مقال

الدكروري يكتب عن مشروعية الأضحية في الإسلام ” جزء 5″ 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مشروعية الأضحية في الإسلام ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

وإن هذه الأيام التي يسير فيها كثير من الحجاج إلى بيت الله الحرام تعظيما له، وجعل الله البيت مثابة للناس إذا انصرفوا منه يعودون إليه، وعلق قلوب عباده به فلا يملون منه، فما يفتأون إذا رجعوا أن يذهبوا مرات ومرات، فسبحان من جعل في قلوب العباد الشوق إلى هذا البيت عبادة له، وتعظيما، يطوفون به، ويسعون، ويقفون بتلك المشاعر العظيمة من إرث أبيهم الخليل إبراهيم عليه السلام، وأبرز ما كان في دعوة الخليل إبراهيم ومواقف حياته هو التوحيد، ولأجله بني البيت ليعبد الله وحده لا شريك له، ويطاف بالبيت لله لا شريك له، ويوقف على تلك المشاعر توحيدا لله، ويدعى الله، ويهلل، ويكبر، ويذكر، ويكون الحلق، والرمي، وسائر العبادات لذكره سبحانه، وهذه الأعمال العظيمة التي يقوم بها الحجاج ابتداء من النية الطيبة، والإحرام، وعقد القلب على الدخول في النسك، وهذا هو الإحرام، عقد القلب، عقد النية في القلب على الدخول في النسك.

 

وليس لبس المناشف إحراما، فقد يحرم في غيرها إذا عدمها، وإذا اضطر إلى غيرها فنسي ملابس الإحرام مثلا، ويقال عنه محرم، وهو في غير المناشف، وقد يلبس المناشف ولم يحرم، فما هي هذه الملابس في الإحرام؟ فإنها إزار ورداء، والإزار معروف، والرداء معروف، من قبل الحج ومن بعد الحج، فهو عقد القلب على الدخول في النسك، هذه الأنساك الثلاثة، التمتع وهو أن يحرم بعمرة، ثم يتحلل منها، ثم يحرم بالحج، وكذلك الإفراد أن يحرم بالحج فقط، والقران إحرام واحد بعمرة وحج معا، وأفضلها التمتع، ومن لا يجد الهدي فلا يحرم نفسه أجر التمتع، فإن الله قد جعل له بدلا، فقال تعالى “فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجعتم” فيصوم الثلاثة في الحج، السادس، والسابع، والثامن، أو السابع، والثامن، والتاسع، وأيام التشريق يجوز أن تصام لمن لم يجد الهدي، وغير ذلك لا يجوز صيامها، والقارن هو الذي يسوق الهدي من خارج منطقة الحرم.

 

فيدخل به الحرم، ولا يعتبر توكيل المصارف، والهيئات سوقا للهدي، وبناء عليه، فالسنة لمن لم يسق الهدي أن يكون متمتعا وإلا مفردا، وهذا الهدي للحاج عبادة عظيمة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يهدي إلى الحج وهو في المدينة، وهذه عبادة وسنة مجهولة عند الكثيرين، إرسال الهدي إلى الحرم ليذبح هناك في وقت الذبح، ويوزع على الفقراء، والمحتاجين، ولا بأس أن يرسل بشيء منه إلى صاحبه، وأن يأكل من بعضه وكيله، وهذا الإرسال إلى مكة إلى الحرم بالهدي ليذبح هناك فعله النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يحج، فهو من العبادات، وعموما فإن الهدي للحجاج، والأضحية لأهل البلدان، والحاج الذي ليس له أضحية فيستطيع أن يأخذ من شعره، وأظفاره ما شاء حتى يحرم، ولا ينطبق عليه ما ينطبق على المضحي، فإن كان له أضحية فقال أنا أترك في بلدي أضحية لأهلي، وسأذهب للحج وأهدي هناك، فنقول إذن أنت تمتنع عن الشعر والأظفار حتى تذبح أضحيتك.

 

ما عدا أخذ واحد وهو الأخذ من الشعر للتحلل من العمرة للمتمتع فقط لأن التحلل من العمرة واجب، فإذا تعارض مع النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي فإن الواجب أولى وأعلى، ويقدم في هذه الحالة، ومن أحرم بالحج فيجب عليه أن يستمر فيه، ولا يجوز له قطعه، ويسن الاغتسال للمحرم حتى الحائض والنفساء لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر السيدة أسماء بنت عميس أن تغتسل لما ولدت، وأمر السيدة عائشة رضى الله عنها أن تغتسل لإهلال الحج وهي حائض، فأمر الحائض والنفساء بالغسل فهي سنة، ولو كان السفر سريعا كالذي سيذهب من مطار بلده، ويمر بالميقات فإذا اغتسل في بيته، وخرج مباشرة إلى المطار وسافر، وكان غسله قريبا من الإحرام فهذا طيب، فقد لا يتيسر له أن يغتسل في الطريق، ومن أراد الإحرام بالحج، فإنه ينزع جميع ملابسه، وهذا الإزار، وهذا الرداء، وقد أحدث الناس فيهما أشياء وبعضها لا يخرجه عن كونه إزار ورداء.

 

كما يوضع شريط لاصق في مكان الحزام في الإزار، فهذا لا يخرجه عن كونه إزارا، وأما إذا خاطه، وأغلقه فجعله كالقميص فهذا إحداث يخرجه عن كونه من ملابس الإحرام المسموح بها، فإن الممنوع هو المخيط، وليس المخيط ما كان فيه خيطان، وإنما المخيط هو المفصل على قدر الجسم، أو أحد أعضائه، ولذلك الجورب مخيط، والقفاز مخيط، والقميص الطويل والقصير والسراويل كلها من المخيط الذي لا يجوز لبسه للمحرم، وللمحرم أن يبدل الإزار بالرداء، والرداء بالإزار، وأن يبدل ملابس الإحرام متى شاء، ولو بدلها أكثر من مرة في اليوم، وأن يتجرد منها تماما عند قضاء الحاجة، أو عند الاغتسال، وله أن يتطيب قبل الإحرام، ولو استمر أثر الطيب لما بعد الإحرام، وللمرأة أن تلبس الجوارب، ولكن لا تلبس القفاز، ولا تلبس النقاب، لا تحت الغطاء، ولا أن يكون في الغطاء، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرم عن النقاب وهو المنقوب المثقوب من جهة العنينين وما شابهه.

 

ونهاها كذلك عن لبس القفازين، فتغطي كفيها بأكمام العباءة، وليس للإحرام لون يخصه للنساء، وأما الرجال فإن الأبيض هو الأفضل، وله أن يحرم في أي لون كان، ولا يشترط إلا إذا خاف من عائق يعيقه فيقول اللهم إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، يعني مكان إحلالي، ورجوعي، وخروجي من الإحرام حيث حبستني، فإنه إذا حصل مانع وعائق فإنه يحل، ولا دم عليه، وله أن يرجع، ولا ينس الحاج التلبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى