مقال

الدكروري يكتب عن إياكم وإيذاء المسلمين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إياكم وإيذاء المسلمين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن المسلم يدرك يقينا أن من مقتضيات كونه مسلما اجتهاده في أن يجعل حياته كلها موافقة لمراد الله ومراد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، فيعمر أيام حياته وسني عمره التي كتبها الله له في طاعة الله وعبادته والتزام شرعه، ويبتعد المسلم على أن تكون حياته حياة يبغضها الله ويبغضها رسوله الله صلى الله عليه وسلم، ويحذر المسلم أن تكون حياته حياة اللاهين، حياة الغافلين، حياة المعرضين، الذين لا يرجون لله وقارا، يسخّر جميع ما أنعم الله عليه في مراضي الله ومحابّه، ويحذر من أن يصرفها فيما يغضب الله ويسخطه، وهو مع ذلك كله لا ينظر في دنياه إلى كثرة الهالكين، ولا إلى كثرة الضالين عن الصراط المستقيم، ولا كثرة المبتعدين عن الجادة القويمة، لا ينظر إلى من باعوا دينهم بدنياهم، ولا من قدموا شهواتهم وملذاتهم على طاعة مولاهم، يستحضر قول الله تعالى كما جاء فى سورة الزمر.

 

” قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين” ثم هو يدرك أنه غير معصوم من الخطأ والزلل، فقد تقع منه المعصية والزلة والهفوة لكنه لا يجعل من معصيته لربه ولا من زلته وهفوته لا يجعلها سببا لكره الدين، ومعاداة أهله من العلماء والناصحين والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والدعاة إلى الله عز وجل، وإن الخاسر إنما هو يعترف بذنبه، ويقر بخطيئته، ويرجو رحمة ربه وعفوه ومغفرته، فالمسلم يعلم أن بعد الموت بعثا ونشورا وجزاء وحسابا وجنة ونارا، فهو يعمل لفكاك نفسه وخلاصها من النار، ويجتهد في أن يكون من أهل الجنة والرضوان، محسنا الظن بخالقه، عظيم الرجاء فيما عند مولاه، حذرا خائفا من عقابه وأليم عذابه، يعلم أن الحياة الحقيقية ليست الحياة الدنيا، بل الحياة الدنيا جبلت على أقذار وأحزان وآلام ومتاعب ومصائب، وأن الحياة الحقيقية إنما هي الحياة الآخرة.

 

والحياة الحقيقية حينما يدخل جنة الله ويقال له فيمن يقال لهم “يا أهل الجنة، خلود فلا موت” وإن إيذاء المسلمين ورد فيه وعيد شديد وعقوبة أخروية، فقال تعالى ” والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا” وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال، قال رجل يا رسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال “هي في النار” قال يا رسول الله فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصلاتها وصدقتها وأنها تصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال هي في الجنة” رواه احمد، وإن إيذاء الغير يشمل كل أذى حسي ومعنوي فيدخل في ذلك الاعتداء على مال الغير وأهله وولده ودمه والاستيلاء على أملاكه بغير وجه حق ويشمل أيضا الاستهزاء واللمز والسخرية بالغير، ومن الإيذاء الشائع الطعن في أنساب الناس والنقيصة لهم في المجالس.

 

على سبيل التشهي واللهو، ومن الإيذاء الذي يستهين فيه البعض التدخل في خصوصيات الأقارب والجيران وتتبع عوراتهم وإبداء الرأي في أحوالهم وإلقاء اللوم عليهم ونقد تصرفاتهم دون استشارة منهم أو إذنهم وعلمهم بذلك في الوقت الذي لا يسمح المتكلم لأحد التدخل في شؤونه، وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفضِ الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله” رواه الترمذى، وإن من صور الأذى أن يتفكه بعض الناس في المجالس بغيبة المسلمين والسخرية بهم ويجعل ذلك مادة للضحك والفرفشة وجذب الأنظار إليه واعتبار هذا السلوك من الظرافة وخفة الروح وهو مع تحريمه يدل على سفه العقل ونقص المروءة، ومن الأذى الشائع أن يقف الانسان في طريق.

 

أو مكان عام يراقب المارة ويتكلم عليهم ويضايقهم ويلمزهم ويؤذيهم بكل قبيح وقد نهى عن ذلك فعن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إياكم والجلوس في الطرقات فقالوا يا رسول الله مالنا بد من مجالسنا نتحدث فيها فقال” فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه” قالوا وما حقه قال ” غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” متفق عليه، ومن الإيذاء الذي يجهله بعض الناس التدخل في عمل الغير ومتابعته وتقويمه وهو لا يمت بصلة بهذا العمل من أي جهة وليس مسؤولا ولا مخولا بذلك فترى هذا الشخص إذا رأى موظفا في أي مجال تكلم عليه وأثار المسؤول عليه، وتدخل في شؤونه وأفسد عليه بينما كان الواجب عليه أن ينصحه إذا رأى تقصيرا واضحا بعد سؤاله والتثبت في ذلك، ومن الأذى الخطير الذي ينبغي على المسلم الحذر الشديد منه حسد الناس في أموالهم.

 

والتطلع لما في أيديهم وسؤال أهل الدنيا عن أحوالهم فإن ذلك يؤذيهم وينغص عليهم، ومن أعظم الأذى الذي يبتلى فيه بعض الجهال تنقص العلماء والحط من قدرهم ولمزهم واتهامهم في نياتهم وإخلاصهم والتطاول عليهم وجحد معروفهم وجهودهم في الأمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى