مقال

الدكروري يكتب عن نضوج الدعوة العباسية ” جزء 4″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن نضوج الدعوة العباسية ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

وبويع المعتمد على الله بن المتوكل على الله خليفة، وفي عهده ثار الزنوج في البصرة وواسط، وعاثوا فسادا في بغداد نفسها احتجاجا على سوء الأوضاع الاقتصادية، والمعاملة الاجتماعية الدونية، كما أكمل الطولونيون استقلالهم بمصر، مانحين السيادة الاسمية للخليفة، المتمثلة بذكر اسمه في الخطبة، وقد استطاع الطولونيون السيطرة على أغلب بلاد الشام، فلم يبقي للعباسيين سوى العراق، ويعود لخلافة المعتمد وفاة الإمامين البخاري ومسلم، اللذين اشتهرا بتصحيح الأحاديث النبوية، وظهور الإسماعيلية، وتوفي المعتمد على الله عام ثماني مائة واثنين وتسعين ميلادي، وبويع المعتضد بالله خليفة، وكانت خلافته وخلافة ابنه المكتفي بالله تحسنا في الأوضاع الاقتصادية والسياسية على السواء، كما استعاد العباسيون مصر، وهزموا الإسماعيلية في عدة مواقع، وظهرت الدولة السامانية، التي استعادت طبرستان، وسيطرت على بلاد فارس وخراسان.

 

مع حفظ السلطة الاسمية للخليفة، كما أعيدت عاصمة الدولة إلى بغداد، وإثر وفاة المكتفي في شهر أغسطس عام تسعمائة وثماني من الميلاد، بويع المقتدر بالله خليفة، إلا أنه خلع مرتين، فالمرة الأولى لدى بداية عهده، وبويع عبد الله بن المعتز، إلا أنه قتل في اليوم التالي، خلال الفتن بين أنصاره وأنصار المقتدي، فكانت خلافته يوما واحدا، ولم يعتبره جميع المؤرخين خليفة، والثانية عام تسعمائة وتسع وعشرين من الميلاد، حيث خلعه الجند ورجال الدولة، بسبب سيطرة النساء والخدم على الدولة، إلا أنه عاد بعد ثلاثة أيام، واستمر في الخلافة حتى قتل عام تسعمائة واثنين وثلاثين من الميلاد، خلال معركة بينه وبين مؤنس التركي أحد قواد الجيش، وأصبح أخوه القاهر بالله خليفة، إلا أن مؤنسا نفسه خلعه بعد عامين، وسمل عينيه وسجنه، وفي خلافته ظهرت الدولة البويهية في بلاد فارس وخراسان، كما استقلت تونس والجزائر وليبيا نهائيا مع ظهور الدولة الفاطمية.

 

التي قضت على حكم الدولة الأغلبية، وبنو رستم وبنو مدرار الذين، وإن استقلوا فعليا عن الدولة العباسية حفظوا سيادتها الاسمية، وفي خلافة الراضي بالله ظهرت الدولة الإخشيدية في مصر، وسيطرت على أجزاء واسعة من بلاد الشام، وأصبح نفوذ أمير الأمراء بالغ القوة إذ إنه عندما مات الراضي بالله عام تسعمائة وأربعين من الميلاد، ولم تتم مبايعة الخليفة مباشرة، خلافا للعرف القائم منذ عهد أبي بكر الصديق، بل انتظر أسبوعا لحين عودة بجكم أمير الأمراء من واسط، ومبايعته المتقي لله، والسنوات اللاحقة أصبحت صراعا على منصب أمير الأمراء فتوالى بعد بجكم، ابن البريدي الذي خلعه الشعب في بغداد لظلمه، ثم كورتكين فابن رائق، الذي هرب والخليفة إلى الموصل احتماء بالحمدانيين من بطش أبي عبد الله البريدي العائد إلى بغداد، ولم يلبث ناصر الدولة بن حمدان أن قتل ابن رائق، وتولى إمارة الأمراء بنفسه، وأعاد الخليفة إلى بغداد.

 

تلاه تورون الذي سجن الخليفة، وسمل عينيه، وبايع المستكفي بالله عام تسعمائة وأربع وأربعين من الميلاد، إلا أنه تم خلعه عام تسعمائة وست وأربعين من الميلاد، وقد توالى في خلافته القصيرة ثلاثة في منصب أمير الأمراء هم تورون، وابن شيرزاد، ومعز الدولة بن بويه مؤسسا الدولة البويهية وقد خلع معز الدولة الخليفة، وعيّن المطيع لله خليفة، وقد شهدت خلافته امتداد نفوذ الفاطميين من إفريقية إلى مصر وبلاد الشام، حتى أصبح العالم الإسلامي مقسما على ثلاثة خلفاء في آن واحد، في قرطبة والقاهرة وبغداد،وكان أضعفهم سلطة خليفة بغداد، ولم تكن خلافة المطيع لله، الذي بويع عام تسعمائة وست وأربعين من الميلاد، مختلفة عما سبقها من عهود إذ استمرت الحروب بين البويهيين والحمدانيين والجند الأتراك، وأغار البيزنطينيون على حدود الدولة، واستعادوا أجزاء من الأناضول وكيليكيا، كانوا قد فقدوها سابقا، وثار الأتراك بقيادة سبكتكين.

 

عام تسعمائة وأربع وسبعين من الميلاد، على الدولة البويهية، وخلعوا الخليفة، وبايعوا ابنه الطائع لله، وكانت خلافته تفتقر إلى الاستقرار السياسي، مع تتالي الحروب والفتن، بين بني البويه من ناحية، والأتراك من ناحية أخرى، حتى خلعه عام تسعمائة وواحد وتسعين من الميلاد، وبويع إثر خلعه القادر بالله خليفة، وقد مكث بالحكم أربعة عقود، شهدت قيام الدولة الغزنوية، وانهيار الخلافة الأموية في الأندلس، واستمرار الحروب بين البويهيين والأتراك، ثم سادت فترة من الهدوء، بعد أن قبض بهاء الدولة البويهي على الحكم، وكذلك في عهد خليفته سلطان الدولة وأخيه شرف الدولة، والذي بوفاته ضعفت الدولة البويهية، وعظم أمر الأتراك، ووصلت ذروتها في أواخر خلافة القادر، حين قام أرسلان بن عبد الله البساسيري بالخطبة للخليفة الفاطمي في بغداد، فاستنجد الخليفة العباسي بطغرل بك قائد السلاجقة، فدخل بغداد عام ألف وخمس وخمسين ميلادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى