مقال

الدكروري يكتب عن تحريم أذية المؤمنين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن تحريم أذية المؤمنين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن أذية المؤمنين محرمة فالله عز وجل يقول فى سورة الأحزاب” والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما كبيرا” فلا يجوز ان يؤذي الانسان أحد من المؤمنين لا بالقول ولا بالفعل ولا بأية صورة من صور الاذية فبعض الناس سبحان الله عندهم هذا الطبع أي انه يؤذي غيره ويشعر كأنه لا يؤذي غيره، يؤذيه بالهمز واللمز وبالكلام السيء والفحش وأحيانا عن طريق المزاح الثقيل، والقاعدة في هذا الباب هو قول النبي صلى الله عليه وسلم” لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه” رواه البخارى ومسلم، إضافة الى انه على المسلم انتقاء الكلمات الحسنة كما قال الله عز وجل فى سورة الإسراء” وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن” وعلى هذا الذي يؤذي الناس عليه ان يستحضر انه آثم وأن حسناته تنتقل لمن اذاه، كما فقال عليه الصلاة السلام.

 

“ان المخلص من امتي من اتي يوم القيامة بصلاة وصيام وصدقة” واما من تأذى عليه ان يصبر ويتحمل وان لا يكون متحسس من أي كلمة يسمعها كما فعل انبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام فهم القدوة لغيرهم من البشر، فإن لم تستطع نفع المسلمين فلا تضرهم، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم “تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك” ولكن للأسف في هذه الأيام، انتشر كثير من الأخلاق المذمومة بين الناس، وخصوصا هؤلاء الذين يريدون الأذى والضرر لغيرهم، والعجب كل العجب أنه قد لا يستفيد شيئا، فقط يستريح لأذى الناس، ألا يعلم هؤلاء، أن مثل هذه التصرفات من أعظم الكبائر، ومن أعظم الموبقات التي يحاربها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فعن أبي موسى الأشعرى قال قلنا يا رسول الله أي الإسلام أفضل؟ قال عليه الصلاة والسلام “من سلم المسلمون من لسانه ويده”

 

إذن الشرط الأساسي أن تكون مسلما، أن تكف شرك عن الناس، ليس فقط باليد وإنما أيضا باللسان وجميع الجوارح، ولكن للأسف بعض الناس، وإن صام أو صلى، تراه يؤذى الناس، وكأنه يستمتع بذلك، ولا يبالي إطلاقا بإيذاء أقرب الناس إليه من أهل بيته وإخوانه، وجيرانه وسائر الناس، ومثل هذا يخشى عليه من عذاب الله تعالى، فانظر لعاقبة إيذاء الناس، ألا يجعلك ذلك أن تفكر مليا قبل أن تقدم على مثل هذه الخطوة الشنيعة، فعن أبي هريرة رضي الله قال “قال رجل يا رسول الله إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال هي في النار” فالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم لم يتردد لحظة في الرد بأنها في النار رغم صلاتها وزكاتها، إذن هذا وعيد شديد لمن اعتاد على إيذاء الناس، وإن كان من أهل الصلاة والصيام والصدقة.

 

فإن أذى الناس ليس باللسان أو باليد فقط، وإنما أيضا بالخوض في سيرهم، بالغيبة والنميمة، لذلك اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من يفعل ذلك، إنما آمن بلسانه ولم يؤمن قلبه، فقال عليه الصلاة والسلام ” يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتتبع عورات المسلمين تتبع الله عز وجل عورته، ومن تتبع الله عورته، يفضحه في بيته” فإن للمسلم عند الله حرمة وقدرا، ولجنابه احتراما وحماية وخطرا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ” لزوال الدنيا أهون عند الله من إراقة دم مسلم” رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة، فإذا كان إيذاء المسلمين ببعض الأمثلة التي مضت يُعد كبيرة من الكبائر وجريمة من المحرمات فما بالكم بألوان من الأذى يتضرر منه ملايين المسلمين ويقع بلاؤه على مجموع الأمة ؟

 

فإن الأذية كلما انتشرت دائرتها وتوسعت، كان إثم مرتكبها أعظم وعقوبته أشد، وإذا كانت اللعنة تحق على من يتخلى في طرق المسلمين وظلهم ويؤذيهم في طرقاتهم وهو لا يتعدى أفرادا معدودين فكيف بالذين يؤذون المؤمنين في دينهم وعقيدتهم وتصوراتهم، ويؤذون ألوف المسلمين؟ إنه أذى لله ورسوله كما قال الله تعالى في الحديث القدسي المتفق عليه “يؤذينى ابن آدم” وكما أن من أذية المسلمين هو خلط الحقائق وتلبيس الوقائع، وتسميم الثقافة والوعي، وقل مثل ذلك في مجال القيم والأخلاق والسلوك، وكم يتأذى عموم الناس بما يعرض من مقروء ومشاهد مما يصادم الذوق العام كما يصادم الفضيلة والفطرة؟ فضلا عن أصول الشريعة ومبادئها، أليس كل هذا أذية للمسلمين وتحد ظاهر لدينهم ومشاعرهم؟ حتى أصبح من يريد الحفاظ على نفسه وأسرته من الوقوع في الانحراف يعانى الكثير والكثير؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى