مقال

الدكروري يتكلم عن التصديق الجازم بوجود الله

جريدة الاضواء

الدكروري يتكلم عن التصديق الجازم بوجود الله

بقلم / محمــــد الدكــــروري

 

لقد جاءت أول آيات المصحف وكتاب الله العزيز لتؤكد عالمية الإسلام, وأن الله تعالى رب لكل الناس وليس ربا للعرب أو المسلمين فقط, فقال الله تعالى في فاتحة كتابة ” الحمد لله رب العالمين” والعجيب أن سورة الفاتحة التي بدأها الله تعالى بتقريره للحقيقة الكبرى بأنه رب العالمين, تلك السورة أوجب الإسلام على المسلم قراءتها في كل ركعة من ركعات الصلاة فرضا كانت أم نفلا, وجعلها ركنا من أركان الصلاة تبطل الصلاة بتركه، بل جعل الله تعالي قراءة الفاتحة من أسمى سبل المناجاة بين العبد وربه, حيث قال الله تعالى في سورة الحاقة ” تنزيل من رب العالمين” ولأن الذي أنزل القرآن هو رب العالمين فقد أنزله هداية ونورا لكل العالمين, فقال تعالى في سورة الفرقان ” تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيرا”

 

كما قال تعالى في سورة القلم ” إن هو إلا ذكر للعالمين” وقال الإمام الزجاج معنى العالمين هو كل ما خلق الله وكما قال ابن عباس في قوله تعالى “الحمد لله رب العالمين” أي سبحانه وتعالي هو رب الجن والإنس وقال قتادة أي أن سبحانه وتعالي هو رب الخلق كله، فالتشريعات والتوجيهات القرآنية جاءت لإصلاح حال جميع الناس مسلمين وغير مسلمين ولو أن كل أهل الأرض طبقوا منهج القرآن في حياتهم لسعدت البشرية جمعاء، فإن الإيمان بالله عز وجل هو التصديق الجازم والإقرار الكامل، والاعتراف التام، بوجود الله سبحانه وتعالى وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، واستحقاقه وحده العبادة، واطمئنان القلب بذلك اطمئنانا ترى آثاره في سلوك الإنسان، والتزامه بأوامر الله تعالى، واجتناب نواهيه.

 

وأن رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم رسول الله، وخاتم النبيين، وقبول جميع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن ربه جل وعلا وعن دين الإسلام، من الأمور الغيبية، والأحكام الشرعية، وبجميع مفردات الدين، والانقياد له صلى الله عليه وسلم بالطاعة المطلقة فيما أمر به، والكف عما نهى عنه صلى الله عليه وسلم وزجر، ظاهرا وباطنا، وإظهار الخضوع والطمأنينة لكل ذلك، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبته إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال ” يا محمد أخبرني عن الإسلام ”

 

فقال له ” الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ” قال” صدقت ” فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال ” أخبرني عن الإيمان ” قال ” أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره ” قال ” صدقت ” قال ” فأخبرني عن الإحسان ” قال ” أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ” قال ” فأخبرني عن الساعة ” قال ” ما المسؤول بأعلم من السائل ” قال ” فأخبرني عن أماراتها ” قال ” أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء، يتطاولون في البنيان ” ثم انطلق فلبث مليا، ثم قال” يا عمر، أتدري من السائل ؟ ” قلت “الله ورسوله أعلم ” قال” فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ” رواه مسلم.

 

وهذا الحديث عظيم القدر كبير الشأن جامع لأبواب الدين كله بأبسط أسلوب وأوضح عبارة، ولا نجد وصفا جامعا لهذا الحديث أفضل من قوله صلى الله عليه وسلم ” فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ” وقد تناول الحديث الذي بين أيدينا حقائق الدين الثلاث الإسلام والإيمان والإحسان وهذه المراتب الثلاث عظيمة جدا لأن الله سبحانه وتعالى علق عليها السعادة والشقاء في الدنيا والآخرة ، وبين هذه المراتب ارتباط وثيق فدائرة الإسلام أوسع هذه الدوائر تليها دائرة الإيمان فالإحسان وبالتالي فإن كل محسن مؤمن وكل مؤمن مسلم ومما سبق، يتبيّن لك سر العتاب الرباني على أولئك الأعراب الذين ادّعوا لأنفسهم مقام الإيمان، وهو لم يتمكن في قلوبهم بعد، فيقول الله في كتابه “قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم” من سورة الحجرات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى