مقال

الدكروري يكتب عن الإيمان وسكرات الموت ” جزء 4″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإيمان وسكرات الموت ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ثم ينادي منادي من قبل الحق سبحانه وتعالي على أهل القبور ويقول أيتها العظام البالية، أيتها العظام الناخرة، قومي لفصل القضاء بين يدي رب الأرض والسماء فيخرج الجميع بعدما أحياهم الله، وبعدما انشقت عنهم الأرض، ونبينا صلي الله عليه وسلم أول من تنشق عنه الأرض، يخرج الناس حفاة عراة غرلا، والحافي هو من ليس في قدميه نعل، والعاري هو من ليس على بدنه ثوب، وغرلا جمع أغرل، والأغرل هو الصبي قبل الختان، فيخرج الناس مذهولين مذعورين، فكلهم في فزع، وكلهم في رعب، والكل شاخص ببصره إلى السماء ينتظر الأمر من الله جل وعلا والشمس فوق الرءوس، ها هي أرض المحشر، وها هو يوم البعث، يوم أن نبعث من القبور حفاة عراة غرلا، فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها “الرجال مع النساء يا رسول الله؟ قال نعم يا عائشة، قالت يا رسول الله ينظر الرجل إلى سوءة المرأة، والمرأة إلى سوأة الرجل؟ قال يا عائشة إن الأمر أكبر من أن يهمهم ذلك.

أما قرأت قول الله جل وعلا ” لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه” الكل شاخص ببصره ينتظر الأمر من الله، وفجأة تتنزل الملائكة صفوفا، أهل السماء الأولى من الملائكة يصفون، ويقفون إلى جوار الخلائق وفيهم الأنبياء، تنزل الملائكة وهي وتنظر الخلائق إلى الملائكة المخلوقات النورانية، فتقول الخلائق للملائكة أفيكم ربنا؟ فتقول الملائكة سبحان الله كلا، وهو آت، يأتي إتيانا يليق بكماله وجلاله للفصل بين العباد، وللقضاء بين العباد، وتتنزل الملائكة من السماء الثانية ومن الثالثة حتى السابعة، وبعد ذلك ينزل حملة العرش لهم صوت بتسبيحهم وهم يقولون سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان ذي العزة والجبروت، سبحان من لا يذوق الموت، سبحان من كتب الموت على الخلائق ولا يموت، سبوح قدوس رب الملائكة والروح وبعدها ينصب الكرسي حيث شاء الله وحيث أراد الله، وينزل الملك نزولا يليق بكماله وجلاله، وكلما دار ببالك من صفات الله فالله بخلاف ذلك.

ويستوي الملك على كرسيه استواء لا تدركه العقول، ولا تكيفه الأفهام، وإن يوم البعث خطره عظيم، وهو بعد مرحلة الصعق، وبعد نفخة الصعق أي الموت، وأن إسرافيل ينفخ في الصور ثلاث مرات، وهذا هو الصحيح نفخة الفزع، ونفخة الصعق، ونفخة البعث، فنفخة الفزع يفزع بعدها كل من في السماوات وكل من في الأرض إلا من شاء الله، ثم تأتي نفخة الصعق أي الموت فيموت بعدها كل حي على ظهر هذه الأرض، فيقول تعالي ” ونفخ في الصور فصعق” أي فمات ” من في السماوات والأرض إلا ما شاء الله” وإن الاستثناء هنا لجبريل وإسرافيل وميكائيل وملك الموت وحملة العرش، ويأتي ملك الموت إلى الله بعدما مات الملوك، ومات الحكام، ومات الرؤساء، ومات الجبابرة، ومات كل مخلوق، فيقول الملك لملك الموت يا ملك الموت من بقي؟ فيقول ملك الموت يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت، وبقي جبريل وإسرافيل وميكائيل وملك الموت وحملة العرش.

فيقول الله تعالي لملك الموت ليمت جبريل واللام لام الأمر، لام العظمة، لام الكبرياء، لام الإرادة، لام من يقول للشيء كن فيكون فيموت جبريل، ثم يقول تعالي ليمت ميكائيل، فيموت ميكائيل، فيأتي ملك الموت إلى الملك فيقول الملك لملك الموت يا ملك الموت من بقي؟ فيقول يا رب مات جبريل ومات ميكائيل، فيقول الله تبارك وتعالى ليمت حملة العرش، فحملة العرش الذين يحملون عرش الله يموتون، إذن بعد موتهم من الذي يحمل عرش الله، فيقول تعالي ” الرحمن علي العرش استوي” أي استوى كما أخبر وعلى الوجه الذي أراد، وبالمعنى الذي قال، استواء منزها عن الحلول والاستقرار، فلا العرش يحمله، ولا الكرسي يسنده، بل العرش وحملته والكرسي وعظمته الكل محمول بلطف قدرته، مقهور بجلال قبضته فيقول تعالي ليمت حملة العرش، فيموتون، فيأتي ملك الموت، فيقول الله عز وجل له من بقي؟ فيقول يا رب بقي إسرافيل الذي ينفخ الصور.

والصور هو البوق، فيأمر الله الصور فينتقل من إسرافيل، ويقول ليمت إسرافيل، فيموت إسرافيل، ويبقى ملك الموت، فيأتي ملك الموت إلى ملك الملوك، فيقول الملك لملك الموت يا ملك الموت من بقي من خلقي؟ فيقول يارب بقيت أنت الحي الذي لا تموت، وبقي عبدك الذليل الضعيف الماثل بين يديك، فيقول الله جل وعلا لملك الموت يا ملك الموت أنت خلق من خلقي، وخلقت لما ترى، فمت يا ملك الموت، فيموت ملك الموت، فمات الجميع، مات جبريل وإسرافيل وميكائيل وملك الموت وحملة العرش، إذن من الباقي؟ وهنا يقبض الله تعالي الدنيا ويبسطها ثلاث مرات، ويهتف بصوته ويجيب، فما من سائل يومها ولا مجيب إلا الله، فينادي ويهتف بصوته ويقول أنا الجبار، أنا الجبار، أنا الجبار ” لمن الملك اليوم” ثلاث مرات؟ فلا يجيبه أحد لأنه لا أحد، فيقول بذاته بلغة العظمة والكبرياء الملك اليوم لله الواحد القهار، كان آخرا كما كان أولا، أول بلا ابتداء وآخر بلا انتهاء، هو الأول، وهو الآخر، وهو الظاهر، وهو الباطن، وهو بكل شيء عليم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى