مقال

الدكرورى يكتب عن تنمية الموارد البشرية في الإسلام

جريدة الاضواء

الدكرورى يكتب عن تنمية الموارد البشرية في الإسلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن العبادة لغير الله عز وجل والدعوة إلى غيره والشرك به عز وجل، هو أعظم فساد في الأرض، بل إن فساد الأرض في الحقيقة إنما هو بالشرك به سبحانه وتعالي ومخالفة أمره، فالشرك والدعوة إلى غير الله تعالى وإقامة معبود غيره، ومطاع متبع غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو أعظم فساد في الأرض، ولا صلاح لها ولا لأهلها إلا بأن يكون الله وحده هو المعبود المطاع، والدعوة له لا لغيره، والطاعة والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم ليس إلا، ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض سببه توحيد الله تعالي وعبادته وطاعة رسوله، وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو وغير ذلك سببه هو مخالفة رسوله، والدعوة إلى غير الله ورسوله، وتقوم تنمية الموارد البشرية في الإسلام على أسس تدور حول الإنسان باعتباره الهدف الرئيسي.

 

لعمليات التنمية البشرية وبرامجها المختلفة وتقوم هذه البرامج على عدد من الأسس من أبرزها هو الاستخلاف، فقد اختار الله سبحانه وتعالى الإنسان ليقوم بمهمة الاستخلاف في الأرض، فإن من المهمات الشخصية، أنه يجب أن تكون لدينا مجموعة من الوصايا الصغرى تحدد طريقة مسارنا في حركتنا اليومية، وهي بمثابة مبادئ ثابتة، وهى أن تسعى لمرضاة الله دائما، وأن تستحضر النية الصالحة في عمل مباح، ولا تجادل في خصوصياتك، فالنجاح في المنزل أولا، وأن تحافظ على لياقتك البدنية، وألا تترك عادة الرياضة مهما كانت الظروف، ولا تساوم على شرفك أو كرامتك، واستمع للطرفين قبل إصدار الحكم، وتعود استشارة أهل الخبرة، ودافع عن إخوانك الغائبين، وسهل نجاح مرءوسيك وليكن لك دائما أهداف مرحلية قصيرة، ووفر شيئا من دخلك للطوارئ، وأخضع دوافعك لمبادئك، وطور مهارة كل عام.

 

وأسضا التنمية الشخصية على صعيد العلاقات مع الآخرين، وهى تحسين الذات أولا فإن في داخل كل منا قوة تدفعه إلى الخارج باستمرار، فنحن نطلب من الآخرين أن يقدروا ظروفنا، وأن يفهموا أوضاعنا وأن يشعروا بشعورنا، ولكن قليل من الناس من يطلب هذا الطلب من نفسه، وقليل منهم من يقدر شعور الآخرين ويفهم مطالبهم، فإن الأب الذى يريد من ابنه أن يكون بارا مطالب بأن يكون أبا عطوفا أولا، والجار الذى يريد من جيرانه أن يقدموا له يد العون يجب أن يبذل لهم العون وهكذا، وليكن شعارنا هو “البداية من عندى” فإننا بحاجة في كثير من الأحيان أن نعبر عن تقديرنا وحبنا للآخرين بشكل غير مباشر يفهمه الآخرين، وإن الإشارات الغير لفظية والتي تمثل عيادة المريض أو تقديم يد العون في أزمة أو باقة ورد في مناسبة أو حتى الصفح عن زلة لهو في الغالب أشد وأعمق تأثيرا فى النفس البشرية، ولا شك أن هذا الأمر بحاجة إلى معرفة.

 

 

ومران وتمرس لكي نتقنه، فما أجمل أن يصطفى الإنسان من إخوانه من يكون له أخا يستند إليه في الملمات ويعينه وقت الشدائد ويبوح له بما في نفسه، فيسقط معه مؤونة التكلف من جراء تلك المسافة القصيرة التي تقرب قلوبهم إلى بعضها، والإنسان بحاجة ماسة إلى هؤلاء، فقد أثبتت بعض الدراسات أن الذين يفقدون شخصا يثقون به وقريبا منهم لهم أشد عرضة للاكتئاب، بل وإن بعض صور الاضطراب العقلى تنشأ من مواجهة الإنسان لمشاق وصعوبات كبرى دون من يسانده، لذلك إن وجد الإنسان ذلك الأخ الحميم، فليحسن معاشرته، وليؤد حقوقه، وليصفح عن زلاته، وإن من الأقوال الرمزية، وهو أن كل شخص يولد وعلى جبهته علامة تقول من فضلك اجعلني أشعر أنني مهم، فكلما وقع اتصال بين الناس تناقلوا بينهم رسالة صامتة تقول فضلا اعترف بكياني، لا تمر بي غير آبه، فالإنسان مهما كان عبقريا وفذا وناجحا.

 

فإنه يظل متلهفا لمعرفة انطباع الناس عنه، وكثيرا ما يؤدى التشجيع إلى تفجير أفضل ما لدى الأمة من طاقات كامنة، وكان ذلك فعل النبى صلى الله عليه وسلم حيث وصف أصحابه بصفات تميزهم عن غيرهم، فإن اكتشاف الميزات التى يمتلكها الناس بحاجة إلى نوع من الفراسة والإبداع، وقبل ذلك الاهتمام، وتأهيل النفس للعمل ضمن فريق، فإن الواقع يشهد أننا نعيش في عالم يزداد فيه الاعتماد على المجموعات في إنجاز الأعمال، وذلك لتعقد المهمات في العمل الواحد، وحتى يرتفع مستوى الأداء والإنتاجية فى العمل، فإن كثير من الناس يعيش حالة من النمو الزائد في الفردية، فتجده ينجح في أعمال كثيرة تتطلب عملا فرديا، فإذا ما عملوا في لجنة أو مجموعة فإنهم يسجلون نتائج سلبية وغير مشجعة، ومردود ذلك على نهضة الأمة في منتهى السوء، وحتى يتأهل الإنسان للعمل ضمن فريق فإنه بحاجة لأن يتدرب على عدة أمور منها هو حسن الاستماع.

 

والإصغاء لوجهة نظر الآخرين، وفهم كلا من طبيعة العمل ودوره في ذلك العمل، وفهم الخلفية النفسية والثقافية لأفراد المجموعة التي يتعاون معها، والحرص على استشارة أفراد المجموعة فى كل جزئية فى العمل المشترك تحتاج إلى قرار، والاعتراف بالخطأ ومحاولة التعلم منه، وعدم الإقدام على أى تصرف يجعل زملاءه يسيئون فهمه، وعدم إفشاء أسرار العمل أو التحدث عن أشياء ليست من اختصاصه، والمبادرة لتصحيح أى خطأ يصدر من أى فرد من أفراد الفريق وفق آداب النصيحة، وتحمل ما يحدث من تجاوزات وإساءات من الأفراد واحتساب ذلك عند الله تعالى، وإذا تعذر عليه الاستمرار ضمن الفريق فعليه أن يفارقهم بإحسان وأن يستر الزلات، وهكذا فإن تطوير الذات وتنمية الشخصية هى هدف كل شخص يطمح إلى أن يكون الأفضل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى