مقال

الدكروري يكتب عن فإن الله هو الحق

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن فإن الله هو الحق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن كل الناس وكل البشر وكل المخلوقات تفنى إلا الله عز وجل، فإنه سبحانه وتعالى باقى وسيبقى، لأنه وجوده حق سبحانه وتعالى، لكن وجودنا نحن نأتى ونذهب، فهو سبحانه القائل كما جاء فى سورة الرحمن ” كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام” وإن أسمائه سبحانه وتعالى وصفاته حق، فلا يوجد في أسمائه مدح زائد، ولا يوجد في أسمائه شيء لا يستحقه، وكذلك فإن شرعه حق، وشرع يره فيه الخطأ والصواب، وفيه الباطل والانحراف، وفيه النقص، وفيه الظلم، أما شرعه حق، وعدل، وكمال، وشمول، وكذلك فإن قوله عز وجل حق، ليس فيه كذب، ولا نقص، ولا خلل، فقال تعالى كما فى سورة ص ” فالحق والحق أقول ” وتقيم المفعول والحق أقول وأصل الجملة، أقول الحق، فتقديم المفعول يفيد الحصر، ويعنى ذلك أنه لا أقول إلا الحق، وقال تعالى ” والله يقول الحق” ونحن نقول حق وباطل.

 

والبشر يخطئون ويصيبون، فالله قول حق دائما، فقال تعالى كما جاء فى سورة الأنعام “وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ” فهو سبحانه وتعالى لا كذب، ولا ظلم، لا في شرعه، ولا في قدره، فقال تعالى ” وهو يهدى السبيل” فسبحانه، يهدي إلى سبيل الحق، والناس كثيرون، منهم يهدون إلى سبيل الباطل، وكل ما سوى الله باطل، ويهدي إلى باطل، إلا من دعا إلى سبيل الله، واستمد من الله تعالى، فيكون على الحق، والناس لا يعرفون في الحق إلا بنسبة إصابتهم من الحق الصادر عن الله، وكذلك فإن وعده تعالى حق لا يخلف، ولا يتخلف وعده، فقال تعالى كما جاء فى سورة يونس ” ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون” وقال تعالى كما جاء فى سورة إبراهيم ” وقال الشيطان لما قضى الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم ” ويقول ابن القيم رحمه الله “فكما أن ذاته الحق، فقوله الحق، ووعده الحق، وأمره الحق، وأفعاله كلها حق.

 

وجزاءه المستلزم لشرعه ودينه ولليوم الآخر حق، فمن أنكر شيء من ذلك فما وصف الله بأنه الحق المطلق من وجه، وبكل اعتبار، فكونه حقا يستلزم أن شرعه ودينه وثوابه وعقابه” فكيف كلها حق، وأيضا فإن ملك الله حق، فقال تعالى كما جاء فى سورة الفرقان ” الملك يومئذ الحق للرحمن ” فلا يبقى لأحد من المخلوقين لا ملك ولا ملك، لا يبقى له شيء، وإن لقائه سبحانه وتعالى حق، فالبعث حق لا شك فيه، فقال تعالى كما جاء فى سورة الأنعام ” ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ” وإن حساب الله عز وجل للإنسان حق لا ظلم فيه، فقال تعالى كما جاء فى سورة النور ” يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين” فإذن نجد أن كلمة الحق في القرآن الكريم والسنة كلمة متكررة، لها وزن كبير، ولها مدلولات عميقة، وبعد أن عرفنا تعريف الحق، وارتباط الحق بالله سبحانه وتعالى، ومن أسمائه الحق، فلنتعرف على صفات الحق.

 

 

فإنه لما خلق الله تعالى السموات والأرض، خلقهما بالحق، وأخبر أنه الحق، وأن شرعه حق، وأنه دعا العباد إلى سبيل الحق، ويريد الله للحق أن يحق، فإن من رحمة الله تعالى أن جعل للحق علامات، ولم يترك البشر يضطربون في معرفة الحق أو تركهم في حيرة، بل نصب الله للحق علامات، فهذه الكتب التي أنزلها، وهذه الرسل التي بعثها، وهؤلاء الدعاة الصادقين الذين قيّضهم، وهذه الأدلة التي ركزها في الفطرة، وفي القرآن الكريم، وفي الواقع للدلالة على الحق، حتى لا يكون لأحد حجة يقول ما علمت، ما دريت، فالحق له صفات، وصفات الحق جميلة، وتميزه عن الباطل، ولن يشتبه الحق بالباطل عند من يريد معرفة الحق، ويستمد من الله تعالى العون والتوفيق، ويسلك السبل التي أرشده الله إليها في معرفة الحق، أما من أغمض عينه، وأصم أذنه، فلن تملك له من الله شيئا، والشمس ساطعة في وضح النهار، لكن من تعامى عنها وأغلق عينيه لن يراها.

 

فقال تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” صم بكم عمى فهم لا يعقلون” وقال تعالى كما جاء فى سورة الأنعام ” أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به فى الناس كم مثله فى الظلمات ليس بخارج منها” فإن الحق إلهى المصدر، وإن أهم صفة للحق أنه إلهي المصدر، فمن أراد البحث عن الحق، فلا يمكن أن يبحث عن الحق في نظريات الغربيين والشرقيين مثلا، ولا في معامل الأبحاث والمختبرات، ولا يمكن أن يبحث عنه في آراء الناس، ولا يمكن أن يكون الحق في وسائل الإعلام، أو أن يبحث عن الحق في المصادر البشرية مثلا، وأعظم ميزه للحق أنه إلهي المصدر، ولذلك هناك أناس عندهم مشكلة حقيقة، يبحثون يذهبون، يأخذون، ينظرون، يقولون دعونا نرى ماذا لدى الهنود، والصينيين، والأوربيين، والغربيين؟ وماذا عند هؤلاء؟ وماذا عندهم؟ وهناك أناس تبحث، وتقرأ، ولربما ضاعت على أحدهم سنين طويلة وهو البحث.

 

وربما يموت ولم يصل بعد، لكن الذى يعرف أن الحق إلهي المصدر، لا يمكن أن يبحث عن الحق في غير المصادر الإلهية، والمصادر الإلهية هي الوحي، ليست عندنا مصادر أخرى، فالحبل الذي بيننا، وبين الله هذا الكتاب، وهذه السنة، فالذي يريد أن يبحث عن الحق خارج الكتاب والسنة ضال، ولن يصل، ويقول تعالى كما جاء فى سورة الأحزاب ” ولن تجد لسنتنا تبديلا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى