مقال

الدكروري يكتب عن أخلاق أصحاب النفوس النبيلة ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن أخلاق أصحاب النفوس النبيلة ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ولما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج من أطيب البلاد إليه، ووقف على تل مرتفع وقال “ما أطيبك من بلد، وأحبك إليّ ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك، والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت” فجبر الله بخاطره فأنزل عليه هذه الآية “إن الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد” وصدق الله تعالى وعده ودخل مكة، ووعده أنه سوف يعطيه حتى يرضى، فقال الله في سورة الضحى “ولسوف يعطيك ربك فترضى” فإن من يتسم بجبر الخواطر يدل على سلامة صدره وسمو نفسه، ورجاحة عقله، فكانت هذه من صفات النبي الكريم فقد كان صلى الله عليه وسلم رحيما بالخلق، يجبر خاطرهم، لا يعيب طعاما قط، ويعود المريض، ويسأل عن الغائب، وكان حريصا على كسب مشاعر والود والاحترام، ومن مواقف جبر الرسول صلى الله عليه وسلم لخاطر الصحابة عندما كشفت الريح.

 

ساق ابن مسعود رضي الله عنه، فضحك الصحابة عليه، فجبر الله بخاطره، وأعلى من شأنه، فقل “والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أحد” وهكذا يعمل جبر الخواطر على البهجة والسرور في قلب أخيك المؤمن، فصافحه وعانقه، وشاركه في الحزن والفرح، وليكن للأهل نصيب من جبر الخواطر، وخاصة الوالدين والزوجة والأولاد، وتذكروا أنها عبادة عظيمة أمرنا الله بها، فجبر الخواطر أمر عظيم، وخلق إنساني نبيل، يدل على سلامة الصدور، وسمو النفس، ورجاحة العقل، ويجبر بها الخواطر المنكسرة وجبر الخواطر يعد من أعظم أسباب المحبة والألفة بين المسلمين، فالعديد منا معرض يوميا للإصابة بالكرب والهم، فيحتاج إلى من يجبر كسره وخاطره، ويرفع آلام الكرب من صدره فجبر الخواطر يهون على الشخص المصاب ما أهمه، ويرفع همته، ويقيل عثرته، ويأخذ باليد حتى يقف مرة أخرى على قدميه فما أجمل وأنت في أشد الآلام تحديدا.

 

أن تمتد يد العون لتسعفك، أو يصل إلى مسامع أذنك كلام يهون عليك، ومن أساليب التى يمكن تطبيقها بكل سهولة ويسر فى جبر الخواطر هو عند رؤيتك لشخص غير جميل في نظرك، وأشدت له بجمال مظهره، فإنه يقع تحت جبر الخواطر، وعند رؤية شخص حقق نجاحا في حياته، حتى لو كان صغيرا في نظرك، وقمت بتهنئته وتشجيعه فإنه يعد جبر خاطر، وعند دخولك إلى المكتب، وقدم لك العامل فنجان من القهوة، وشكرته على هذا الفنجان بالتبسم فإنه يعد من جبر الخواطر، وعندما تشيد بمجهود زوجتك على تحملها المسئولية، ومحاولتها لتعلم طبخة جديدة، فتشكرها على ذلك وتمدحها، فإنك تجبر بخاطرها، وعندما تقول الزوجة شكرا لزوجها خاصة عندما يدخل بالطلبات إلى المنزل، ويكافح من أجلهم، فإنه من جبر الخواطر وتطيب النفوس، كذلك فالابتسامة من تطيب النفوس، والكلمة الحسنة ومساعدة الغير من الأمور التي تجبر الخواطر.

 

فطيبو خواطر من حولكم، ولا تبخلوا عليهم من الجهد والعمل المستطاع، فهي سعادة وفتح لباب البر والإحسان، فما أروع من مواساة الذين يعيشون معنا، وما أعظم أن نجبر بخاطرهم، لعل الله يجبر بخاطرنا ويزيح عنا الغيوم، فإن الله عز وجل قد عقد عقد الأخوة بين المؤمنين، وجعلهم بنعمته إخوانا، وهذه الأخوة تقتضي الإحسان، والإحسان درجات وأنواع، ومن إحسان المسلم إلى المسلم، ومما جاءت به شريعة الإسلام هو تطييب الخواطر، وهو أكثر ما يُدخل الجنة التقوى وحسن الخلق، وتطييب النفوس المنكسرة وجبر الخواطر من أعظم أسباب الألفة والمحبة بين المؤمنين، وهو أدب إسلامي رفيع، وخلق عظيم لا يتخلق به إلا أصحاب النفوس النبيلة، فإن تطييب النفوس المنكسرة وجبر الخواطر من أعظم أسباب الألفة والمحبة بين المؤمنين، وهو أدب إسلامي رفيع، وخلق عظيم لا يتخلق به إلا أصحاب النفوس النبيلة، وهو عبادة جليلة.

 

وقد نص أهل المعتقد من أهل التوحيد والسنة على ذلك حتى في بعض مصنفاتهم في العقيدة، فقال الإمام إسماعيل بن محمد الأصبهاني في كتابه الحجة في بيان المحجة “ومن مذهب أهل السنة التورع في المآكل والمشارب والمناكح، ثم قال ومواساة الضعفاء والشفقة على خلق الله، فأهل السنة يعرفون الحق، ويرحمون الخلق، وأئمة أهل السنة والعلم والإيمان فيهم العدل، والرحمة، والعلم، فيريدون للناس الخير، وقد جاءت هذه الشريعة بما يطيب النفوس، واستحبت التعزية على سبيل المثال لأهل الميت لتسليتهم ومواساتهم، وتطييب خاطرهم، عند فقد ميتهم، وكذلك يطيب خاطر المطلقة بالتمتيع، وهو حق على المحسنين، متاعا بالمعروف، فإذا لم يفرض لها مهر كان المتاع والتمتيع واجبا على المطلق، وإذا كان لها مهر أخذته، فإن تمتيعها بشيء تأخذه معها وهي ترتحل من مال غير المهر، أو ثياب، أو حلي، ونحو ذلك جبرا لخاطرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى