مقال

الدكروري يكتب عن أخلاق أصحاب النفوس النبيلة ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن أخلاق أصحاب النفوس النبيلة ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

كما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر جبرا لقلوب الفقراء وإعزازا لهم عن ذل السؤال في يوم العيد وهو صلى الله عليه وسلم الذي كان يجبر قلوب الضعفاء والمساكين فكانت الجارية أو الأمَة من إماء أهل المدينة تأخذ بيده فتنطلق به حيث شاءت” بل إنه جبر بخواطرنا نحن الذين نحبه ونشتاق إليه، ونتمنى لقاءه ورؤيته ، فقال فيما رواه أحمد عن أنس بن مالك قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “وددت أنى لقيت اخوانى ” فقال أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، أوليس نحن اخوانك قال “أنتم أصحابى ولكن أخوانى الذين آمنوا بى ولم يرونى ” وهذا عروة بن الزبير رجع من سفر، مات ولده بالعين، وقطعت رجله بالغرغرينا، وقال لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، فسمع إبراهيم محمد بن طلحة بما حصل لعروة بن الزبير، فذهب إليه يواسيه، فقال والله ما بك حاجة إلى المشي، ولا أرب في السعي، وقد تقدمك عضو من أعضاءك.

 

وابن من أبنائك إلى الجنة، والكل تبع للبعض إن شاء الله، وقد أبقى الله لنا منك ما كنا إليه فقراء، من علمك ورأيك، والله ولي ثوابك والضمين بحسابك، هكذا رغب الاسلام في جبر تلك القلوب المنكسرة ومواساة اصحابها والتخفيف من آلامهم ومشاركتهم احزانهم وافراحهم، فحث على الصدقة لمساعدة الفقراء، وفرض الزكاة لتحقيق التكافل الاجتماعي بين المسلمين، وأمر بإجابة الدعوة ، وعيادة المريض، وعتق الرقاب والاصلاح بين الناس، وأمر بزيارة الارحام، وتفقد الأيتام ،وتعزية أهل المصائب، وجبر الخواطر وتطييب النفوس له أساليب متعددة ومواقف متنوعة وتطبيقه سهل ميسور، فمثلا إذا دخلت إلى مكتبك يوما، وجاء إليك العامل بقهوتك، فشكرته وتبسمت فى وجهه، فأنك تكون حينها قد جبرت خاطره، وإذا ما احتاج زميل في العمل للمساعدة، وتبرعت بمساعدته فقد جبرت خاطره، وإذا ما رأيت شخصا، وأشدت بجمال مظهره.

 

حتى وإن كنت لا تراه جميلا، فهذا يندرج تحت جبر الخواطر، وعندما ترى شخصا، وقد حقق إنجازا ما فى حياته، حتى وإن كان من وجهة نظرك لا يعتبر إنجازا بالمعنى المفهوم، وهنأته وشجعته، فهذا جبر خواطر، وعندما تقول لزوجتك شكرا لتحملها مسئولية البيت والأطفال، فذلك جبر خواطر، وعندما تقولين لزوجك شكرا لأنه يجد ويكافح من أجل توفير حياة كريمة للأسرة وإسعادها فذلك أيضا جبر للخواطر، والابتسامة جبر خواطر، والكلمة الطيبة جبر للخواطر، ومساعدة الغير لمجرد أنك قادر على المساعدة جبر خواطر، ألا فطيبوا الخواطر بما استطعتم، ولا تدخروا في ذلك جهدا،لأن ذلك فيه شعور بالسعادة، وفيه فتح لباب البر والاحسان، فما اجمل ان نواسي من حولنا، ونجبر خواطرهم، وخاصة عند حدوث المحن والكروب، لعل الله يجبر خواطرنا، ويديم علينا النعم، ويجزينا المزيد، فإن جبر الخواطر ومراعاة المشاعر.

 

لا سيما من الأمور التي يأمر بها الدين الإسلامي، فهي عبادة تقرب الإنسان من ربه، وتحديدا هذا الشخص الذي يحمل القلب الرحيم يكون محبوب بين الخلق لأنه رؤوف بهم ويحب لهم الخير، ولا يحمل بداخله غل لأصحابه أو لإنسان، ويتجاوز عن أخطائهم ويلتمس لهم الأعذار، فيجب أن تعرفوا أن تعلم أسماء الله الحسنى وصفاته هي عبادة لله، وتدل على محبة الله وخشيته وذكر الله أسماءه في القرآن في مواضع عدة، ومن هذه الصفات اسم الله الجبار في قول الله تعالى “هو الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون” فهو الذي له صفة العلو على مخلوقاته، فسبحانه الجبار المتكبر، فلن يستطيع أحد أن ينفعه أو يضره، قهر الظلمة والجبابرة بجبروته، وهو من علاهم بعظمته ومجده، فعن قول ابن عمر رضي الله عنهما، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “يأخذ الجبار سماواته وأراضيه بيده ”

 

وقبض يده، فجعل يقبضها ويبسطها” ثم يقول أنا الجبار، أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ويمكن تفسير اسم الله الجبار بالعلو والقوة، فيمكن تفسيره بالرأفة والرحمة كما جاء سنن الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين “اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وارزقني واهدني” فإن الله عز وجل يجبر الضعيف بالقوة، والفقير بالغنى، والمنكسرة قلوبهم بزوال الكسر، وحلول الفرج ومن أعظم لطفه سبحانه وتعالى أن ينزل في الثلث الأخير من الليل فينادي “هل من داع فاستجيب له، هل من سائل فأعطيه، هل من مستغفر فأغفر له” وقد أخبرنا الله عز وجل في قرآنه الكريم بجبر قلوب أنبيائه، كما طلب نبي الله موسى أن يرى الله ربه، فأخبره الله عز وجل أنه هذا لن يحصل في الدنيا، وجبر خاطره بقوله كما جاء فى سورة الأعراف ” قال يا موسى إنى أصطفيتك على الناس برسالاتى وبكلامى فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى