وفق شرعه، فضلا عن أن يبني نفسه كما أراد الله سبحانه.

 

أو يقدم لمجتمعه خيرا، أو لأمته عزا ومجدا ونصرا، إلا بالعلم، وما فشا الجهل في أمة من الأمم إلا قوض أركانها، وصدع بنيانها، وأوقعها في الرذائل والمتاهات المهلكة، ومن سلك طريقا يظنه الطريق الموصل إلى الله تعالى بدون علم فقد سلك عسيرا، ورام مستحيلا، فلا طريق إلى معرفة الله سبحانه وتعالى والوصول إلى رضوانه إلا بالعلم النافع الذي بعث الله تعالى به رسله، وأنزل به كتبه، فهو الدليل عليه، وبه يهتدى في ظلمات الجهل، وشبهات الفساد والشكوك، والعلم الشرعي هو العلم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهو القاعدة الكبرى التي تبنى عليها سائر العلوم، وحملة العلم الشرعي هم ورثة الأنبياء، والأمناء على ميراث النبوة، ومتى ما جمعوا بين العقيدة الصحيحة والعلم الشرعي المتوج بالأدلة الشرعية مع الإخلاص لله سبحانه، والتأدب بآداب العلم وأهله، فهم الأئمة الثقات، والأعلام الهداة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى