مقال

الدكروري يكتب عن الوطن نعمه من الله  

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الوطن نعمه من الله

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الوطن نعمة من الله تعالي على الفرد والمجتمع، وإن محبة الوطن طبيعة طبع الله النفوس عليها، ولا يخرج الإنسان من وطنه إلا إذا اضطرته أمور للخروج منه، كما حصل لنبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عندما أخرجه الذين كفروا من مكة، فقال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة التوبة ” إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثانى اثنين إذ هما فى الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ” وكما حدث لنبى الله موسى عليه السلام، حيث قال الله تعالى فى كتابه العزيز فى سورة القصص ” فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا ” وقيل فلما قضى موسى الأجل طلب الرجوع إلى أهله وحن إلى وطنه، وفي الرجوع إلى الأوطان تقتحم الأغوار، وتركب الأخطار، وتعلل الخواطر، ولما كان الخروج من الوطن قاسيا على النفس، صعبا عليها، فقد كان من فضائل المهاجرين أنهم ضحوا بأوطانهم في سبيل الله.

 

فإن للمهاجرين على الأنصار أفضلية ترك الوطن، ما يدل على أن ترك الوطن ليس بالأمر السهل على النفس، وقد مدحهم الله سبحانه وتعالى على ذلك فقال تعالى فى كتابه الكريم فى سورة الحشر ” للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ” وإن من حقوق الوطن أن يسعى كل فرد فيه للحفاظ عليه وتنميته وازدهاره، ليشعر جميع أفراده أنهم متساوون في الحقوق والواجبات، لا فرق بينهم ولا تمايز، فحب الوطن لا يكون بمجرد الكلمات والشعارات، بل هو مرتبط بسلوك الفرد المحب ارتباطا لا انفكاك منه، يلازمه في كل مكان، في حله وترحاله، في المنزل والشارع، في مقر عمله وفي سهوله ووديانه، فحب الوطن يظهر في احترام أنظمته وقوانينه، وفي التشبث بكل ما يؤدي إلى وحدته وقوته، حب الوطن يظهر في المحافظة على منشآته ومنجزاته.

 

وفي الاهتمام بنظافته وجماله، حب الوطن يظهر في إخلاص العامل في مصنعه، والموظف في إدارته، والمعلم في مدرسته، حب الوطن يظهر في إخلاص أصحاب المناصب والمسؤولين فيما تحت أيديهم من مسؤوليات وأمانات، حب الوطن يظهر في المحافظة على أمواله وثرواته، وحب الوطن يظهر في تحقيق العدل ونشر الخير والقيام بمصالح العباد كل حسب مسؤوليته وموقعه، حب الوطن يظهر في المحافظة على أمنه واستقراره والدفاع عنه، حب الوطن يظهر بنشر القيم والأخلاق الفاضلة ونشر روح التسامح والمحبة والأخوة بين الجميع، وأن نحقق مبدأ الأخوة الإيمانية في نفوسنا، وأن ننبذ أسباب الفرقة والخلاف والتمزق، وأن نقيم شرع الله في واقع حياتنا وسلوكنا ومعاملاتنا، ففيه الضمان لحياة سعيدة وآخرة طيبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” رواه مسلم.

 

ولقد اقترن حب الأرض في القرآن الكريم بحب النفس، ولقد بينت الآية شدة تعلق النفس السوية بوطنها، وأن الإبعاد عنه عقوبة مؤلمة، لذا جعل الشرع الحنيف الإبعاد عن الوطن عقوبة للمفسدين في الأرض، فقال الله تعالى فى كتابه الكريم ” إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض، ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم ” وقيل عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته وحنينهم إلى وطنهم مكة المكرمة، بأنه إن كان دعاة الوطنية يريدون بها، ويُعرف علماء القانون الواجب بأنه التزام قد يكون ذا طبيعة قانونية أو أخلاقية، وهو اللفظ المقابل للحقوق التي يحظى بها مواطنو الدولة، والذي يدل على الأخلاق والقوانين التي يجب على المواطن الالتزام بها داخل المجتمع، والتي تتمثل في الوفاء والإخلاص للوطن ومحبة المواطنين جميعا سواء اتفقوا معا أم اختلفوا.

 

وذلك بموجب ما يتمتعون به من خيرات مشتركة، وما يتعرضون له من خطر يهددهم جميعا، وبما يجعل الوطن لكل المواطنين، وكذلك المساهمة في خدمة المجتمع المحلي من خلال المشاركة المبادرات التي تعنى بنظافته وإعماره ونمائه وتحقيق التكافل الاجتماعي فيه، وأيضا الحفاظ على أمن الدولة وكف الأذى عن دماء المواطنين وأعراضهم وأموالهم، والاستعداد للتضحية بالأموال والأرواح في سبيل الدفاع عن الوطن، واحترام القوانين وعدم مخالفتها، والدعوة إلى تطبيقها ومجابهة كل من يخالفها، مما ينتج عنه حفظ المجتمع من الفوضى والتخريب، وكذلك أيضا الاهتمام بالاطلاع على القضايا المؤثرة في المجتمع، وعدم التهرب من دفع الضرائب والرسوم، والعمل على بناء الوطن ورفعته كل حسب ما يمتلكه من علم، وخبرة، ومعرفة، والمشاركة في قضايا المجتمع والدفاع عنها، وواجب حماية الحريات والدفاع عنها.

 

وحماية ممتلكات الدولة ومرافقها العامة وعدم تدميرها، وأداء الخدمات كالخدمة العسكرية، والتعاون بين أفراد المجتمع الواحد، لحماية الوطن من كل ما يهدد أمنه واستقراره، والمساهمة بشكل إيجابي في رفعة الوطن، باستخدام كل الطرق والوسائل المتاحة، وتضافر الجهود لغرس الانتماء للوطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى