مقال

الدكروري يكتب عن ماذا عن الحلال والحرام ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن ماذا عن الحلال والحرام ” جزء 1″

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

إن أخطر موضوع بعد معرفة الله عز وجل هو الحلال والحرام، لأنك إذا عرفته تشعر باندفاع قوى إلى أن تبحث عن أمره، وتطبق أمره، وإن طلب الفقه حتم واجب على كل مسلم، انطلاقا من معرفته بالله عز وجل، وانطلاقا من حبه له، وانصياعا لأمره، فعليه أن يعرف أمره, كيف تأتمر بأمره إذا لم تعرف أمره؟ كلام عام ائتمروا بأمر الله، أطيعوا الله، كلمة أطيعوا الله من لوازمها أن تعرف أمر الله، وأن تعرفوا حكم الله، وأن تعرفوا الحلال، والحرام، والمكروه، والمندوب، والمباح، والواجب، وإذا تكلمنا عن المسكن والبيت فى الحلال والحرام فسوف نقول بأنه من حق المؤمن أن يكون له مكان يؤويه من عوامل الطبيعة، ويشعره بالخصوصية، والحرية، والاستقلال، فالإنسان لو سكن مع إنسان آخر لا يشعر بالخصوصية أبدا، وأحيانا يكون الإنسان في سفر مع شخص هذا الشخص يقيد حريته، فالمنزل والمأوى للمؤمن كما ورد هو جنة المؤمن داره.

 

وداره تقيه من عوامل الطبيعة، من الحر، والقر، والرياح، والمطر، ويشعره بالخصوصية، ويشعره بالاستقلال والحرية، والعوام لهم أقوال كثيرة في البيت، فقيل أن البيت مأوى، وقيل أنه ذات مرة سأل ملك وزيره فقال له من الملك؟ قال أنت، قال لست أنا، فإن الملك رجل لا نعرفه ولا يعرفنا، له بيت يؤويه، وزوجة ترضيه، ورزق يكفيه، فإن المسكن من نعم الله عز وجل على العبد، فالإنسان في البيت يستريح، وتسكن النفس في البيت، لذلك سمى البيت سكنا، لكن ضجيج المدينة ألغى هذه الصفة في البيت، لا تستطيع أن تنام، ضجيج مستمر، لكن لا يسمى السكن سكنا إلا إذا خيم عليه السكون فالنفس تسكن في البيت، ولذلك الإنسان إذا ذهب إلى الريف، ونام في بيت بعيد عن الضوضاء، والضجيج، يشعر بخدر فى أعصابه، بسبب السكون، والأذكياء والعقلاء يسكنون في أماكن هادئة، والمؤمن دائما يعرف ما عنده، الهواء النقي.

 

والماء النقى، وهذا من نعم الله على العبد، والله عز وجل يقول فى سورة النحل ” والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين” وكيف أن الزوجة سكن، والبيت سكن، فإذا اجتمع البيت مع الزوجة صار سكنا وسكنا، وهذه نعم كبرى ينبغي أن نشكرها، فإن الذى يملك مفتاح بيت، ملك، أجرة، صغير، كبير، عال، منخفض، قريب، بعيد، معك مفتاح مأوى مساء تأوي إليه، ولا يعرف قيمة المأوى إلا من فقد المأوى، لذلك النبى الكريم صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته يقول “الحمد لله الذى آوانى وكم من لا مأوى له” فأى نعمة أنت فيها عليك أن تشكرها لا أن تذمها، ونحن بفضل الله تعالى في نعم كبرى، فإن هناك ناس تسكن في الطرقات، وفي الطرقات ينجبون الأولاد على الأرصفة، وفى الساحات العامة، وعلى قوارب في الأنهار.

 

وتحت ظلال الأشجار، وفي الغابات، وفي الكهوف، وفي بعض الدول الفقيرة يسكنون في المقابر، ويحملون شهادات عليا، فلذلك نحن فى نعمة كبرى، فإن الذى يملك مفتاح بيت، يجب عليه أن يقول “الحمد لله الذى آواني وكم من لا مأوى له” فيجب أن نحمد الله على كل النعمه، والإنسان لا يذم بيته، ولو فقده يبكي عليه، فأى نعمة أنت فيها عليك أن تشكرها لا أن تذمها، والنبى الكريم صلى الله عليه وسلم حينما يتحدث عن سعادة الدنيا يقول كما روى عن عبد الله بن سعيد بن أبى هند عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أربع من السعادة، المرأة الصالحة والمسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنيء” رواه ابن حبان، فمركب هنيء، وزوجة صالحة، وجار صالح، ومسكن واسع، وهناك أقوال أخرى “من سعادة المرء في الدنيا أن تكون زوجته صالحة، وأولاده أبرارا، ومنزله واسعا، ومركبه وطيئا، ورزقه في بلده”

 

فالمؤمن دائما يعرف ما عنده، ما لا ينقصه، والمنافق يبحث عن الذي ينقصه، دائما ساخط على ربه، دائما يتطلع إلى ما عند الآخرين، دائما يندب حظه يشعرك أنه محروم، لكن المؤمن الصادق يضع يده على النعم التي هو فيها، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعظم عنده النعمة مهما دقت، فإذا شرب كأس ماء فإن هذا الطريق سالك، وإخراجه سالك، ولا يوجد حصر بول ولا يحتاج إلى تمييل، ولا إلى عملية في المثانة، والكلية تعمل، وقيل أن رجل توقفت كليتاه عن العمل فذهب لغسل كليتيه، فقالت له الممرضة بعنف وقسوة إياك أن تشرب الماء هذا الأسبوع فإن الآلة معطلة، فالذى يشرب الماء الفرات، براحة وبلا حساب فإن هذه نعمة لا يعرفها إلا من فقدها وهكذا قال صلى الله عليه وسلم “أربع من السعادة، المرأة الصالحة والمسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنيء”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى