مقال

الدكروري يكتب عن الأذى الخفي بين الناس

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الأذى الخفي بين الناس

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من أعظم الأذى أن يكون لسان المسلم سفاحا يلعن المسلمين ويكفرهم ويبدعهم ويفسقهم لأدنى شبهة وأقرب مخالفة لمذهبه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر” رواه مسلم، وقد حذر من التكفير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه” رواه مسلم، ومن الأذى العظيم الذي يستخف فيه بعض النساء السفيهات التدخل في المشاكل الزوجية وإفساد المرأة على زوجها وتحريضها على نزع يد الطاعة، والخروج من بيت الزوج والنشوز عليه، ومن الأذى الخفي الذي لا يفطن إليه بعض الصالحين أن يبالغ في العقوبة ويفجر في الخصومة مع خصمه وينتصر لنفسه بالباطل ويتجاوز القدر الشرعي المأذون فيه وربما تعدى تصرفه إلى النيل من عرض الظالم والطعن في عرضه وتتبع عورته وإظهار فضائحه بينما كان المباح له أخذ الحق الشرعي.

 

والرد بالعقوبة المماثلة، وأفضل له أن يعفو ويصفح ويسامح ابتغاء رضا الله وثوابه، وإن بعض الناس هداه الله مؤذ في طبيعته معتد في طبعه لا يخالط أناسا إلا آذاهم ولا ينزل في مكان إلا حلت فيه المشاكل لا يطيقه أحد فهذا يجب عليه أن يستصلح نفسه ويكف شره فإن شق عليه ذلك أو تعذر فليعتزل الناس في اجتماعاتهم العامة إلا الجمع والجماعات يلزمه المداومة عليها، فقيل يا رسول الله أي الناس أفضل فذكر المجاهد ثم قال “مؤمن في شعب من الشعاب يتقى الله ويدع الناس من شره” متفق عليه، وهكذا فإن أنواع الأذى وصور الأذى التي جاء الإسلام لمنعها كثيرة، فمنها أذى محسوس، ومنها غير محسوس، وسيذكر بعض الصور الواردة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال “لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا يبِع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يحقره، ولا يخذله،

 

التقوى ها هنا، فأشار بيده إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه” وإن من تلك الصور الواردة في الحديث الشريف هو الحسد، حيث إن الحسد يوقع الشحناء والبغضاء في الصدور، وذلك كان خلق إبليس حين حسد آدم، والحسد هو تمني زوال النعمة من المسلمين، وهو في ذلك يعترض على أمر الله تعالى، وكذلك التناجش وهو أن يرفع التاجر سعر السلعة ليبيعها بسعر عالى دون سبب لذلك، وأيضا التباغض وهو أن يبغض المسلم أخاه المسلم لسبب من أسباب الدنيا، وكذلك الإعراض عن المسلمين ويعني أن يدير المسلم ظهره لحقوق أخيه المسلم كالنصرة والإعانة ونحوها، وأيضا البيع على بيع المسلمين كأن يقول المسلم لرجل قد اشترى شيئا من مسلم آخر دع ما أخذته منه وتعال لأبيعك خيرا منها، فإن ذلك مرفوض في الإسلام، وأيضا الظلم.

 

فالظلم حرّمه الله على نفسه وجعله محرّما بين عباده، وكذلك الخذلان وهي ترك الإعانة في المواقف التي تتطلب وقفة حقيقية، وأيضا التحقير وهو استصغار شأن المسلم، والوضع من قدره، وإن ذلك فيه إذلال لكرامة المؤمن، وإن من صور الأذى هى مضايقة المسلمين في طرقاتهم وأماكنهم العامة، ورمي النفايات فيها بلا مبالاة ولا احترام، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم “اتقوا اللعّانين، قالوا وما اللعانان يارسول الله؟ قال الذى يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم” رواه مسلم، وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن إماطة الأذى عن الطريق صدقة وأنها من شُعب الإيمان، كما أخرج الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال”مَن آذى المسلمين فى طرقهم وجبت عليه لعنتهم” ومن قواعد الإسلام العظام قول النبي صلى الله عليه وسلم “لا ضرر ولا ضرار” رواه أحمد وابن ماجة، بل حتى من كان له قصد صحيح فإنه لا يجوز له إن كان سيؤذي المسلمين.

 

وقد جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال عليه الصلاة والسلام له “اجلس فقد آذيت” رواه أبو داود، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكةَ تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم” رواه مسلم فدل على منع أذية المؤمنين ولو لم تكن متعمدة، ولو كانت لغرض مشروع، فيكف بالأذى المتعمد في موافقة هوى النفس وشهوتها، وإن للأذية صورا لا تكاد تتناهى، وعلى المسلم أن يتجنبها جميعا خاصة ما ورد النص عليه تنبيها لخطره وتعظيما لأثره، كما ورد في الغيبة والنميمة وأذية الجيران والخدم والضعفاء، فقال صلى الله عليه وسلم “من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفسه، فَأنا حجيجه يوم القيامة” رواه أبو داود، فإذا كان هذا في ظلم المعاهدين فكيف بمن ظلم إخوانه المؤمنين؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى