مقال

الدكروري يكتب عن التحايل علي الحرام حرام ” جزء 5″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن التحايل علي الحرام حرام ” جزء 5″

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

فإن المحرمات في الأطعمة ذات المنشأ الحيوانى هم أربع على الإيجاز، وعشرة على التفصيل، لأن المنخنقة والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، هذه مع الميتة، وما ذبح على النصب هذا مع ما أهل به لغير الله، وأما عن حاجة ضعاف الإيمان إلى التعليل فهناك اتجاهان في شرح الأحكام الفقهية، فالاتجاه الأول هو إذا آمنت أن لهذا الكون خالقا عظيما خلق السماوات والأرض، لأى أمر أمرك به، أو أى نهى نهاك عنه، لأنه أمر ولأنه نهى فهذه علة كافية، وإذا كان عندك جهاز معقد وقرأت التعليمات لوجدت أن الشركة الصانعة عمرها مائة عام، وعندها ثمانية آلاف مهندس، وقد أعطت توجيها تشعر بكل خلية بجسمك، وبكل قطرة بدمك، وأن هذا الكلام صحيح، وهذه التوجيهات يجب أن تنفذ، ولا يخطر في بالك أبدا أن تناقش هذه الشركة الصانعة في هذه التوجيهات، لأنها هي الصانعة، فكذلك إذا قلنا بأن الميتة يحرم أكلها.

 

فعندنا اتجاهان، فالأول هو أن تقول لأن الله حرم علينا الميتة فهى حرام، ولكن إذا أردت أن تقنع ضعاف الإيمان فإنك تحتاج إلى التعليل، لكن لو فرضنا أن الإنسان لم يعرف التعليل ألا ينبغى أن ينفذ الأمر الإلهي؟ ولا ينبغي أن تعلقه على التعليل، ولكن التعليل يقوى إيمانك، فإن التعليل يجعل الشريعة معقولة، والتعليل يجعلك تعلم الناس، أما المؤمن الصادق فلأن الله أمر انتهى، ولأن الله نهى انتهى، وعلة أى أمر أنه أمر، ولكن هذه الدابة إذا ماتت دمها فيها، فإن كل الأمراض والأوبئة وعوامل الضعف فى الدم، فإذا بقى الدم في الدابة فقد أصبحت مؤذية في تناولها، فلذلك قيل أنه صدر قانون فيدرالي يمنع قطع رأس الذبيحة على مستوى أمريكا كلها، فحين يقطعون رأس الذبيحة القلب يضرب الضربات النظامية وهى ثمانون ضربة وهذه الضربات النظامية لا تكفى لإخراج الدم، فتبقى الذبيحة زرقاء الدم، وطعمها غير مستساغ.

 

فقد عرفوا هذا من التجربة عادوا إلى الشرع مقهورين لا متعبدين، لكن إذا قطعت أوداج الذبيحة جاء الأمر الاستثنائي من الدماغ إلى القلب، ورفع الضربات إلى مئة وثمانين ضربة، وهى تخرج الدم كله من الذبيحة، وهم بالتجربة وجدوا أنه لابد أن تكون الذبيحة خالية من الدم، وقد كانت كل الطرق القديمة في المسالخ الأجنبية تقطع الرأس كالمقصلة تماما، ولكن الآن منع قطع الرأس ليبقى الأمر الاستثنائى من الدماغ سارى المفعول، حتى القلب يضخ الدم كله خارج الذبيحة، ولكن هنا سؤال وهو هل فى عهد النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وبعد عهد النبى صلى الله عليه وسلم وإلى قبيل خمسين عاما، هل يمكن أن يعرف الإنسان ما حكمة النبي صلى الله عليه وسلم حين أمر بعدم قطع رأس الذبيحة وبقطع أوداجها فقط؟ وهذا ليس من عند النبى صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا وحى يوحى، وسوف ترون أنه كلما تقدم العلم وتم كشف عن إعجاز هذا التشريع.

 

ولا يستبعد أن تروا يوما العالم كله يطبق أحكام الشريعة الإسلامية، ربما ليس عن تعبد لله عز وجل، ولكن العلم يصل إلى أن هذا الذى وصل إليه القرآن الكريم وهو عين الحقيقة، ولذلك الميتة حرمت، فقيل أن هناك تعليل لهذا التحريم، وإن الطبع السليم يتقزز من أكل الميتة، والإنسان تعاف نفسه أن يأكل لحم دابة ماتت، والإنسان بفطرته، وطبيعته، وعقلانيته، يرفض أكل لحم الميتة، والله عز وجل حرمه، وهذا شيء طبيعي أن يتوافق النقل مع العقل، ومع الفطرة، ومع الواقع، وشيء طبيعى وهذا هو الحق، وهناك تعليم لطيف أن الإنسان ينبغى أن تكون أعماله كلها هادفة، فهو حين يذبح هذه الدابة يذبحها ليأكلها، فأصبحت أعماله هادفة لا يوجد عنده عمل عشوائى، وإن الدابة الميتة تجلب الأمراض، فهذا هو الشيء الآخر، وهو أنه عندما تموت الدابة، أى ماتت لعلة، لمرض، أو لجرثوم، أو لتسمم، فالدابة الميتة مظنة مرض.

 

ومظنة خطر على الإنسان، وهذه علة أخرى، وهناك شيء ثانى دقيق جدا وهو أن البهائم التي خلقها الله عز وجل تأكل الميتة، وأجسامها مهيأة بعصارات هاضمة تهضم اللحم المتفسخ، وتراه طعاما لذيذا، فعندما حرم الله عز وجل علينا أكل لحم الدابة الميتة أتاح للدواب أن تأكل القمح وهو غذاء كامل للإنسان، وهناك حكمة بالغة ترى سنبلة ولها ساق، فقد تعجب أن القمح غذاء كامل للإنسان، ولكن أن القمح هو غذاء كاملا فيه ستة معادن، خمسة فيتامينات، ومواد نشوية وأما هذا الخبز الأبيض فهذا غراء جيد للمعدة وقالوا احذروا السموم البيضاء، وهى الطحين الأبيض، والملح الأبيض، والسكر الأبيض، وهذه سموم ثلاثة، وإن الطبع السليم يستقذر، والعاقل تعاف نفسه، والدابة الميتة دمها فيها، وماتت لعلة، أو مرض خطير، أو لتسمم، وفوق هذا وذاك الله عز وجل حين حرمها علينا، أباحها لبقية البهائم من أجل أن تكون طعاما لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى