مقال

إسرائيل تكبر والعرب في قوارب الموت

جريدة الاضواء

إسرائيل تكبر والعرب في قوارب الموت

كتبت / زينب حوسو

 

لسنا وحدنا. ننتمي الى عرب مهزومين. لا تصدقوا الاعلام. إنه صانع الوهم ومعمم “سعادة البؤساء”. فلسطين ، المصابة بالموت الحيوي، لها اشقاء اشقياء، من المحيط الى الخليج.

 

لسنا وحدنا. طموحنا ان ننجو من المحتل الإسرائيلي . كنا نطمح ان ننجو بفلسطين راهناً. كم كنا اغبياء ومُدَّعون و”انقاذيون”. كومنا كلاماً هشاً وركاماً من المفردات. آمنَا بالتغيير. راهنا على المستحيلات. ثم وقعنا في الخذلان. الناجون هم المتسلطون. كل ما انتجناه، اننا عرّيناهم وفاحت رائحة فسادهم. لكن بعد قليل، أصبح العيب والعار والنهب والتطيف والسقوط والانعدام، من فضلات الصراع المصيري الأكبر، والانخراط في المعادلات العربية التطبيعية، ونراهن على الحل الأمريكي التركي العربي ( صفقة القرن ).

 

تباً، لا يوجد اغبى منا. يكذبون علينا ونحن نصدق. فلسطين ليست ضحية اميركا ولا هي ضحية إيران،

وقطر وتركيا والإنقسام في فلسطين أصبح يختبئ خلف هذا العهر . الحقيقة، ان تدمير فلسطين حصل بيد أحزابها وزعاماتها بلا استثناء، وبمعية إعلام، رتبته الاخلاقية، انه حذاء قذر يطأ العقول والنفوس. الإعلام، جبهات تصدير الاكاذيب، التي تتناولها “الجماهير” الحقودة، حزبياً، وتستعد للمنازلة، وهي تعوي من الفقر والجوع والقلة والمرض والموت.

 

مع ذلك لسنا وحدنا. بؤساء العرب منتشرون من المحيط الى الخليج. ومعظم طموحهم ان يخلعوا احذيتهم على أرض المطارات او على الشواطئ، ويتسللوا الى اوروبا المرتكبة والى اميركا، الطاعون الدولي وحاليا إسرائيل الشقيقة.

 

إذا قمنا بجولة على الشواطئ العربية المتاخمة للمتوسط، فماذا تلحظ؟ ولماذا لا يلحظ ذلك الإعلام “العربي”، الذي تُملى عليه الاخبار، من احذية الشرطة، وربطات عنق السفراء، وتجار الدم الذين يغسلون اياديهم من دمنا.

 

الشواطئ العربية النائية تعج بالمتسللين العرب اليائسين من “اوطانهم” وبالحالمين بالإقلاع الى المجهول الاوروبي، ولو كان الغرق يوافيهم مع الامواج.

 

عُدُّوا معي: هل تعرفون اننا كعرب نصدر شعوباً عبر قوارب الموت والغرق؟

 

فلسطين بسلطاتها ناشطة في نقل الفلسطينيين من جحيمهم الى سراب الضياع، إن سمح لهم البحر ومنحهم عفواً، فلم يغرقوا فيه. مدينة غزة تصدر العشرات عبر شواطئ البحار. الإعلام الفلسطيني اخرس. فقط، عندما تحل كارثة الغرق، يركض الاعلام، ثم يتشتت في تعريف الاسباب. الحق ايها الفلسطينيون، على الغرقى. هكذا قيل مراراً. هم ضربوا السفينة. لا هو. وقد غرقوا لأنهم، صنعوا الكذبة المناسبة.

 

فلسطين هذه برغم جحيمها العميم، هي احتفالية بائسة لموت ينام مع الفلسطيني في فراشه، الفلسطينيون أولاد زناة السماسرة.

 

الحق على مين؟ (ضع اسم العدو الذي يناسبك). فلسطين برمتها غارقة، ويعول على نجاتها، من خلال وهم اسطوري: فريق يراهن على إتفاقية ابراهام والمتصهينين الجدد وفريق يؤكد على الضد .

 

وبين هذا وذاك، يستمر الفلسطيني في العض على اللجام، ويروِّح عن مأساته من خلال رضاعته البز التنظيمي. والاثداء الحزبية معطاءة ولذيذة ومسكرة. وداعاً للعقل. انه نفايات فلسفية. فلنكن واقعيين. فلسطين هذه هي.

 

كل الطرق العربية في المستقبل يجب ان تمر بـ”إسرائيل” مفهوم؟ السلام يعني التسليم. طبعاً ليس لله. سلموا تسلموا، ويصبح اسلامكم مقبولاً وعلى رؤوس الاشهاد. وسترفع الأنخاب احتفالاً بـ”القدس” عاصمة عالمية، تديرها “اسرائيل”.

 

هل هذا وهم وخيال. جاك اتالي، قارئ المستقبل في كتبه الاخيرة. يتطلع ويتوقع، ان يصبح العالم معولماً بكامله. فلا اوطان من بعد، بل كيانات متصلة غير منفصلة، محكومة من مجلس عالمي، على ان تدار المناطق بحكومات محلية. لا تحيد عن استراتيجيات العولمة، وتكون “اورشيلم” عاصمة الكوكب المتحد.

هل هذه خرافة؟ أتمنى .

 

العرب البائدة، متناثرة. شعوبها في حالة يرثى لها. هل راجعتم مسيرة السودان. درة النيل الازرق؟ كانت تراثاً ثم كانت مستعمرة. ثم حصل على استقلاله فتحول الى مقتلة لكل اهل اليسار. الفكر ممنوع. العقائد ابليسية. السلاح وحده صادق. وتغير السودان. انقلابات، دكتاتوريات، اسلاميات، الى ان باع نفسه، مرة لمصر، ثم لإيران مقابل برطيل، ثم للسعودية… إنها لم تكن كذلك… هذه ليست دولة. شعبها نبيل وشجاع وذو تراث، ومقموع ومقتلع ومشلع، بين شمال مقيد بالعسكر، وجنوب “استقل” فتبعثر. جاره مصر. اخوه اللصيق، عدوه الدائم. تماماً كما الحال بين العراق وسوريا. وبين سوريا ونصف لبنان. لا أحد يشبهها. نحن النموذج الاكثر بشاعة وخسائره فادحة. مغنية مصرية كانت تغني زمن عبد الناصر: “يا مية مليون عربي بطل” لا تعليق. لعل كلمة “تنك” تكون قافية أكثر صدقاً. البطولة، لا نجدها بكل فخر، إلا في فلسطين. هل سمعتم، يا من تبقى من سلالات العرب؟

 

واهل السودان، يهاجرون.، بضاعة ناصعة للتصدير. ولكن بطرق سريعة عبر القوارب المنطلقة من شواطئ المتوسط. هذه بلاد تطرد سكانها، تماماً، كما هي فلسطين ، الذي تتباهى بأحقر ما عندها: فلسطين المقيمة وفلسطين المغتربة. الم يسأل أحد لماذا يتغرب الفلسطيني وغيره من العرب؟ لماذا أكثر من نصف العرب موزع ومشتت. يا للعار.

ليبيا انها المرفأ الكبير لهجرة العرب والافارقة. كان ذلك من زمن القذافي، وكتابه الاخضر. وجنونه غير المستتر. لا شك ان العرب ارتكبوا في تاريخهم اخطاء وفضائح. ولكن، مثل القرن العربي الفائت وهذا القرن كذلك. غنى طبيعي ويتبدَد وشعب نبيل يستعبد. ملوك ورؤساء وامراء “اشقاء”، مارسوا الاغتيال والاغتياب … آخر همهم. الاهتمام بالشعب وحاجاته. اول همومهم، كيفية ا٠خراس شعوبهم ونجحوا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى