مقال

الدكروري يكتب عن التجارة ما بين الحلال والحرام ” جزء 4″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن التجارة ما بين الحلال والحرام ” جزء 4″

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا، ثم تلا هذه الآية ” وما كان ربك نسيا” فالله عز وجل بين لنا الحلال والحرام في كتابه الكريم، فأنت لست مع إنسان يذكر وينسى، ولكن أنت مع خالق الأكوان، فالذى أمرك به هو الحلال، والذي نهاك عنه هو الحرام، وما سكت عنه فهو عفو، فيجوز أن نأكل على الطاولة يجوز، فإن المباح لا يحتاج إلى دليل، لماذا؟ لأن الأصل في الأشياء الإباحة، فالمباح لا يحتاج إلى دليل، أما التحريم فيحتاج إلى دليل، لو كان الأصل كل شيء محرم صار المباح يحتاج إلى دليل، ولكن الأصل أن كل شيء مباح، فالحرام يحتاج إلى دليل، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام.

 

وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا، ثم تلا هذه الآية ” وما كان ربك نسيا” ولا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم، فقال الله تعالى لهم اذبحوا بقرة، قالوا ما لونها؟ ما هي إن البقر تشابه علينا؟ ما زالوا يسألون عن صفات تفصيلية، في البقرة حتى ضيق عليهم، ذلك يعني أن الله حرم لحم الخنزير، وحرم الدم المسفوح، وحرم الميتة، لكن لم يتحدث عن الجبن ولا عن السمن إذا حلال، لأن الأصل في الأشياء الإباحة، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” إن الله افترض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تقربوها، وترك أشياء غير نسيان رحمة لكم فلا تبحثوا عنها” رواه الطبرانى، فإن الإباحة ليست متعلقة بالأعيان والذوات بل تشمل الأفعال ما لم يأت نص في تحريمها، ونستنبط من هذا أن هناك حكمة بالغة لا حدود لها من الأشياء التي أمرنا الله تعالى بها.

 

وأن هناك حكمة بالغة لا حدود لها من الأشياء التي نهى الله تعالى عنها، وهناك حكمة بالغة لا حدود لها لا تقل عن حكمة المأمورات والمنهيات هى الأشياء التي سكت الله عنها، حكمة فى الذي أمر، وحكمة فى الذي نهى، وحكمة في الذي سكت، وأما عن النقطة الثانية أن قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة لا تتعلق بالأعيان بل تشمل الأفعال، مثلا أن تأكل لحما معينا، أو أن تشرب شرابا معينا أو أن تفعل فعلا معينا، صار هناك تعزية لا يوجد مانع إن ذهب الرجل وعزى أخاه، أحيانا هناك عادات وتقاليد وتصرفات ليست متعلقة بالحلال والحرام مباحة، فالإباحة ليست متعلقة بالأعيان والذوات، تشمل الأفعال والعادات والتقاليد ما لم يأت نص في تحريمها، وإن العبادات لا يجوز أن تضيف عليها شيء، كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، فعن السيدة عائشة رضى الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد” رواه البخارى ومسلم.

 

أما لو أحدثت سلوكا اجتماعيا ولم تسمه عبادة ليس له علاقة لا بالحلال ولا بالحرام على قاعدة أن الأصل في الأشياء الإباحة، فإن العبادات أنشأها الشارع الحكيم فلا يستطيع إنسان أن يضيف عليها شيء، ولكن المعاملات أنشأها الإنسان، والشرع إما أنه أقرها، أو صححها، أو عدلها، أو بدلها، وإن تصرفات العباد من الأفعال والأقوال نوعان، وهما عبادات وعادات، فإن العبادات الشرع الحكيم أنشأها أصلا ابتداء، إذا لا يجوز أن تضيف عليها لكن المعاملات أنشأها الإنسان، ورأى الشرع فيها أنه أقرها، أو عدلها، أو هذبها، أو صححها، وإن أصل الحلال والحرام في العبادات أن الله شرعها ابتداء، فقال بعض العلماء إن تصرفات العباد من الأفعال والأقوال نوعان، عبادات يصلح فيها دينهم، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم، لذلك أصل العبادات التوقيت، وأنها موقوتة على نص صحيح، وأصل العبادات التوقيت فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله تعالى.

 

فقال الله عز وجل كما جاء فى سورة الشورى ” أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ” وقال الله عز وجل كما جاء فى سورة يونس ” قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا ” وهكذا فإن أصل الحلال والحرام في العبادات أن الله شرعها ابتداء، بينما أصل المعاملات أن الناس ابتدؤوها، لكن الشرع صححها، أو أقرها، أو عدلها، أو بدلها، وقال بعض الصحابة الكرام عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” كنا نعزل والقرآن ينزل، فلو كان شيئا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن” رواه مسلم، ومعنى كنا نعزل أى نعزل ماءنا عن رحم أزواجنا والقرآن ينزل فلو كان شيء ينهى عنه لنهى عنه القرآن الكريم، فهذه قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص صحيح صريح في تحريمها، وإن التحليل والتحريم من حق الله سبحانه وتعالى وحده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى