مقال

الدكروري يكتب عن إياكم والدم المسفوح

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إياكم والدم المسفوح

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

ولقد تعرضت القيم الإيمانية على امتداد التاريخ لموجات متتالية من العبث وتيار جارف من الانهيار، ويتقوى المجتمع بتحصين القيم من ضرر يصيبها أو تيار جارف يهدمها، وذلك بتأسيس الجيل منذ نشأته على القيم وإبراز القدوات الصالحة للأجيال المؤمنة، والله تعالى يبين لنا نماذج من القدوة الصالحة، التي يجب أن تقدم للأجيال حتى يتخلقوا بأخلاقها، ويسيروا على نهجها أجل القدوات رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وإذا تكلمنا عن الحلال والحرام فإننا نقول بأن تحريم أكل الميتة يدفع الإنسان ليحافظ عليها وهي حية، فالحيوان إذا ذبح فهو لنا، فإذا مات فلغيرنا، وإن هناك شيء ثانى وهو أن الدابة إذا ماتت يحرم أن تأكلها، وهناك توجيه تربوي رائع أيها الإنسان احرص على حياتها، وعالجها من أمراضها، وأطعمها، واعتنى بها، فإذا ماتت خسرتها، ولا يسمح لك بأكلها، وهذا توجيه تربوي رائع جدا، فهذه البقرة مهما كان ثمنها المادى.

 

فإذا ماتت لا تستطيع أكلها أبدا ومصيرها إلى الدفن، ومعنى ذلك أنت من أجل أن تحافظ على ثمنها، وعلى مردوها، فعليك أن تعتني بها، ولو أنه سمح أن نأكل الميتة لما اعتنيت بها، تأكلها، ويقول ثمنها موجود، أما لأن الدابة الميتة لا تؤكل، ومحرم أكلها، فعليك أن تعتني بها، أن تطعمها، أن تعالجها من أمراضها، أن توفر لها حاجاتها، إذن أكبر دافع للإنسان كى يعتني بالحيوان أنه إذا مات هذا الحيوان حرم الله عليه أن يأكله، وهناك أشياء أخرى لا نعلمها الله يعلمها، أما إذا أمر الله بشيء فالأشياء من هذا الأمر لا تعد ولا تحصى، والإنسان يشتغل ويعرف بعض الحكم، ولكن ماذا يستنبط من كلمة ” أو دما مسفوحا”؟ فقيل أن هناك رجل كان سبب إسلامه كلمة ” أو دما مسفوحا” وهو أن الله عز وجل لم يقل دما، ولكن قال تعالى دما مسفوحا، فماذا نستنبط من كلمة دما مسفوحا؟ وهو أن الدم في الجسم يصفى عن طريق الرئتين، فالإنسان يستنشق الأوكسجين.

 

ويطرح غاز الفحم، وغاز الفحم من أين هو؟ هو نتائج احتراق المواد السكرية والدسمة في الخلايا البشرية بالأوكسجين، والأوكسجين يحرق المواد الدسمة والبروتينية، وفضلات غاز الفحم تطرح عن طريق الرئتين، والإنسان يتنفس أى تطهير دائم للدم من غاز الفحم، والكليتان ماذا تفعلان؟ تطهران الدم من كل السموم، والأوبئة، والسكر الزائد، فإن الكلية مصفاة ولكنها حية، وسائل فيه سكر وملح وبروتين، ومواد لا يعلمها إلا الله تعالى، وتختار النسب النظامية، سبعة بالألف سكر، بروتين، بوتاسيوم، والباقي بول، وأى نسب غير نظامية، أو سامة، أو مواد وفضلات تطرح في البول، إذن الكليتان تنقيان الدم، والرئتان تنقيان الدم، وملايين الغدد العرقية تنقي الدم، فهن ثلاث مصافى،الكليتان والرئتان والغدد العرقية وهذه كلها تنقى الدم، والدم يجرى فهو طاهر، أما إذا سفح الدم فصار نجسا، فالميتة حرمت لعلة بقاء الدم فيها، فالأصل هو الدم سبب التحريم.

 

والدم المسفوح أيضا، فإن الإنسان كل عوامل ضعفه، وعوامل المرض كلها في دمه، وأهل الجاهلية قبل الإسلام كان إذا جاع الرجل يأتي بعظم مدبب مؤنف مثل السكين يدخله في جسم الجزور وهى الناقة ويأخذ الدم فيشربه، وهذا شيء واقع في الجاهلية، حتى قال الأعشى وإياك والميتات لا تقربنها ولا تأخذن عظيم حديد فتفصد، وكان الإنسان في الجاهلية يدخل العظم المؤنف إلى جسم الدابة، ليشرب من دمها أي بمثابة غذاء، والدم محرم، وأما عن الحكمة من تحريم لحم الخنزير، فإن لحم الخنزير حرام، والخنزير يأكل اللحوم، ويأكل اللحوم القذرة، وأطيب أكلة عنده الجرذان، ويأكل الخنزير الميت، ويأكل الفطائس، واللحوم المتفسخة، فإذا جعلناه في مزارع وضبطنا غذاءه لا يصبح حلالا، لأن له وظيفة أخرى، ووظيفته أن ينقى الأرض من الجيف، وهذه وظيفته، فالإنسان لجهله صار يأكله، والحديث عن مضار لحم الخنزير.

 

وهو بأن فيه دودة شريطية تعيش في لحمه، وهناك أمراض كثيرة تنمو في لحمه، حتى لو شويته أو طبخته، ومع ذلك العلة الأقوى أن الله حرمه، وكفى المؤمن علة التحريم أن الله حرمه وانتهى الأمر، والله عز وجل سمح للإنسان أن يأكل اللحم الذى تطيب به نفسه، نهينا أن نأكل ما تعافه النفس، أما ما أهل به لغير الله أى إذا ذبحنا هذا الخروف على اسم غير الله عز وجل، وعلى اسم صنم، أو على اسم إله مفترى، أو على اسم شخص، هذا أهل أى ذبح لغير الله، أما ما ذبح على النصب، فلو توجهت إلى صنم وذبحت أمامه خروفا ولو بقيت ساكتا هذا حرام، إذا ذبحته بمكان بعيد عن الصنم من أجل هذا الصنم هذا أهل لغير الله به، أما إذا توجهت إلى الصنم وذبحته أمامه وأنت ساكت فحرام، لأنك ذبحته من أجله، فواحدة أهل لغير الله به، والثانية ذبح على النصب، كلاهما إشراك بالله عز وجل، والإنسان حين يقول الله أكبر، أى بمعنى يا رب هذا الحيوان خلقته لنا.

 

وذللته لنا، وسمحت لنا أن نذبحه لنأكله، ونحن نفعل ذلك باسمك، وإرضاء لك، وتنفيذا لشريعتك، فهذا معنى الله أكبر، فنحن لا نرتكب جريمة بذبح الخروف، فنقول الله أكبر، وأن الله سمح لنا أن نفعل هذا، وكما تعلمون بأن هناك غلو، وغلو في الإفراط وغلو في التفريط، وأن فى الإفراط هناك شعوب تأكل لحم الكلاب بآسيا، والقطط، وبسنغافورة الثعابين يوضع في أقفاص وهو حى يذبح ويسلخ ويقدم للشارى أطيب طعام، وقيل أنه هناك بلاد يأتون بالقرد وهو حي يقطعون قبة رأسه ويأكلون دماغه وهو حى، وهناك حيوانات تؤكل تعافها النفس، وهناك أناس حرموا اللحم كليا مثل المعرى، النباتيون، وهؤلاء غالوا وهؤلاء غالوا، والله عز وجل سمح لنا أن نأكل اللحم الذي تطيب به نفوسنا، وأما عن تفسير المتردية والموقوذة والنطيحة وما أكل السبع، فالمنخنقة وهي التي تموت خنقا، إما أن يلتف وثاقها حول عنقها، أو أن تدخل رأسها في مضيق فتموت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى