مقال

الدكروري يكتب الإخلاص لمن يضحي

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب الإخلاص لمن يضحي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إنه ينبغي لمن أراد أن يضحي أن يطلب الإخلاص، ويبتغي وجه الله تعالى، وهو الذي يلتزم بالإمساك عن الشعر والأظفار، ولا يخرجه من ذلك أن يوكل فإن الذي يلتزم هو صاحب الأضحية الذي دفع ثمنها، هو صاحبها الذي يملكها، التي هي ملكه، ولا يلزم الحكم الأهل، والأولاد، ولا الجزار، ولا الوكيل، وتساق إلى محل ذبحها سوقا جميلا، وهذا من رفق الشريعة، وأن يحد السكين قبل الذبح، ولا يحد السكين أمامها، ولا يذبح شاة أمام أخرى، ويضجع الغنم والبقر على جانبها الأيسر، وأما الإبل فتنحر قائمة على ثلاث قوائم معقولة الركبة اليسرى لكي تقع إذا نحرت، ويقول تعالى “فإذا وجبت جنوبها” أي طاحت “فكلوا منها” وهكذا يطعم البائس الفقير، ولابد من استقبال القبلة، والتسمية والتكبير، ويستحب أن يذبحها هو، أو يشهد ذبحها، ولا بأس أن يستعين بمن يعينه، وقد جاء عن أبي الخير أن رجلا من الأنصار حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

أضجع أضحيته ليذبحها، فقال لرجل “أعني على أضحيتي فأعناه” فقال ابن حجر وأعان رجل ابن عمر في بدنته، قال عمرو بن دينار “رأيت ابن عمر ينحر بدنة بمنى وهي باركة معقولة، ورجل يمسك بحبل في رأسها وابن عمر يطعن” والتوكيل بذبحها للموثوقين من الجهات والهيئات لا بأس به، فقال القيرافي رحمه الله “كان الناس يتخيرون لضحاياهم أهل الدين” لأنهم أولى بالتقرب، فإن وكل تارك الصلاة استحب له الإعادة للخلاف في حل ذكاته، ولا يجوز أن يذبحها مشرك، ولا مرتد، ولا كافر من غير أهل الكتاب، والأكل منها سنة، كلوا وتزودوا وادخروا، وهذه الصدقة منها قلت أو كثرت عند الله بمقدار إلى النصف، والهدية من الأضحية مندوبة، وأجرة الجزار من غير الأضحية، فلا يعطيه جزء منها أجرة كما قال الإمام علي “أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه، وأن أتصدق بلحمها، وجلودها، وأجلتها، وأن لا أعطي الجزار منها، وقال نحن نعطيه من عندنا”

 

وفي رواية لمسلم “ولا يعطى في جزارتها منها شيئا”ولا يباع شيء من الأضحية لئن ما خرج لله لا يجوز أن يعود فيه الإنسان، ومن باع جلد أضحيته فلا أضحية له، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وله أن يبدلها بخير منها إذا أراد قبل ذبحها، والأصل أن التضحية في محل المضحي سواء كان في بلده، أو في موضع السفر، وأن توزع على فقراء البلد المحتاجين قياسا على الزكاة، ويجوز نقلها إذا استغنى أهل بلد المضحي، وكثرت فيه الأضاحي، ولكن أن تنقل الأضاحي من البلد بحيث تختفي السنة منه فلا، بل قد ذكر بعض أهل العلم قتال أهل البلد الذين يمتنعون عن هذه الشعائر جميعا، ولا بأس للمغترب عن أهله، ووطنه أن يوكل في شراءها، وذبحها في بلده، وتوزيعها على أقاربه والمحتاجين من أهل بلده، وإن هذه الأيام التي يسير فيها كثير من الحجاج إلى بيت الله الحرام تعظيما له، وجعل الله البيت مثابة للناس إذا انصرفوا منه يعودون إليه.

 

وعلق قلوب عباده به فلا يملون منه، فما يفتأون إذا رجعوا أن يذهبوا مرات ومرات، فسبحان من جعل في قلوب العباد الشوق إلى هذا البيت عبادة له، وتعظيما، يطوفون به، ويسعون، ويقفون بتلك المشاعر العظيمة من إرث أبيهم الخليل إبراهيم عليه السلام، وأبرز ما كان في دعوة الخليل إبراهيم ومواقف حياته هو التوحيد، ولأجله بني البيت ليعبد الله وحده لا شريك له، ويطاف بالبيت لله لا شريك له، ويوقف على تلك المشاعر توحيدا لله، ويدعى الله، ويهلل، ويكبر، ويذكر، ويكون الحلق، والرمي، وسائر العبادات لذكره سبحانه، وهذه الأعمال العظيمة التي يقوم بها الحجاج ابتداء من النية الطيبة، والإحرام، وعقد القلب على الدخول في النسك، وهذا هو الإحرام، عقد القلب، عقد النية في القلب على الدخول في النسك، وليس لبس المناشف إحراما، فقد يحرم في غيرها إذا عدمها، وإذا اضطر إلى غيرها فنسي ملابس الإحرام مثلا، ويقال عنه محرم.

 

وهو في غير المناشف، وقد يلبس المناشف ولم يحرم، فما هي هذه الملابس في الإحرام؟ فإنها إزار ورداء، والإزار معروف، والرداء معروف، من قبل الحج ومن بعد الحج، فهو عقد القلب على الدخول في النسك، هذه الأنساك الثلاثة، التمتع وهو أن يحرم بعمرة، ثم يتحلل منها، ثم يحرم بالحج، وكذلك الإفراد أن يحرم بالحج فقط، والقران إحرام واحد بعمرة وحج معا، وأفضلها التمتع، ومن لا يجد الهدي فلا يحرم نفسه أجر التمتع، فإن الله قد جعل له بدلا، فقال تعالى “فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجعتم” فيصوم الثلاثة في الحج، السادس، والسابع، والثامن، أو السابع، والثامن، والتاسع، وأيام التشريق يجوز أن تصام لمن لم يجد الهدي، وغير ذلك لا يجوز صيامها، إن القارن هو الذي يسوق الهدي من خارج منطقة الحرم، فيدخل به الحرم، ولا يعتبر توكيل المصارف، والهيئات سوقا للهدي، وبناء عليه، فالسنة لمن لم يسق الهدي.

 

أن يكون متمتعا وإلا مفردا، وهذا الهدي للحاج عبادة عظيمة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يهدي إلى الحج وهو في المدينة، وهذه عبادة وسنة مجهولة عند الكثيرين، إرسال الهدي إلى الحرم ليذبح هناك في وقت الذبح، ويوزع على الفقراء، والمحتاجين، ولا بأس أن يرسل بشيء منه إلى صاحبه، وأن يأكل من بعضه وكيله، وهذا الإرسال إلى مكة إلى الحرم بالهدي ليذبح هناك فعله النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يحج، فهو من العبادات، وعموما فإن الهدي للحجاج، والأضحية لأهل البلدان، والحاج الذي ليس له أضحية فيستطيع أن يأخذ من شعره، وأظفاره ما شاء حتى يحرم، ولا ينطبق عليه ما ينطبق على المضحي، فإن كان له أضحية فقال أنا أترك في بلدي أضحية لأهلي، وسأذهب للحج وأهدي هناك، فنقول إذن أنت تمتنع عن الشعر والأظفار حتى تذبح أضحيتك، ما عدا أخذ واحد وهو الأخذ من الشعر، للتحلل من العمرة للمتمتع فقط.

 

لأن التحلل من العمرة واجب، فإذا تعارض مع النهي عن الأخذ من الشعر والأظفار للمضحي فإن الواجب أولى وأعلى، ويقدم في هذه الحالة، ومن أحرم بالحج فيجب عليه أن يستمر فيه، ولا يجوز له قطعه، ويسن الاغتسال للمحرم حتى الحائض والنفساء لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر السيدة أسماء بنت عميس أن تغتسل لما ولدت، وأمر السيدة عائشة رضى الله عنها أن تغتسل لإهلال الحج وهي حائض، فأمر الحائض والنفساء بالغسل فهي سنة، ولو كان السفر سريعا كالذي سيذهب من مطار بلده، ويمر بالميقات فإذا اغتسل في بيته، وخرج مباشرة إلى المطار وسافر، وكان غسله قريبا من الإحرام فهذا طيب، فقد لا يتيسر له أن يغتسل في الطريق، ومن أراد الإحرام بالحج، فإنه ينزع جميع ملابسه، وهذا الإزار، وهذا الرداء، وقد أحدث الناس فيهما أشياء وبعضها لا يخرجه عن كونه إزار ورداء، كما يوضع شريط لاصق في مكان الحزام في الإزار.

 

فهذا لا يخرجه عن كونه إزارا، وأما إذا خاطه، وأغلقه فجعله كالقميص فهذا إحداث يخرجه عن كونه من ملابس الإحرام المسموح بها، فإن الممنوع هو المخيط، وليس المخيط ما كان فيه خيطان، وإنما المخيط هو المفصل على قدر الجسم، أو أحد أعضائه، ولذلك الجورب مخيط، والقفاز مخيط، والقميص الطويل والقصير والسراويل كلها من المخيط الذي لا يجوز لبسه للمحرم، وللمحرم أن يبدل الإزار بالرداء، والرداء بالإزار، وأن يبدل ملابس الإحرام متى شاء، ولو بدلها أكثر من مرة في اليوم، وأن يتجرد منها تماما عند قضاء الحاجة، أو عند الاغتسال، وله أن يتطيب قبل الإحرام، ولو استمر أثر الطيب لما بعد الإحرام، وللمرأة أن تلبس الجوارب، ولكن لا تلبس القفاز، ولا تلبس النقاب، لا تحت الغطاء، ولا أن يكون في الغطاء، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرم عن النقاب وهو المنقوب المثقوب من جهة العنينين وما شابهه.

 

ونهاها كذلك عن لبس القفازين، فتغطي كفيها بأكمام العباءة، وليس للإحرام لون يخصه للنساء، وأما الرجال فإن الأبيض هو الأفضل، وله أن يحرم في أي لون كان، ولا يشترط إلا إذا خاف من عائق يعيقه فيقول اللهم إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، يعني مكان إحلالي، ورجوعي، وخروجي من الإحرام حيث حبستني، فإنه إذا حصل مانع وعائق فإنه يحل، ولا دم عليه، وله أن يرجع، ولا ينس الحاج التلبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى