مقال

الدكروري يكتب عن التعاون علي الخير

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن التعاون علي الخير

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن المعاصي والشهوات والآثام والملذات كانت تعرض على الصالحين فلا يلتفتون إليها فكانوا يهددون بالموت فيختارونه فربهم أعظم عندهم من كل شيء، وهم مع كثرة أعمالهم وحسن أفعالهم إذا فجأهم الموت رجوا رحمة ربهم وخافوا من عقابه ولم يركنوا إلى أعمالهم، فلا بد من التناصح، والتواصي بالحق، والتعاون على الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل حلول العقوبة، ويقول سبحانه وتعالى بعد الأمر بالصلاة ” ويؤتون الزكاة” فالزكاة حق المال، يجب على المسلم أن يؤدي زكاة أمواله إلى أهلها، مخلصا لله، راجيا ثوابه، خائفا من عقابه، سبحانه وتعالى، وقد بين الله أهلها في قوله تعالى ” إنما الصدقات للفقراء والمساكين” ثم قال تعالى بعدها ” ويطيعون الله ورسوله” فبعدما ذكر سبحانة الصلاة والزكاة والموالاة بين المؤمنين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال “ويطيعون الله ورسوله” وهذا يعني في كل شيء.

 

كما يطيعونه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي الصلاة والزكاة، يطيعونه في كل شيء، هكذا المؤمن والمؤمنة، يطيعون الله ورسوله، في كل الأوامر والنواهي أينما كانوا، ولا يتم الدين إلا بذلك، ثم يقول تعالى ” أولئك سيرحمهم الله” فأوضح سبحانه بذلك أن الذين استقاموا على دين الله وأدوا حقه وأطاعوه، وأطاعوا رسوله صلى الله عليه وسلم وهم المستحقون للرحمة في الدنيا والآخرة لطاعتهم لله وإيمانهم به وأدائهم حقه، فدل ذلك على أن المعرض الغافل المقصر قد عرض نفسه لعذاب الله وغضبه، فالرحمة تحصل بالعمل الصالح والجد في طاعة الله والقيام بأمره، ومن أعرض عن ذلك وتابع الهوى والشيطان فله النار يوم القيامة، فإحرص على الخير، وبادر إليه وكن من أهله، وأحذر الشر وأبتعد عنه وعن وسائله وأسبابه، وعليك بسؤال ربك والضراعة إليه أن يمنحك العون والتوفيق، فهذه الدنيا هي دار الابتلاء والامتحان.

 

 

وهي دار العمل والإعداد للآخرة، فالله خلق الخلق ليعبدوه، وأرسل لهم الرسل وأنزل عليهم الكتب، وأعطاهم عقولا وأسماعا وأبصارا، وابتلاهم بالشياطين، من الإنس والجن، والشهوات، و لقد أمر الله عز وجل عباده المؤمنين بالثبات على هذا الدين القويم، والاستقامة عليه حتى الممات، وكان على رأس الخلق إمام الموحدين، وقائد الغر المحجلين سيد المرسلين المعصوم صلى الله عليه وسلم حيث قال الله له كما جاء فى سورة هود” فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير” فاستقم كما أمرت، فقد أحس صلى الله عليه وسلم، برهبتهه وقوتها حتى روي عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال مشيرا إليها “شيبتني هود وأخواتها” فالاستقامة هي الاعتدال والمضي على نهج الله دون انحراف، مع اليقظة الدائمة والتدبر الدائم، والتحري الدائم لحدود الطريق المستقيم، وقال أيضا سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة الشورى.

 

” فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم” وكيف لا؟ وقد جعل الله لمن آمن بدينه حقا، واستقام على طريقه صدقا، الفضائل العظيمة، والمنازل الرفيعة، والدرجات العلا في يوم تزل فيه الأقدام، وتخف فيه الموازين، ولا شك أن الاستقامة من أعظم المسؤوليات، وأوجب الواجبات، التي كلفنا الله عز وجل بها، وأن على المرء أن يبذل جهده ويسأل ربه العفو والغفران إذا ما قصّر أو أخل في حياته بشيء منها، قال الله عز وجل على لسان رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم كما جاء فى سورة فصلت ” قل أنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين” وإن مما يساعد على الإستقامه هو العلم، وأفضله بلا شك هو علم الوحيين الكتاب والسنة، الذي هو أفضل القربات إلى الباري عز وجل وهو تركة الأنبياء وتراثهم، وبه تحيا القلوب، وتعرف الشرائع والأحكام، ويتميز الحلال والحرام.

 

وهو الدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء، وهو الصاحب في الغربة، والحديث في الخلوة، والأنيس في الوحشة، وبه يعرف العبد ربه، ويوحده ولا يعبد غيره ويأنس به ولا يلتجأ إلى سواه، ورحم الله عمرو بن عثمان المكي يوم قال”العلم قائد، والخوف سائق، والنفس حرون بين ذلك جنوح خداعة، رواغة، فاحذرها وراعها بسياسة العلم، وسقها بتهديد الخوف يتم لك ما تريد، وإن من أهم ما يعين على الاستقامة هو مصاحبة الصالحين ومجالستهم وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم يوم قال “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل” رواه أبو داود، وكما أن الدعاء هو السلاح الخفي للمؤمن، وحقيقته هو إظهار العبد افتقاره إلى سيده ومولاه، وهو سمة من سمات المحسنين المستقيمين، فقال تعالى فى سورة الأعراف ” وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين” وليس شيء أكرم على الله من الدعاء، فهو من أجلّ

 

وأهم الأسباب الجالبة للاستقامة بإذن الله تعالى، كيف لا؟ والعبد يقرأ في كل ركعة من صلاته “اهدنا الصراط المستقيم” ومعنى اهدنا الصراط المستقيم، هو وفقنا يا رب إلى معرفة الطريق المستقيم المصل اليك، ووفقنا للاستقامة عليه بعد معرفته، فالمعرفة والاستقامة كلتاهما ثمرة لهداية الله ورعايته ورحمته، والتوجه إلى الله في هذا الأمر هو ثمرة الاعتقاد بأنه وحده المعين، وهذا الأمر هو أعظم وأول ما يطلب المؤمن من ربه العون فيه، فالهداية إلى الطريق المستقيم هي ضمان السعادة في الدنيا والآخرة عن يقين، ولكن هو صراط من؟ هو صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فهو طريق الذين قسم لهم نعمته، لا طريق الذين غضب عليهم لمعرفتهم الحق ثم حيدتهم عنه، أو الذين ضلوا عن الحق فلم يهتدوا أصلا إليه، إنه صراط السعداء المهتدين الواصلين، ورحم الله إمام أهل البصرة الحسن البصري.

 

كان إذا قرأ هذه الآية “فاستقم كما أمرت” كان يقول اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة، وعن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله مرني بأمر في الإسلام لا أسأل عنه أحداً غيرك؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” قل آمنت بالله ثم استقم” رواه احمد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى