مقال

الدكروري يكتب عن ثم استقاموا 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ثم استقاموا

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الاستقامة هى الإقامة والملازمة للسير على الصراط المستقيم الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، يهدي إليه كما قال تعالى فى سورة الشورى “وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم صراط الله الذى له ما فى السماوات وما فى الأرض ألا إلى الله تصير الأمور” إنه صراط واحد صراط الله وسبيل واحد يؤدي الى الله طريق التوحيد والعبودية لله وحده، فالماشي على الصراط المستقيم لا يحيد يمنة ولا يسرة فيضل ويقع في المتاهات، ولو تأملنا فى قوله تعالى كما جاء فى سورة فصلت ” إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون” لوجدنا إشراقات كثيرة منها ألا تخافوا من ردّ حسناتكم فهي مقبولة، ولا تحزنوا على ذنوبكم فإنها مغفورة، وألا تخافوا مما تقدمون عليه، ولا تحزنوا على ما خلفتم في الدنيا، وهذه التنزلات الملكية بالأمان من المخاوف ومن الأحزان.

 

وبالبشائر تتوارد عليهم وتتوالى وتتابع في جميع أحوالهم وفي حالات المخاوف، وأشدها عند الموت وفي القبر وعند البعث، ففي هذه المواطن الثلاثة المخيفة المغمّة يكونون في أمان وسلام ويستبشرون بالأمن والأمان من الرحيم المنان، وقوله تعالى “نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا” فكيف ذلك؟ وهو إن الملائكة أحباؤنا الذين يدعون لنا بالخير، ويلهموننا إياه ويحسّنون لنا الحسن، ويحذروننا من الشر حين كان الشيطان يزيّنه لنا، يدل على ذلك ما جاء في الحديث الشريف الذي رواه ابن مسعود رضي الله عنه “إن للشيطان لمّة بابن آدم، وللملك لمة فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق فمن وجد من ذلك شيئا، أي الإيعاد بالخير والتصديق بالحق فليعلم أنه من الله تعالى، فليحمد الله تعالى، ومن وجد الأخرى أي لمة الشيطان، فليتعوذ بالله من الشيطان، فيقول الله تعالى فى سورة البقرة.

 

“الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم” والملائكة يحضرون مجالس العبادة والصلاة وتلاوة كتاب الله، كما ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام مسلم “وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده” والملائكة هم معناإن كنا من أهل الاستقامة والثبات في الآخرة، فكيف ذلك؟ إنهم يكونون معنا في قبورنا، يلاطفوننا ويؤانسوننا، ويحتفون بنا، لئلا تعترينا وحشة في القبور، وفي الحشر والنشر، ويصاحبوننا في سيرنا على الصراط المستقيم حتى نصل إلى الجنة إن شاء الله تعالى، وتتلقانا ملائكة الجنة فندخلها بسلام وأمان فقال الله تعالى فى سورة الزمر ” وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين”

 

وهم الملائكة يشهدون للمؤمنين عند ربهم بطاعتهم وعبادتهم وأذكارهم وتلاوة كتاب الله، لأنهم معهم يشاركونهم، فيقول تعالى فى سورة غافر ” إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد” ومن جملة الأشهاد الملائكة عليهم السلام، فقد روى ابن ماجة عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة، فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة، وإن أحدا لن يصلي عليّ إلا عرضت عليّ صلاته حين يفرغ منها” وروى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول” ولقد بقي المصحف الذي كتب عند أبي بكر رضي الله عنه، ثم ذهب إلى عمر رضي الله عنه، ثم عند ابنته حفصة رضي الله عنها، وعندما تولى عثمان بن عفان رضي الله عنه الخلافة، اتسعت الفتوحات الإسلامية

 

وانتشر القراء في الأمصار، وكان كل مصر أى كل بلد يأخذ القراءة ممن جاء إليه من قراء الصحابة، فقد كان كل صحابي يعلم الناس بالحرف الذي تعلمه وسمعه من الحرف السبعة التي نزل بها على النبي صلى الله عليه وسلم، فمثلا كان أهل الشام يقرؤون بقراءة أبيّ بن كعب رضي الله عنه، وأهل العراق بقراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهكذا، فكان إذا اجتمع أهل الأمصار وقرأ كل واحد بما تعلمه، يُنكر بعضهم على بعض قراءته وقد يحصل بينهم نزاع وشقاق، ومن الصحابة رضي الله عنهم الذين لاحظوا اختلاف أهل الأمصار في القراءة، وما يحصل بينهم من شقاق وتجريح هو الصحابي حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، لمشاركته في الفتوحات الإسلامية التي شارك بها أهل الأمصار، فقرر الذهاب إلى عثمان بن عفان رضى الله عنه، وإخباره بما رأى، وأخبره بإدراك الأمة قبل أن يختلفوا، وعندما علم عثمان رضي الله عنه بالخبر.

 

فأرسل إلى السيدة حفصة رضي الله عنها، لترسل له بالمصحف الذي جُمع في عهد أبي بكر الصديق رضى الله عنه، ليقوم بنسخه عدة نسخ، وقد عيّن زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام رضي الله عنهم، لنسخ المصحف، فقاموا بنسخه عدة نسخ وإرسال كل نسخة إلى مصر، وإحراق ما سواها من النسخ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى