مقال

الدكروري يكتب عن التحسيس علي المشاعر”جزء 1″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن التحسيس علي المشاعر”جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن أمة الإسلام هي أمة شامخة بإسلامها، قوية بإيمانها، عزيزة بمبادئها لأنها أمة القيم والمثل والأخلاق، ولقد جاءت شريعة الإسلام بالأخلاق التي تقوي أواصر المودة بين الأفراد داخل المجتمع المسلم على تعدد فئاتهم مهما كانوا، وذلك من أجل أن يكون المجتمع صالحا، ومن تلك الأخلاق التي حث عليها الإسلام هو إحترام الكبار في السن، فأمر الإسلام بإحترامهم وتعظيمهم، وعدم التطاول عليهم أو الإساءة إليهم بالأقوال والأفعال، وكما أمر الإسلام الكبير أيضا بالعطف والرحمة على الصغير، وما ذلك إلا بتبادل المنافع بين الأفراد داخل المجتمع الواحد، فماذا تصنع لو كنت جبارا وجبروتا وتحتك آلاف من الناس ثم لا يحبونك، ولهذا كان من كلامه صلى الله عليه سلم “خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تلعنونهم ويلعنونكم وتبغضونهم ويبغضونكم” وهو يواجههم بنفس الأمر يتعامل معهم بجفوة وقسوة وغلظة.

 

وهكذا أيضا في القضايا التي ربما يخطئ فيها الإنسان يحصل عنده غلط يحصل عنه خطأ يحصل عنده زلة ونيسان لا بد تتعامل معه بأسلوب ألطف، فهذا رجل يعطس عند ابن المبارك رحمه الله تعالى، ثم سكت ولم يحمد الله تعالى فقال له يا رجل إذا عطس الرجل ماذا يقول؟ قال يقول الحمد لله قال، وأن أقول لك “يرحمك الله” الرسالة وصلت إليه ويكفي هذا، أما أنك تنهره وتزجره، بل حتى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ربما لو كان بين الناس لأدى إلى منكر أكبر منه، ولأدى إلى أن تجرح مشاعره وأن تضره وأن تجعله يتعقد أكثر منك ومن نصائحك فلا يقبل بعد ذلك منك نصحا لا بد أن تتحين الوقت المناسب، فيقول الإمام الشافعي تعمدني النصح في انفراد، وجنبني النصح في الجماعه، فإن النصح بين الناس نوع، من التوبيخ لا أرضى استماعه، وهكذا النبي صلى الله عليه سلم غضب رجل غضبا شديدا احمر وجهه وانتفخت أوداجه.

 

فقال صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة “إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الغضب، لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لذهب عنه ما يجد” فهذا الصحابي ذهب لذلك الإنسان مباشرة فقال له قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يذهب عنك ما تجد، فقال أنا مجنون، أقول هذا الكلام لماذا لم يباشره صلى الله عليه وسلم بالكلام؟ لأن الرد عليه أمر خطر، ولكن يعلم الأمة أن تعالج مثل هذه القضايا، هذا الرجل أصاب مشاعره ما يغضبها ما يجعلها كالشرر وكان كالجمر وكالنار المحترقة جعله بهذه الهيئة لو رأى نفسه لمقتها، ولقال ليست هذه صورتي ولكن نصيحته لا تكون في مثل هذا الحال، ولهذا فالغضب مشكلة عظيمة تؤدي إلى هدم الأسر وربما تؤدي إلى ارتكاب المآثم، وتؤدي إلى الكفر بالله، ولكن كيف نتعامل مع الأمور المحرجة؟ التي تحرجنا أو تحرج غيرنا وربما كان هذا الأمر قاسما مشتركا، فمثلا صاحب العاهة كالأعور والأعرج.

 

ومقطوع اليد، ومقطوع الإصبع والمجذوم، وما شاكل ذلك من الأمراض، هذه قضايا تسبب للإنسان نوعا من أنواع النقص والعيب عندهم، ولذلك نهى النبى صلى الله عليه وسلم أن يدام النظر إلى صاحب العاهة فقال “لا تديموا النظر إلى المجذومين” وهكذا أصحاب العاهات إنسان أعور مثلا لا تديم النظر إلى عينه العوراء، ولا تديم النظر إلى يده المقطوعة وإلى رجله المشلولة، السبب في هذا ألا تحزنه وألا تشعره بالدون، وألا تجرح مشاعره، هذا الإنسان يكفي أن النبي عليه الصلاة والسلام علمنا ذلك الأدب أن يقول “الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء” يكفي هذا، وهذا الذكر ما ينبغي لأحد أن يرفع صوته به ليزيد جرحا إلى جرحه، فإدامة النظر إليه جرح، وهذا الذكر إن جهرت به فجرح آخر، ولهذا تقول هذا الذكر شكرا لله عز وجل بقلبك، ولا تديم النظر إليه إطلاقا، بل أشعره بالثقة في نفسه.

 

أو أشعره بأنه عظيم، فكم من العظماء من كان صاحب عاهة أشعره بأنه يمكن أن يفعل شيئا، وأنه عضو نافع عضو فاعل في هذا المجتمع، فهذا هو ابن أم مكتوم قام بأعماله وبإدارة المدينة بعد النبي عليه الصلاة والسلام وهو رجل أعمى، وقام بالإمامة في المسجد وهكذا، فالأعمى وأصحاب العاهات لا بد أن يكون لهم دور في المجتمع، كالإمامة في المسجد وتدريس القرآن الكريم والعلم الشرعي والمحاماة، لا أن يُهمّشوا ويصبحوا عالة أو يصبحوا متسولين أو ما شاكل ذلك، كلا بل الأعمى يمكن أن يعمل ويمكن أن يكون عضوا نافعا وبناء في المجتمع، هكذا أيضا وأنت في مجلس مثلا خرج على إنسان ريح، أو خرج عليه صوت، فالواجب هنا أن تتعامى وأنت تفعل نفسك أنك لم تشعر بشيء لأن هذا الأمر حدث منه اليوم وغدا يحدث منك، ولهذا لا تحرجه ولا تجرح مشاعره، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم “لِما يضحك أحدكم مما يفعل؟” لماذا تضحك أنت من شيء ربما خرج منك، بل ربما حدث منك ما هو أعظم من هذا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى