مقال

الدكروري يتكلم عن إن الدين يسر

جريدة الاضواء

الدكروري يتكلم عن إن الدين يسر

بقلم / محمــــد الدكــــروري

 

إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو القدوة والأسوة، وسيد العباد والمؤمنين جامعا بين الدنيا والآخرة بقدر، يأكل الطعام، ويمشى في الأسواق, يجالس أصحابه، ويمازحهم, ويتزوج النساء, ويصوم ويفطر، ويقوم وينام، فمن رغب عن سنته فليس منه، وهذه الطوائف كلها لم تعرف حقيقة الإيمان، ولا قام بها ولا قامت به، فالإيمان هو معرفة ما جاء به الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم والتصديق به اعتقادا، والإقرار به قولا ونطقا، والانقياد له محبة وخضوعا، والعمل به باطنا وظاهرا، وتنفيذه والدعوة إليه بحسب الإمكان، وكمال الإيمان يكون بكمال الحب في الله تعالى والبغض فيه، والعطاء لله والمنع لله، ومنه محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم.

 

“لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين” رواه البخاري، ألا وإن من محبته صلى الله عليه وسلم محبة أتباعه والمتمسكين بسنته في كل زمان ومكان، واتباع أمره، وتحكيم سنته، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وألا يعبد الله سبحانه وتعالى إلا بما شرع، فقال تعالى في سورة الأحزاب ” وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا” فإن الإيمان هو حصن حصين من الشهوات، والمحرمات ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال “لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن” متفق عليه.

 

فالمؤمنون لهم الأمن في الدارين، أمن وسلام، وهداية وتوفيق في الدنيا، وأمن من المخاوف، وسلامة من المضائق يوم الفزع الأكبر، فيقول تعالى فى سورة الأنعام ” الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون” وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” قال الله أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر” فاللهم إهدنا واهدي بنا واجعلنا سببا لمن اهتدي، فنحن نعيش فى هذه الأيام فى توديع عام هجري قد انقضى، ويجب علينا الوقفه مع أنفسنا أولا حاسبوا أنفسكم اليوم فأنتم أقدر على العلاج من غدا، فإنكم لا تدرون ما يأتي به الغد، فحاسبوها في بداية عامكم وفي جميع أيامكم، فإنها خزائنكم التي تحفظ لكم أعمالكم، وعما قريب تفتح لكم فترون ما أودعتم فيها.

 

فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال “أيها الناس أن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم” وإن المؤمن بين مخافتين، وهما أجل أى عمر، قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه، وأجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الهرم ومن الحياة قبل الموت، وقال الحليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبته “أنكم تغدون وتروحون إلى أجل قد غيب عنكم فإن استطعتم أن لا يمضي هذا الأجل إلا وأنتم في عمل صالح فافعلوا” وقال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في خطبته ” أيها الناس حاسبوا أنفسكم اليوم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا وتأهبوا للعرض الأكبر على الله” وقرأ قول الحق سبحانه وتعالى من سورة الحاقة.

 

” يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ” وقال أحد السلف الصالح ” مثلت نفسي في الجنة آكل من ثمارها وأشرب من أنهارها وأعانق أبكارها، ثم مثلت نفس في النار آكل من زقومها وأشرب من صديدها وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لنفسي أي نفس أي شيء تريدين؟ قالت أريد أن أعود إلى الدنيا فأعمل صالحا، قال قلت فأنتي في الأمنية فاعملي” هكذا كان أحدهم يتخيل لنفسه النعيم حتى ينهض بنشاط وقوة على الطاعة، ويتخيل الجحيم حتى يرتدع وينزجر عن المعصية، فبهذا عباد الله أنصح نفسي وإياكم فكل من أراد أن يعين نفسه على الطاعة أن يتخيل أنه في نعيم الجنة يتخيل أنه في نعيم لا ينقطع ولذة لا تحول أبدى فإن تخيل هذا الخير العظيم والرغب في الوصول إليه يدفعك إلى أعمال الخير ويحثك على العبادة، ثم يتخيل أنه في النار بين حرها وزقومها وسلاسلها وصديدها بين عقاربها وحياتها فإن ذلك يزجره عن معصية كاد يخطو إليها ويرده عن فاحشة كاد يصل إليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى