مقال

الدكروري يكتب عن حرص النبي علي الأمة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن حرص النبي علي الأمة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن أهل الشهوات في شهواتهم الغالبة، يعتقدون أنها نافعة وهي مضرة، والعاقل منهم الذي تحقق له أنها مضرة، لكن كان أسيرا للشهوات، فإنه لا ينفعه علمه بالضرر الذي فيها، عن أن يسلك طريق النار فيقتحم فيها اقتحام الفراشة في النار مع علمه بأن فيها هلاكه، فكان الحديث الصحيح من أجل ما يبين رحمة النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة، وكيف أنه يحرص أشد الحرص على إنجاء الناس من النار، وإنما يهلك من هلك رغما عنه صلى الله عليه وسلم، فإذا آمن المسلم بالنبي صلى الله عليه وسلم، وجب عليه أن يطيعه، وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم، من طاعة الله، كما قال عزوجل “من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا” وقد بلغ حبه لهم وشفقته عليهم أنه يرق لحالهم فيحزن قلبه وتدمع عينه وتتفطر نفسه، ففي رواية ابن عمر رضي الله عنهما قال، اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم.

 

يعوده مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود، فلما دخل عليه فوجده في غاشية أهله قال، قد قضى، أي مات؟ قالوا، لا يا رسول الله، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم ولما رأى القوم بكاء النبي بكوا، فقال ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا وأشار بيده إلى لسانه” وكان صلى الله عليه وسلم، يعلم الجاهل منهم ويرشده بحب ويهديه بلطف ويلتمس له العذر، وكان أبعد ما يكون عن الأخذ بالعقوبة، فعن معاوية بن الحكم السلمي، رضي الله عنه، قال بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل فقلت يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم فقلت، وا ثكل أماه ما شأنكم تنظرون إليّ؟ فجعلوا يضربون على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت فما لامني صلى الله عليه وسلم، بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني، أي انتهرني.

 

ولا ضربني، ولا شتمني، قال صلى الله عليه وسلم “إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن” وإن رحمة الله تعالى بالخلق ظهرت رحمة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، للخلق، لذلك قال العلماء، إن أرحم الخلق بالخلق هو النبي صلى الله عليه وسلم، فهو أرحم بنا من أنفسنا، ولكن رحمة النبي صلى الله عليه وسلم، ليست رحمة الضعفاء البائسين فقط ولكنها رحمة الأقوياء الباذلين أيضا، ويقول الله عز وجل فى الحديث القدسى إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي، وهو الشيء الذي يتميز به المؤمن تميزا صارخا الرحمة في قلبه، وهى الرحمة التي اشتقها من الله عز وجل من خلال اتصاله به، وإن علامة إيمانك أن ترحم الخلق، وإن علامة إسلامك أن تكون وقافا عند حدود الله تعالى، لإن الفرق كبير بين المؤمن وغير المؤمن، فإن المؤمن يرحم والكافر يقتل، ويتلذذ إذا رأى مصائب الآخرين، ويتلذذ بقتلهم.

 

وإفقارهم وإذلالهم بينما المؤمن يتقطع قلبه رحمة بالخلق، لذلك فإن كان لك اتصال بالله تعالى ففي قلبك رحمة، وإن كان هناك انقطاع عن الله فالقلب قاسى، فهكذا كان النبى صلى الله عليه وسلم، هو نبى الرحمه فما رد سائلا يوما، وما كسر قلب فقير قصده رغم حاجته، وضيق يده، وكان يرى في نفسه أن غيره أحوج إلى ما في يده منه، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه “أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة فقالت، نسجتها بيدي لأكسوكها، فأخذها النبي صلى الله محتاجا إليها، فخرج إلينا وأنها إزاره، فقال فلان، إكسينيها ما أحسنها، فقال نعم، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم في المجلس ثم رجع فطواها فأرسل بها إليه، فقال القوم للرجل ما أحسنت، لبسها النبي صلى الله عليه وسلم، محتاجا إليها ثم سألته، وعلمت أنه لا يرد سائلا، فقال والله ما سألته لألبسها، وإنما سألته لتكون كفنا لي” وقال سهل راوي الحديث “فكانت كفنه”

 

وكان النبى صلى الله عليه وسلم يقبل تصرفات أصحابه، ويغض الطرف عن الشاذ منهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم ما يملأ عليه حياته، ويشغل باله الأمر الذي بعثه الله تعالى من أجله وهو هداية الناس، واستنقاذ نفوسهم من النار فكان لا يبالي في تحقيق هدفه وتبليغ رسالته، وأداء أمانته أن ينفق ماله كله ليكسب قلب إنسان ويستحوذ على حبه، فكان المال في يده يستميل به النفوس الشاردة ويستل به سخيمة القلوب الحاقدة، فعن ابن شهاب، رضي الله عنه قال “غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة وذكر خيلنا، قال فأعطى الرسول صلى الله عليه وسلم، صفوان بن أمية بن خلف مائة من النعم ثم مائة ثم مائة فقال صفوان، والله لقد أعطاني ما أعطاني، وإنه لأبغض الخلق إلي فما زال يعطيني حتى أنه لأحب الخلق إلي” وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعظم الناس خُلقا، وقد شهد الله تعالى، بذلك في كتابه الكريم، فقال تعالى “وإنك لعلى خلق عظيم”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى