مقال

الدكروري يكتب عن إنتهاك محارم الله “جزء 4”

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إنتهاك محارم الله “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

وسئل الإمام أحمد عن الثمرة يلقيها الطير، فقال” لا يأكلها، ولا يأخذها ولا يتعرض لها” وإنه بعد بيان هذا المعنى العظيم، يقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعطي صورة جميلة، قبل نهاية الحديث “كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه” فإن الإسلام دين العدل والرحمة والعمل لا يغفل حاجة من حاجات الفطرة البشرية، ولا يكبت كذلك طاقة بناءة من طاقات الإنسان تعمل عملا نافعا سويا، ومن ثم حارب الرهبانية، لأنها كبت للفطرة، وتعطيل للطاقة، وتعويق عن إنماء الحياة التي أراد الله تعالى لها النماء، كما نهى سبحانة عن تحريم الطيبات كلها لأنها من عوامل بناء الحياة ونموها، وتحقيق مراد الله عز وجل في الحياة، وإن الحلال كله طيب، والحرام كله خبيث، فلا يستويان أبدا، فقال تعالى كما جاء فى سورة المائدة ” قل لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون” وإذا كانت كثرة الخبيث تغر وتعجب.

 

ففي الطيب متاع بلا معقبات من ندم أو تلف، وبلا عواقب من ألم أو مرض، وما في الخبيث من لذة إلا وفي الطيب مثلها، وأنتم ترون وتسمعون ما عم به البلاء من السرقة من أموال الناس ولذلك جاءت الشريعة بهذا الحد، وبهذه العقوبة، لقد عمت السرقات، صار بعض الناس يسرق من بيت جيرانه، تزور المرأة بيت الجماعة الفلانيين فإذا غابت صاحبت البيت للإتيان بالضيافة سرقت، وهذا شاب طائش يدخل البقالة ويسرق، وهذا يدخل في المحلات يخفون في جيوبهم، وسائل أصحاب المحلات عن الميزانيات في دكاكينهم كم يضعون للمسروقات فيها، واضطروا لوضع الكاميرات المرايا لأجل هؤلاء السراق، ومع ذلك تحدث السرقات، ويدخلون الأماكن التي فيها البضائع الثمينة يأخذون ويسرقون، وهؤلاء الشباب الطائش يفتحون السيارات يسرقون السيارات ويلعبون بها، أو يأخذونها، أو يبيعونها، أو يزورون الأوراق، ويفعلون، ويفعلون.

 

وكذلك هؤلاء المؤتمنون على أموال المسلمين يسرقون فتجد هذا المدير، أو هذا الموظف يأخذ من أموال المسلمين، ويجب إعادة الأموال المسروقة إلى أصحابها، إذا تاب الإنسان إلى الله، يجب عليه أن يعيدها علانية أو سرا، باعتذار أو بغيره، بواسطة أو بغيرها، لا بد من إعادة المال المسروق لأن هذه حقوق عباد لا تزول بالتوبة فقط، التوبة حق الله، اعتديت على دينه، وانتهكت حدوده ومحارمه، التوبة والندم والاستغفار والصالحات، ولكن حق الناس لا يضيع، لا بد من أدائه، لا بد من إعادته بأي طريقة، لا بد أن يعاد المال على مراحل، وإذا لم يستطع دفعة واحدة أعاده على مراحل، أو استسمح من صاحبه، هناك إحراج، حرج الدنيا أهون من حرج الآخرة، فإذا مات، يعاد إلى ورثته، وإن لم يوجد لا هو ولا الورثة يتصدق به نيابة عنه، لا بد من إعادة المال المسروق، وترى الناس الذين أخذوا أشياء من السيارات، أو الإطارات.

 

 

أو غطاء الإطار هذا، طاسات السيارات، كم سُرق منها؟ كل هذا مسجل عند الله تعالى، مسجل ومحسوب عند الله تعالى، وبعض الناس الذين هم مسكوا في السرقات أغنياء، ما هم محتاجين، لكن السرقة عندهم أصبحت مرضا، فالسرقة مرض، وداء خبيث، مرض وشهوة، فيسرقون بسبب أنه لا يوجد تربية، ولا حفظ للأولاد، لم ينشأ الولد منذ صغره على العفة، ولا على إعادة الأشياء إلى أصحابها، لما سرق في الفصل الدراسي، لما سرق قلما من زميله، لما فتح حقيبته ما تابعه الأب، ولا تابعته الأم، وهكذا خرج السارق، خرج من البيوت، مسؤولية على الأولاد، والآباء والأبناء قبلهم، مسئولية على الجميع، فإن حق الأفراد في أموالهم حق مقدس لا يحق لأحد أن يعتدي عليه لذلك حرّم الإسلام السرقة، وشدد في عقوبتها بقطع يد السارق، وفي ذلك حكمة بيّنة إذ إن اليد الخائنة بمثابة عضو مريض يجب بتره، ليسلم الجسم.

 

والتضحية بالجزء من أجل الكل مما اتفقت عليه الشرائع والعقول، كما أن في قطع يد السارق عبرة لمن تحدثه نفسه بالسطو على أموال الناس، فلا يجرؤ أن يمد يده إليها، وبهذا تحفظ الأموال، وتصان حقوق الناس، والدول الأوروبية والغربية يزعمون أن حد السرقة في الإسلام لا يمكن تطبيقه لأنه لو طبّق لكانت تقطع في كل يوم آلاف الأيدي، وهذا اعتراف منهم من حيث لا يشعرون بأن مجتمعاتهم قد كثرت بين أفرادها جرائم السرقة، وهذا ما يصرحون به، وهذه الدول التي تسمي نفسها دولا علمانية لا تؤمن بالإسلام ولا بفكرة الآخرة، ولا تؤمن بأن هناك جنة ونارا وبعثا وحسابا بعد الممات، فهم بهذه النظرة والمبادئ قد أوجدوا ما يدفع أفراد شعوبهم إلى ارتكاب الجريمة والسرقة لأنه لا شيء يصلح النفوس ويكفها عن أن تعتدي على حق غيرها إلا الوازع الديني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى