مقال

الدكروري يكتب عن سكان الأرض والسماء

الدكروري يكتب عن سكان الأرض والسماء

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

إن السماوات لها أهلها وسكانها والله تعالي قادر على جمع سكان الأرض والسماء إذا شاء، وهذا البناء المحكم المحيط بالأرض، المحفوظ بقدرة الله تعالى من السقوط عليها أو الزوال عنها ألا يستحق خالقه ومدبّر أمره إفراده بالشكر والعبادة، وإن من الأسباب الموجبة لرحمة الله تعالي هو عبادة الله تعالى وتوحيده، فإذا كانت الحكمة البشرية تقتضي ذلك فأحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم، طالما استعبد الإنسان إحسان، فالإنسان عبد الإحسان، أفهذا المحسن إلى الإنسان خلقا وإيجادا، ورعاية ورزقا، ووهبه عقلا وعلما، وأرشده تربية وتهذيبا، وأحاطه بحفظه وعنايته ألا يستحق منه الشكر والعبادة، فإذا كان الجاهل يشطح به عقله وتلجئه أوهامه إلى تقديس بعض المخلوقات وتعظيمها وتوجيه العبادة إليها.

 

وهم مخطئون ومؤاخذون لأنهم لم يستخدموا عقولهم في البحث الصحيح وعلى النهج القويم في التدبر والتفكير، فإذا كان هؤلاء يؤاخذون، فكيف بمن أوتي العقل وبُلغ عن طريق الأنبياء والرسل أن لهذه المخلوقات خالقا، ولهذا الكون منظما، وإنه من أقبح القبائح وأشد المنكرات أن يعلم الإنسان حقيقة من الحقائق ثم ينكرها، بله أن يعمل على طمسها وإضاعة معالمها، وإن البشر جميعا يعلمون أن خالقهم غير هذه الجمادات التي يقدسونها، وأنه غير الزعماء الذين يعطونهم الولاء والتعظيم، ويعلمون أن المخلوقات مهما كان شأنها في التأثير على مصالحهم، ليست التي أوجدتهم من العدم وتتولى رعايتهم ورزقهم ثم تنهي أعمارهم وآجالهم، إذا كانوا يعلمون كل ذلك فلماذا يتخذونهم آلهة من دون الله، أو يشركونهم مع الله في التقديس والتعظيم.

 

وإن من المطالب البشرية، للاطمئنان على شئون الحياة، هو اهتمام التشريع الإسلامي بذلك في مصدريه كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، ليتضح لنا اهتمام القرآن الكريم بالعلاج النفسي المريح، قبل اهتمام علماء ومفكري العالم به، والفرق بين الاهتمامين أن الإسلام جاء لمصلحة النفس البشرية، وتوجيهها لما يسعدها، وأن المصلحة عائدة لهذه النفس في الأول والآخر، أما ما يضعه البشر من أنظمة، يخاطب بها ألباب الجماهير، وما تحمل من وعود ومطالب وخيالات، فإن هذه الأمور تتبدد كالسراب، لأن الواحد يسعى لنفسه حتى يحقق ما يطلب، ويصل إلى بغيته، حيث يتجاهل بعد ذلك وعده للآخرين بالسعي لمصالحهم، ويتنكر لما يطمئنهم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه الله رحمة للعالمين.

 

فقد كان قدوة صالحة في نفسه أولا، بمنهج السلوك والعمل، وبدعوته لتأصيل الإيمان، وتمكين العقيدة في الفئة المؤمنة، لأن ذلك مما يطمئن النفس ويريحها، وكما إن للخوف من الله عز وجل ثمرات عظيمة في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا، فالخوف من الله أولا من أسباب التمكين في الأرض، وزيادة الإيمان والطمأنينة لأنك إذا حصل لك الموعود وثقت أكثر، فالخوف من الله عز وجل يؤدي إلى التمكين في الأرض والانتصار على الأعداء، والخوف من الله ثانيا يبعث على العمل الصالح والإخلاص فيه، وعدم طلب المقابل في الدنيا، فلا ينقص الأجر في الآخرة،أي تضطرب وتتقلب، وهذا هو الذي دفعهم للعمل، يريدون النجاة ويحذرون الهلاك ويخافون أن يستلموا كتبهم بشمائلهم.

 

وأما في الآخرة، فأولا الخوف من الله يجعل الإنسان في ظل العرش يوم القيامة، فذكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث السبعة “ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل ذكر الله خاليا، ففاضت عيناه” والخشية الموجبة لدمع العين تؤدي إلى أن النار لا تمس العين يوم القيامة، وإن الموت هو الحقيقة الكبرى، فقد سأل الله عز وجل خليله إبراهيم عليه السلام عن الموت، فقال له كيف وجدت الموت يا إبراهيم؟ ومن هو إبراهيم؟ إنه خليل الرحمن، كيف وجدت الموت يا إبراهيم؟ فقال الخليل إبراهيم عليه السلام يا رب وجدت الموت كسفود موضوع بين صوف مبلول، أي كقطعة حديد شديدة الصلابة، وضعت في وسط صوف مبلول وجذبت هذه الحديدة بشدة، فقال الله تعالي لخليله إبراهيم عليه السلام أما إنا قد هونا عليك الموت يا إبراهيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى