مقال

الدكروري يكتب عن أهمية الأخلاق في الإسلام

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أهمية الأخلاق في الإسلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن للأخلاق أهمية كبرى في الإسلام، فالخلق من الدين كالروح من الجسد، والإسلام بلا خلق هو جسد بلا روح، فالخلق هو كل شيء، فقوام الأمم والحضارات بالأخلاق وضياعها بفقدانها لأخلاقها، فإن حسن الخلق يشمل كل جميل من الأقوال والأفعال، فهو كل مسلك مرضى شرعا وطبعا، في التصرفات كلها والتعاملات جميعها، وحسن الخلق هو الالتزام بالآداب الشرعية الواردة في النصوص من أطايب الأقوال وجميل الفعال وحميد الخلال وشريف الخصال، وحسن الخلق هو كل تصرف يقوم به الإنسان مما يكثر معه مصافوه، ويقل به معادوه، وتسهل به الأمور الصعاب، وتلين به القلوب الغضاب، فإن مواقف صاحب الخلق الحسن في التعامل كلها حسن ورفق وإحسان وتحلى بالفضائل وسائر المكارم، وإن من حسن الخلق على سبيل المثال لا الحصر هو بسط الوجه وطلاقته وبشاشته، وبذل المعروف وكف الأذى، واحتمال ما يكون من الآخرين من إساءة وزلل.

 

ومنه كظم الغيظ والبعد عن الفضول ومجانبة المعاتبة والمخاصمة واللجاج، ومن حسن الخلق تهذيب الألفاظ وحسن المعاشرة ولطف المعشر والبعد عن السفه ومجانبة ما لا يليق ولا يجمل ولا يسمع لصاحبه في المجالس عيبة ولا تحفظ له زلة ولا سقطة، فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما “القصد والتؤدة وحسن السمت جزء من خمسة وعشرينا جزءا من النبوة” وإن ذو الأخلاق الفاضلة تجده وقورا رزينا، ذا سكينة وتؤدة، عفيفا نزيها، لا جافيا ولا لعانا، لا صخّابا ولا صياحا، ولا عجولا ولا فاحشا، فيقابل تصرفات الناس نحوه بما هو أحسن وأفضل وأقرب منها إلى البر والتقوى، وأشبه بما يُحمد ويرضى، وإن من أعظم أنواع الخلق الحسن، هو خلق الحياء في الأقوال والأفعال، وكما قال ابن القيم، فهو أفضلها وأجلها وأعظمها قَدرا، وإن من أفضل الأخلاق وأجملها هو الإيثار وستر العيوب وإبداء المعروف والتبسم عند اللقاء.

 

والإصغاء عند الحديث، والإفساح للآخرين في المجالس، ونشر السلام وإفشاؤه ومصافحة الرجال عند اللقاء والمكافأة على الإحسان بأحسن منه، وإبرار قسم المسلم والإعراض عما لا يعني وعن جهل الجاهل بحلم وحكمة، وهكذا كل تصرف طيب يجعل كبير المسلمين عندك أبا، وصغيرهم ابنا، وأوسطهم أخا، فعلينا أن نتحلى بحسن الخلق وبسط الوجه وحب الآخرين، وما أجمل قول ابن حبان عندما قال، الواجب على العاقل أن يتحبب إلى الناس بلزوم حسن الخلق، وترك سوء الخلق، لأن الخلق الحسن يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد، وإن الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل، وقد تكون في الرجل أخلاق كثيرة صالحة كلها، وخلق سيئ، فيفسد الخلق السيئ الأخلاق الصالحة كلها، وهكذا فلو أبصر المرء عيوب نفسه لانشغل بها عن عيوب الناس، لأن المرء مطالب بإصلاح نفسه أولا وسيسأل عنها قبل غيرها.

 

وعن أبى هريرة رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم ” رواه مسلم، وقد ضرب العلماء مثالا بهذه النوعية من الناس بالغراب، الذي يمر ببستان جميل فيه الثمار والأشجار تجرى من تحتها الأنهار يمر هذا الغراب فلا يخرج من البستان إلا بدودة، أو كالذباب الذي لا يحط إلا على القاذورات فينقل الجراثيم والميكروبات، وهناك من هو كالنحل لا يحط إلا على أطايب الزهر جعلني الله وإياكم منهم، ويقول الله سبحانه وتعالى ” ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة” هكذا المؤمنون والمؤمنات، يقيمون الصلاة ويحافظون عليها في أوقاتها، ويقيمها الرجال في المساجد، ويحافظون عليها مع إخوانهم في الجماعة، ويسارعون إليها إذا سمعوا المنادي يقول “حي على الصلاة، حي على الفلاح” ويبادرون إليها في جميع الأوقات، والواجب على كل مؤمن أن يراقب الله في ذلك ويحذر مما ابتلي به كثير من الناس.

 

من أدائها في البيت، والتخلف عن صلاة الجماعة حتى شابهوا أهل النفاق في ذلك، فيصلي في البيت وقد عافاه الله، وربما أخر الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، إلى أن يقوم للعمل فيصلي، وربما تركها بالكلية، كما قال سبحانه وتعالى فى سورة النساء ” إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا” فالواجب على كل مسلم ومسلمة العناية بالصلاة التي هي عمود الإسلام، وهي أعظم أركانه بعد الشهادتين، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها ضيع دينه ولا حول ولا قوة إلا بالله، ومن المحافظة عليها ومن إقامتها الخشوع فيها وعدم مسابقة الإمام، فيقول الله سبحانه وتعالى ” قد أفلح المؤمنون الذين هم فى صلاتهم خاشعون” ويقول النبى صلى الله عليه وسلم “أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته” قيل يا رسول الله، كيف يسرق صلاته؟ قال لا يتم ركوعها ولا سجودها.

 

ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا قد أساء في صلاته، فلم يتم ركوعها ولا سجودها أمره أن يعيد الصلاة، وقال له إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها وكثير من الناس ينقرها نقرا، ولا شك أن ذلك منكر عظيم لأن من نقرها بطلت صلاته للحديث المذكور، فلابد من الطمأنينة في الركوع والسجود، والاعتدال بعد الركوع وبين السجدتين، مع الحذر من مسابقة الإمام، فإذا كنت مع الإمام فلا تسابقه، إذا كبر فلا تكبر حتى يكبر وينقطع صوته، وإذا قال “الله أكبر” راكعا، فلا تركع حتى يستوي راكعا وحتى ينقطع صوته، ثم تركع، وهكذا في السجود لا تسابق الإمام، ولا تكن مع الإمام، لا معه ولا تسابقه، لا هذا ولا هذا.

 

ويقول صلى الله عليه وسلم “إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف” ويقول صلى الله عليه وسلم “إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال سمع الله لمن حمده، فقولوا ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجد وهذا الأمر واضح بين لكل من وفقه الله تعالى، ولكن بعض الناس لا يصبر، بل يسارع ويسابق الإمام، فالواجب الحذر من ذلك، ومما يعين على المحافظة على صلاة الفجر في وقتها وعلى أدائها في الجماعة هو التبكير بالنوم وعدم السهر، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها، فالمشروع لكل مؤمن ومؤمنة بذل المستطاع في المحافظة على أداء الصلاة في وقتها وعدم السهر بعد العشاء لأن ذلك قد يسبب النوم عن صلاة الفجر، وينبغي أن يستعان بالساعة المنبهة على ذلك، كما ينبغي التعاون على ذلك بين الرجل وأهله في هذا الأمر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى