مقال

الدكروري يكتب عن الأخلاق الحميدة للمسلم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الأخلاق الحميدة للمسلم

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن المسلم يعلم أن كونه مسلما يقتضي منه أنه يحب محاسن الأخلاق، ويكره سيئها، ويبغض سفسافها، يحب الصدق، والتواضع، وإطابة الكلام، وطيب المعشر، وسلامة الصدر، وغير ذلك من الأخلاق الحميدة، ويكره أضدادها من الكذب، والكبر، وسوء المعشر، والفحش والتفحش، ويجاهد نفسه ما استطاع في ملازمة الأخلاق الحسنة والصفات الحميدة، والبعد عن الأخلاق السيئة والصفات الذميمة، ويصدق بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق” فإن شخصية المسلم هي من أرفع الشخصيات، فهو محب لهم، يلقاهم بوجه طليق، ناصح لهم، طبعه البر والوفاء، لا يغتابهم، يجتنب معهم الجدال والمزاح المؤذى، ويدعو لهم بظهر الغيب، يلتمس العذر لإخوانه في حال الغياب، يخالطهم لوجه الله حتى يظل تحت ظل عرش الله، وها هو المجتمع شاهد للمسلم.

 

فهو صادق مع كل الناس، لا يغش ولا يخدع ولا يغدر ولا يحسد، موفى بالعهد، متصف بالحياء، عفو متسامح غفور، طليق الوجه، خفيف الظل، يجتنب السباب والفحش وبذيء الكلام، لا يرمي أحدا بفسق أو كفر بغير حق، لا يتدخل فيما لا يعنيه، بعيد عن غيبة الناس والمشي بالنميمة، يجتنب قول الزور وظن السوء، حافظ للسر، متواضع لا يتكبر ولا يسخر من أحد، يعاشر كرام الناس، يحرص على نفع الناس، يعود المريض، ويشهد الجنازة، يدل الناس على الخير، ولا يظلم، ولا ينافق، ولا يرائي، ينفس على المعسر، يخضع عاداته كلها لمقاييس الإسلام، فعلى مثل هذه الأخلاق وهذه الصفات والمكارم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته من بعده، فكونوا كما كانوا، ولم تقتصر شخصية المسلم على هذا فحسب، بل تعداه إلى الطبيعة من حولِه وإلى كل كبد رطبة في هذا الكون، فلقد شخّص الإسلام المسلمين في جميع المجالات.

 

فهذه الصور الوضاءة المشرقة لشخصية المسلم كما أرادها الله والرسول صلى الله عليه وسلم والدين الإسلامي، شخصية بناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذها الأجيال من بعده، وأما نحن فقد ضيّعنا الكثير، ونسينا وتناسينا الكثير، وما نشهده اليوم من تخلف وفرقة وشحناء وقطيعة بين صفوف المسلمين لهو دليل على بُعد المسلمين عن عروة الله الوثقى، فنبتت فيهم المبادئ الأجنبية المستوردة، وتسربت إلى مجتمعات المسلمين سموم وآفات، فزُحزح كثير من المسلمين عن شخصيته الأصلية إلى أفكار غربية بغيضة، ولقد نجح أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في كثير مما خططوه، ولكن يمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين، إذن فلا بد من نصرة دين الله عز وجل كما وعد الله، فهل من عودة صادقة إلى مكارم الأخلاق؟ وهل من وقفة حقيقية مع النفس بالمصارحة والاعتراف بالخطأ والتقصير؟

 

فإنه لن ترد إلى شخصية المسلم قوتها وأصالتها إلا عودة صادقة إلى منهج الله الخالد، فتمسكوا بدينكم، والتزموا به عقيدة وعبادة، واجعلوا كتاب الله وسنة نبيه منهاجا لحياتكم الدنيا، وعندها فقط نكون أمة قوية واحدة عزيزة حرة، إنها أمة الإيمان، ويقول الله تعالى فى سورة الروم ” وكان حقا علينا نصر المؤمنين” ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم من السفر فيتلقاه الصبيان فيقف عليهم ثم يأمر بهم فيرفعون إليه فيرفع منهم بين يديه ومن خلفه ويأمر أصحابه أن يحملوا بعضهم ” رواه مسلم من حديث عبد الله بن جعفر، فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تلقى بنا، قال فيلقي بي وبالحسن وقال فحمل أحدنا بين يديه والآخر خلفه، وفي رواية قال عبد الله بن جعفر بن أبى طالب، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تلقى بصبيان أهل بيته وأنه قدم من سفر فسبق بي إليه فحملني بين يديه ثم جيء بأحد ابني فاطمة فأردفه خلفه”

 

وفي الصحيحين أن عبد الله بن جعفر قال لابن الزبير أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت وابن عباس ؟ قال نعم فحملنا وتركك” لفظ مسلم، وقال البخارى إن ابن الزبير قال لابن جعفر فالله أعلم، وكان يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له صلى الله عليه وسلم بالبركة وليسميه فيأخذه فيضعه في حجره فربما بال الصبي فيصيح به بعض من يراه فيقول لا تزرموا الصبي بوله فيدعه حتى يقضي بوله ثم يفرغ من دعائه له وتسميته ويبلغ سرور أهله فيه لئلا يروا أنه تأذى ببوله فإذا انصرفوا غسل ثوبه بعده ” رواه مسلم من حديث السيدة عائشة رضى الله عنها قالت” كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم فأتي بصبي فبال في عليه فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله ” وأصله متفق عليه، وفي رواية لأحمد ” فيدعو لهم ” وفيه ” صبوا عليه الماء صبا ” وللدارقطني ” بال ابن الزبير على النبي صلى الله عليه و سلم فأخذ به أخذا عنيفا”

 

ولأحمد بن منبع من حديث حسن بن علي عن امرأة منهم قالت بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم مستلقيا على ظهره يلاعب صبيا إذ بال فقمت لتأخذه وتضربه فقال ” دعيه ائتوني بكوز من ماء” وإسناده صحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى