مقال

الدكروري يكتب عن التختم بالفضة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن التختم بالفضة

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

إن التختم بالفضة فقد أباحه النبى صلى الله عليه وسلم، فقد روى الإمام البخارى عن ابن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق، والورق هو الفضة، وكان في يده، ثم كان بعد في يد أبي بكر رضي الله عنه، ثم كان في يد عمر رضي الله عنه، ثم كان بعد في يد عثمان، ثم وقع بعد في بئر أريس، أما المعادن كالحديد فلم يرد نص صحيح في تحريمها، لكنه ورد في صحيح البخارى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذى أراد الزواج من امرأة وهبت نفسها له كما جاء عن سهل بن سعد الساعدى ” التمس ولو خاتما من حديد” رواه الشيخان وغيرهما ولكن قيل إذا كان هناك أمراض جلدية وعلاجها الحرير فلا مانع، لبس الحرير لعلة علاجية من مرض جلدى لا مانع من ذلك، قد يسأل أحدكم ما حكمة تحريم الذهب والحرير؟ فهناك أهداف كثيرة، وأحد هذه الأهداف أن هذا الدين العظيم.

 

دين القوة والجهاد، ولبس الحرير والذهب من قبل الرجال يضعضع مكانتهم القوية، فاقتربوا إلى النعومة، وإلى التخنث، وإلى الاسترخاء، وإلى التجمل، فالذهب والحرير يضعفان فى الرجل قوته وجهاده وعزيمته، أو كأنه بالذهب والحرير ينافس النساء، ويتقرب إليهن، ويتشبه بهن، وأيضا هذا من الإسراف والتبذير وكل إنسان يبالغ في الإنفاق بشكل يستهلك هذه المواد التي أكرمنا الله بها استهلاكا غير مرشد فهذا يحكم عليه بالسفاهة، ولقوله تعالى كما جاء فى سورة الإسراء “وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا” ولقوله تعالى كما جاء فى سورة سبأ ” وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون” فإنه يوجد ثمانى آيات حصرا فى كتاب الله تعالى قرن الكفر بالترف، فإذا كان دخلك هكذا، وحاجتك الأساسية هكذا، طعام وشراب ولباس وبيت ومركبة.

 

وهناك فائض كبير، هذا الفائض يمكن أن تصل به في الجنة إلى أعلى عليين، لأما إذا استهلكته بأشياء تافهة لا تقدم ولا تؤخر في الحياة الدنيا، لو يعلم الغنى كم يرقى إلى الله بماله، وكم يحل آلاف المشكلات بماله، وكم يسعد بإنفاق ماله، لأخذ حاجته، وأنفق الباقى في سبيل الله، والله سبحانه وتعالى يعده وعدا أكيدا أن يخلف عليه ما أنفقه، وهكذا فإن موضوع الإسراف والتبذير موضوع يجب أن يعالج معالجة دقيقة، ويجب أن نعتقد اعتقادا يقينيا بقوله تعالى فى سورة الإسراء ” إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا” إذن فالكفار كانوا إخوان الشياطين، وذلك لأن الله تعالى حرم التبذير ونهانا عن الإسراف، ويؤكد سبحانه وتعالى بأن المبذرين كفار، فلذلك ينفق الإنسان كما أمره الله حين قال فى سورة الأعراف ” وكلوا واشربوا ولا تسرفوا” وهذا فى كل شيء، فاسكن في بيت، وارتد الثياب، وتناول الطعام.

 

وربى أولادك، وألبسهم، وأطعمهم، لكن بالمعقول، وبالاعتدال، من دون أن تفسدهم، من دون أن تجعلهم يتكبرون على الناس، فالإسراف يجب أن يعالج، فالإسراف في المباحات، والتبذير في المعاصي، فكما أن الله تعالى حرم التبذير فقد نهانا أيضا عن الإسراف، فيقولون غنى ولكن إذا كان معك أموال طائلة فهل يجب أن تستهلكها بأهداف خسيسة؟ فإن العامل الأكبر في بناء الحضارات وانتشار الإسلام في عصر النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الصالح إنما هو مكارم الأخلاق الكريمة التي لمسها المدعون في هذا الجيل الفذ من المسلمين، سواء كانت هذه الأخلاق في مجال التجارة من البيع والشراء، مثل الصدق والأمانة، أو في مجال الحروب والمعارك، وفي عرض الإسلام عليهم وتخييرهم بين الإسلام أو الجزية أو المعركة، أو في حسن معاملة الأسرى.

 

أو عدم قتل النساء والأطفال والشيوخ والرهبان فإن هذه الأخلاق دفعت هؤلاء الناس يفكرون في هذا الدين الجديد الذى يحمله هؤلاء، وغالبا كان ينتهي بهم المطاف إلى الدخول في هذا الدين وحب تعاليمه، ومؤاخاة المسلمين الفاتحين في الدين والعقيدة، فإن هذه الأخلاق أثارت إعجاب الباحث الفرنسي كليمان هوارت حيث يقول لم يكن محمد نبيا عاديا، بل استحق بجدارة أن يكون خاتم الأنبياء، لأنه قابل كل الصعاب التي قابلت كل الأنبياء الذين سبقوه مضاعفة من بني قومه، فإنه نبي ليس عاديا من يقسم أنه ” لو سرقت فاطمة ابنته لقطع يدها “ولو أن المسلمين اتخذوا رسولهم الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قدوة في مكارم الأخلاق لأصبح العالم مسلما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى