مقال

الدكروري يكتب عن مواجهة الكوارث والأزمات

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مواجهة الكوارث والأزمات

بقلم / محمــــد الدكـــــروري

 

إن هذه الآيات التى نراها اليوم ونسمع بها، وكذلك الحوادث التي تحدث فيها من قتل وسرقة وإغتصاب إنه تذكير للعباد بالغفلة والإبتعاد عن طاعة الله عز وجل وإتباع نهج النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم وكذلك الآيات فهي تذكير أيضا للعباد بعظمة الله وقدرته، فمهما وصل إليه علم البشر فيما يتعلق بمستجدات الحياة وضرورياتها فضلا عن كمالياتها، فإنهم لا يزالون على رغم ذلك كله، وسيكونون كذلك أبدا قاصرين ضعفاء ومساكين أذلاء، ولا يملكون لأنفسهم حولا ولا طولا ولا حياة ولا موتا ولا نشورا، وقد ظهر الفساد في البر والبحر، والفساد في البر بما يصيبوا الأرض من منع البركات، وغور المياه، وانحباس الأمطار، ويبس الأشجار وغير ذلك، وإصابة الثمار وكساد الأموال والتجارات وغير ذلك من أنواع العقوبات التي كلها نشاهدها، ولكن لا نعتبر ولا نبحث عن أسباب هذه العقوبات، بل منا وفينا وبين أظهرنا من يكتب.

 

ويقول ليست هذه المصائب وهذه الآفات بسبب الذنوب، إنما هذه كوارث طبيعية تجري بدون سبب من الناس، وهذه غفلة عن سنن الله الكونية وإعراض عن تدبر القرآن والاعتبار الذي أمر الله عز وجل به فيما يجري من الحوادث، ومع هذا يسرحون ويمرحون ولا ينكر عليهم ولا يمنعون من أقوالهم الباطلة ونشرها وكتابتها، وهذا ما يجري على أبناءنا من قبلنا فليس فيه عبرة ولا عظة وإنما هو عادة، وتحصل الكوارث وتقع المصائب وتتفشى الأمراض والمختصون بالصحة والسلامة وشؤونها يقفون عاجزين ضعفاء أمام ما يشاهدون ويسمعون ولا يستطيعون كشف الضر ولا تحويلا، ففي لحظات أو سويعات نرى أمة من الناس لا تشكوا مرضا بل قد يكونوا في كامل صحتهم وعافيتهم، ثم يكون الجمع هلكى لا تسمع لهم حسا ولا همسا، فلا إله إلا الله ما أجل حكمته ولا إله إلا الله ما أعظم تدبيره، سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء ويفعل ما يريد.

 

ولا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ولا غالب لأمره وإذا كان الابتلاء للمجتمع والأمة بشكل عام، سواء كان بالاختلاف والتفرق، أو الأزمات الاقتصادية، أو بتسلط العدو، أو بالأمراض والأوبئة، أو بالكوارث، وغيرها، سارع الجميع إلى التعاون والتراحم والتآلف، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقديم النفع، وسعى الجميع إلى رأب الصدع، وإصلاح الوضع، وقول كلمة الحق، وكذلك بذل كل واحد من الأسباب ما يستطيع، ونأى كل واحد بنفسه عن أن يكون سببا في إثارة النعرات، وإزهاق الأرواح، وسفك الدماء، وترويع الآمين، فيلقى الله وهو عليه غضبان وعلى الجميع التضرع إلى الله والدعاء بأن يرفع البلاء، ويلطف فيه، ويكتب الأجر والثواب وإن هذا الابتلاء الذي يتعرض له المسلم في حياته، بما فيه من مشقة وشدة، وعسر ومعاناة ، إلا أن فيه منحا إلهية، وجوائز ربانية، جعلها الله لعباده المؤمنين، وللمجتمع والأمة المسلمة.

 

فمن ذلك تكفير الذنوب والخطايا، ورفع الدرجات، وتطهير النفوس وتزكيتها، وربطها بخالقها، والتمكين والنصر، والتمييز والتمحيص، بين العباد، ومعرفة أهل الصدق، والصبر والإيمان، وكشف وفضح أهل الخيانة والكذب والنفاق، وعلى المسلم أن يبذل الأسباب الشرعية والمادية ليدفع عنه البلاء، فإذا ابتلي في جسده بحث عن العلاج، وإذا ابتلي في رزقه مشى في مناكب الأرض يبحث عن العمل، وإذا ابتلي بتسلط ظالم دفعه بكل الوسائل الممكنة، ولا يستسلم لذلك بحجة أنه ابتلاء، والسيئة هنا فى هذا الزمان هو ما يصيبهم الله عز وجل، في الأرض من القحط والجدب وغلاء الأسعار وغير ذلك، وتصيبنا هذه المصائب ونكثر من المهرجانات والملهيات وغير ذلك، مما يغفل الناس ويقصي القلوب ويعرض بالناس عن الالتفات إلى معالجة هذه الأمور بل يزيدون منها ويُزيدون، فلا حول ولا قوة إلا بالله، ولم يبقى إلا العقوبة المستأصلة.

 

لكن الله سبحانه وتعالى رءوف بالعباد يؤجلهم لعلهم يتوبون ففساد البر كما تعلمون وكما ترون الآن من انحباس الأمطار وغور الآبار، شح المياه الجدب في الأرض لا تجدوا البهائم ما ترعى لا تجد البهائم في الأرض ما ترعه تقتاد به أنتم السبب في هذا ذنوبكم أصابت البهائم عقوبتها، وكذلك البحر كما ترون ما يصوبه من الهيجان وما يسمونه بالتسونامي وما أشبه ذلك لا يسمونه باسمه الصحيح ويقولون هذا عقوبة من الله سبحانه وتعالى وإنما هو شيء عادي وطبيعي وكوارث طبيعية وأنا لا استغرب من هؤلاء لأن الغالب أنهم إما جهال وإما أنهم ليس عندهم إيمان ولكن استغرب سكوت عن هؤلاء فلا يمنعون ولا ينكر عليهم وما كأنهم فعلوا شيئا فقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم ” ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس” وهذا هو السبب بسبب ما كسبت أيدي الناس من الكفر والشرك والمعاصي والسيئات والمخالفات.

 

ليذيقهم الله عز وجل بعض الذي عملوا ليذيقهم شيئا من عقوبات أفعالهم لعلهم يرجعون، لعلهم يتوبون، لعلهم يتذكرون، لعل أولاة أمورهم يأخذون على أيدي سفهاءهم، ولعل أفرادهم يتوبون إلى الله، ولعل الآباء والأمهات يصلحون بيوتهم ويأخذون على أيدي من فيها من النساء والذرية، لعلهم يرجعون عما هم عليه، ولقد جبلت الدنيا على كدر، فكم من مصائب وكوارث وأزمات، يتعرض لها الإنسان في حياته، سواء كان ذلك في نفسه، أو في أهله وماله وأولاده، أو في جسده، أو في دينه، ومجتمعه وأمته، وقد يبتلى المرء في طعامه وشرابه وحريته، وهذا الابتلاء جعله الله سنة في خلقه لم يستثني منه أحدا، حتى أنبياءه ورسله الكرام، وهم أقرب الخلق وأحبهم إليه والمسلم يحتاج إلى أن يحسن التعامل مع الابتلاء، وكيف يستثمره ويستفيد منه، فيقوي إيمانه بالله عز وجل عندما يدرك أن قدر الله لا مناص منه، فيربي نفسه على التسليم والرضا بما قدر الله عز وجل.

 

فلا يكمل إيمان عبد، ولا يستقيم حتى يؤمن بالقدر خيره وشرّه، ويعرف أن من صفته تعالى أن يُقدر ويلطف، ويبتلي ويخفف، ومن ظن انفكاك لطفه عن قدره، فذلك لقصور نظره وعن الوليد بن عبادة قال دخلت على أبي وهو مريض أتخايل فيه الموت، فقلت يا أبتاه أوصني واجتهد لى؟ فقال اجلسوني، فلما أجلسوه، قال يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان، ولن تبلغ حقيقة العلم بالله سبحانه وتعالى حتى تؤمن بالقدر خيره وشره، قلت يا أبتاه وكيف لي أن أعلم ما خير القدر وشره؟ قال تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، وإن مما يخفى على كثير من الناس أن النعم ابتلاء، فيظنونها تكريما من الله لهم، لا اختبارا لشكرهم، فيسيئون استخدامها، ويغترون بها، ولا يبالون إن كان ذلك يسخط الرب أم لا، فيفسدون ولا يصلحون، وعلى الله يستعلون، وبالله ونعمه يجحدون، وبآلائه يكذبون، ومن هنا يستثمر العبد هذا الابتلاء بالتوبة والرجوع إلى الله، وترك الذنوب والمعاصي، والإقبال على الطاعات والعبادات، فتوبوا إلي ربكم يرحمكم الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى